أخبار اليوم - يشكو مزارعو الغور الشمالي في محافظة إربد، من رفع العمالة الوافدة لأجورهم، ما دفعهم إلى عقد اجتماع في جمعية مزارعي الحمضيات التعاونية، بحضور عدد من عشرات المزارعين ورئيس الجمعية ومهتمين في القطاع الزراعي.
ووفق رئيس الجمعية عبد الرحمن الغزاوي، فإن "المزارعين يتعرضون حالياً في بعض المناطق الزراعية إلى استغلال واضح من قبل مجموعات من العمالة الوافدة، حيث يطالبون بأجور عالية تصل إلى دينارين ونصف الدينار للساعة الواحدة، وحد أدنى للعمل بواقع 10 ساعات، أي يومية تبلغ 25 دينارا لكل عامل، مما أدى، بحسب العديد من المزارعين، إلى تراجع العمل الزراعي وظهور حالة من الفوضى في القطاع".
وأبدى العديد من المزارعين، خلال الاجتماع، خشيتهم من تفاقم معاناة القطاع الزراعي، معتبرين في الوقت ذاته "أن استغلال العمالة الوافدة للمزارعين يأتي رغم تدني الربحية في القطاع".
وطالب الغزاوي، المزارعين، خلال الاجتماع، بـ"اتخاذ موقف واضح وثابت تجاه هذا التغول غير المقبول"، حيث أكد "ضرورة عدم دفع أكثر من دينارين للساعة الواحدة، وهو السعر الحالي الدارج لعمال المياومة، وألا تتجاوز ساعات العمل 8 ساعات، ومن يخالف ذلك من المزارعين سيعرض نفسه لمحاكمة أدبية من قبل إخوته المزارعين".
كما أكد الغزاوي "أنه خلال الأيام القليلة المقبلة، سيتوفر عدد كبير من العمالة الوافدة الجديدة، وعلى المزارعين إعطاء رواتب طبيعية كون أغلب العمالة من دون خبرة، ومعظم المزارعين يعانون من تكبد خسائر أو وجود أرباح محدودة، فيما كلفة العمالة مرتفعة نسبة إلى الأرباح والعائد على رأس المال".
التعامل وفق القانون
وأضاف "أن أي عامل سيبالغ في مطالبه الخاصة بالأجور سيتم التعامل معه وفق القانون من قبل المزارعين، وسيعرض نفسه للترحيل إن لزم الأمر".
وأشار الغزاوي إلى "ضرورة تشجيع الشباب الأردنيين وتحفيزهم للعمل في القطاع الزراعي من خلال تقديم دعم حكومي لرواتبهم الشهرية، ليكونوا بديلا مناسبا للعمالة الوافدة ولتخفيض نسبة البطالة المرتفعة".
وبحسب مزارعين، فإن "أجور الأيدي العاملة الزراعية، خصوصا الوافدة، ارتفعت خلال فترات ماضية بشكل كبير تجاوز الثلاثة أضعاف، نتيجة استغلال هذه العمالة حاجة القطاع الزراعي لها، والإجراءات الرسمية غير المدروسة، إضافة إلى عملية الاتجار بعقود العمل التي أصبحت تجارة رائجة في السنوات الأخيرة".
ويضيف المزارعون "أن اجتماع تلك الأمور معا، أدى إلى نقص الأيدي العاملة، ما خلق مشاكل عدة للقطاع الزراعي أسهمت في زيادة كلفة الإنتاج بحكم ارتفاع الأجور، وقاد إلى ضعف المنافسة في الأسواق الخارجية".
وفي الوقت الذي قال فيه وزير العمل، الشهر الماضي، إن عدد العمالة الوافدة تجاوز 800 ألف عامل، تشير أرقام وبيانات وزارة العمل إلى أن نسبة العمال الزراعيين إلى إجمالي عدد العمال الوافدين تزيد على 30 بالمائة، معظمهم من الجنسية المصرية بنسبة 97 بالمائة، يليهم العمال من الجنسية الباكستانية بنسبة 2.2 بالمائة، والبنغالية بنسبة 0.41 بالمائة، في حين أن العمال من باقي الجنسيات لا يشكلون سوى 0.4 بالمائة من إجمالي عدد العاملين في هذا القطاع.
