أخبار اليوم - قال قانونيون بريطانيون إن ملاحقة مزدوجي الجنسية الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي بتهم الضلوع بجرائم حرب في قطاع غزة، من شأنها أن تشكل تأثيرا رادعا لمن يفكرون بالالتحاق بصفوفه.
جاء ذلك بعد تقديمهم تقريرا إلى شرطة العاصمة البريطانية لندن يحتوي على أدلة تتعلق بـ10 بريطانيين خدموا في الجيش الإسرائيلي ويُشتبه بارتكابهم جرائم حرب.
وقدّم محامو "مركز القانون من أجل المصلحة العامة" و"المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان" تقريرا إلى وحدة مكافحة الإرهاب التابعة لشرطة العاصمة لندن، والتي تُعنى أيضا بالتحقيق في جرائم الحرب.
ويتناول التقرير الاتهامات الموجهة إلى 10 بريطانيين يُشتبه بانخراطهم في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال خدمتهم مقاتلين أجانب في الجيش الإسرائيلي.
وأشار التقرير إلى أن هؤلاء الأفراد تورطوا في جرائم بحق الفلسطينيين في غزة، بينها القتل، والتعذيب المتعمد، والتسبب بإصابات خطيرة، وسوء المعاملة، والتهجير القسري، والهجمات على المدنيين والعاملين في المجال الإنساني، وصولًا إلى الإبادة الجماعية.
وفي تصريحات لوكالة الأناضول، تحدث المحاميان مايكل مانسفيلد، وفرانك ماجينيس، إلى جانب النائب المستقل في البرلمان البريطاني أيوب خان، الذي دعم إعداد التقرير، عن توقعاتهم بشأن ما سيترتب على هذا التقرير من نتائج، وعن أثره المحتمل.
وقال المحامي مانسفيلد، المتخصص بمجال حقوق الإنسان والمعروف بـ"المستشار الملكي"، لتوليه قضايا حقوقية كبرى في بريطانيا، إن التقرير يُعدّ من الأهمية بمكان، بما يكفي لإثارة القلق لدى جميع المتورطين في جرائم حرب، سواء كانوا بريطانيين أو من جنسيات أخرى.
وأضاف "إذا كنت مواطنا بريطانيا وارتكبت جريمة حرب دولية، فأنت لست فوق القانون. هنا يتدخل القانون لإنصاف الضحايا".
وأوضح مانسفيلد أن الحكومة البريطانية التزمت الصمت إزاء جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل، لكن هناك وحدات في البلاد تتولى التحقيق في هذه الجرائم.
وأشار إلى أنهم قدّموا التقرير إلى الجهات المختصة للنظر في هذه الاتهامات المقدمة بحق 10 بريطانيين، قائلا "على كل من يرغب في الانضمام إلى جيش ما أن يسأل نفسه هل هذا العمل شرعي وقانوني؟ كثير من الجنود في الجيش الإسرائيلي رفضوا الخدمة لهذا السبب".
وأكد مانسفيلد أن المحكمة الجنائية الدولية تُجري تحقيقات ضد أفراد متورطين في جرائم حرب، مؤكدا "إذا كنت مشاركا في جريمة حرب، فستخضع للتحقيق، وإذا كنت بريطانيا، فستُعرض على محكمة بريطانية".
وأوضح أن هناك حالات مشابهة في دول أوروبية أخرى، مشيرا إلى أن بلجيكا بدأت إجراءات قانونية ضد أحد مواطنيها المنضمين إلى الجيش الإسرائيلي، دون ذكر هويته.
من جانبه، قال المحامي ماجينيس، المعروف بدفاعه عن حقوق المرأة، إن القانون البريطاني يحتوي على بنود تتيح محاسبة هؤلاء الأشخاص.
وأضاف "كما أن محاكمة مرتكبي الجرائم الجسيمة، من بينها جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، هو مبدأ أساسي. نحن ندعو الحكومة البريطانية إلى تفعيل الآليات القائمة وبدء محاكمتهم".
وأوضح ماجينيس أن ملاحقة المتورطين في هذه الجرائم الخطيرة، تشكل رادعا لآخرين قد يفكرون في الانضمام إلى الجيش الإسرائيلي، الذي لا يزال يرتكب مثل هذه الجرائم.
وأشار ماجينيس إلى وجود صعوبات كثيرة في محاسبة إسرائيل، إلا أن هذا الواقع بدأ يشهد بعض التغير، لكنه ذكّر في الوقت نفسه بأن خطوات مماثلة اتُّخذت في جنوب أفريقيا ضد مواطنين انضموا إلى الجيش الإسرائيلي.
وأردف: قد لا تبدو الحكومة البريطانية مستعدة لمحاسبة جنود الجيش الإسرائيلي، لكنها لن تتمكن من تجاهل الأدلة المتعلقة بمواطنيها، وستُضطر إلى مساءلتهم.
أما النائب المستقل في البرلمان البريطاني خان، وهو محامٍ أيضا، فقال "ما قمنا به كان يجب أن تقوم به الدولة. ولأن الدولة لم تؤدِ واجبها، فإن مراكز القانون والأفراد المعنيين بحقوق الإنسان هم من تولوا هذه المهمة".
وأعرب خان عن دعمه لهذه الخطوة، مؤكدا أن هذا التقرير ستكون له أصداء دولية، قائلا "نأمل أن يتم توقيف المتهمين البريطانيين واستجوابهم، وإذا رأت الشرطة أن الأدلة كافية، فستُحال قضاياهم إلى النظام القضائي".
وأضاف أنه إذا ثبتت إدانتهم بارتكاب جرائم حرب، فسيُحكم عليهم بالسجن المؤبد. وأن من يُدان بارتكاب جرائم حرب "لن تكون لديه فرصة للعودة إلى بلاده".
وأكمل خان أن هذا التقرير سيكون له تأثير عالمي، لأن الجيش الإسرائيلي لا يضم فقط بريطانيين، بل هناك أيضا مزدوجو الجنسية من أوروبا والولايات المتحدة، "وعلى الجميع أن يُدرك أنه لا أحد فوق القانون".
وتواصل إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حرب إبادة بغزة خلفت أكثر من 165 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود وسط مجاعة متفاقمة تخيم على القطاع المحاصر.