كما تؤكد الوزارة أن ما يزيد على 60 بالمائة من العمال الزراعيين الحاصلين على تصاريح عمل قد تركوا العمل في قطاع الزراعة، وتوجهوا للعمل في باقي القطاعات بهدف الحصول على أجور أعلى من الأجور التي يتقاضونها في قطاع الزراعة، مما تسبب في إرباك العمل في هذا القطاع، كما تسبب في مطالبة أصحاب الحيازات الزراعية باستقدام المزيد من العمال لإحلالهم مكان العمالة المتسربة إلى باقي القطاعات.
نظام خاص ينظم العمالة الوافدة
ويوضح المزارعون أن نسبة العمالة الوافدة التي لا تعمل في القطاع الزراعي من مجمل العمالة الزراعية تزيد على 95 بالمائة، الأمر الذي يحتاج إلى نظام خاص ينظم العمالة الوافدة في القطاع الزراعي ويحد من تهربها إلى القطاعات الأخرى، خصوصا أن نسبة كبيرة منهم يستغلون إجراءات الوزارة السنوية بالسماح للعمالة الوافدة المخالفة بتصويب أوضاعها، مع إعفائهم من أي غرامات، لافتين إلى أن هذا الوضع شكل مكافأة للعامل المخالف، ما شجع الكثيرين على ارتكاب المخالفات والهروب للعمل في القطاعات الأخرى.
ويقول المزارع علي البشتاوي "إن العمال الوافدين أصبحوا يعون جيداً حاجة القطاع الزراعي لهم، لذا فإن معظمهم يلجأون للحصول على تصاريح عمل على مزارع مقابل مبلغ من النقود حتى لا يكونوا ملزمين بالعمل عند صاحب عمل محدد بالتصريح، ما يفسح لهم المجال للعمل على نظام اليوميات أو الساعة للحصول على مردود أكبر من عملهم عند رب العمل الأصلي مقابل راتب شهري محدد".
وأشار البشتاوي إلى "أن العامل الوافد أصبح سيد الموقف الآن، فهو يتحكم بالأجور، وقد يمتنع عن العمل إذا لم يحصل على الأجر الذي يريد"، مضيفا "للأسف، فإن الحكومة لن تستطيع فعل أي شيء حيال ذلك، والمزارع مضطر إلى تقبل هذا الوضع مكرهاً، وإلا فإنه لن يستطيع القيام بأي من الأعمال الزراعية التي تحتاج إلى عمالة، لا سيما مع غياب العمالة الزراعية المحلية".
وبحسب رئيس جمعية مزارعي وادي الريان مثقال الزيناتي، فإن "القطاع الزراعي بلا شك، يبقى أكبر المتضررين من وضع العمالة الوافدة، ذلك أن 30 بالمائة من ناتج المزرعة يذهب أجوراً للعمالة الوافدة".
ارتفاع كبير بالأجور
وأشار الزيناتي إلى "أن أجور العمالة الوافدة ارتفعت خلال السنوات الأخيرة بشكل كبير تجاوز 300 بالمائة، حيث كان العامل يتقاضى راتباً شهرياً يبلغ 120 دينارا، أما الآن فلا يقل راتبه الشهري عن 350 دينارا، فيما وصلت أجرة الساعة إلى دينارين، في الوقت الذي كانت فيه قبل سنوات 60 قرشاً، وكذلك اليومية (6 ساعات) وصلت إلى 20 دينارا، فيما كانت بخمسة دنانير قبل عشر سنوات".
كما أشار الزيناتي إلى "أن هذا الارتفاع كان أحد الأسباب الرئيسة في تراجع القطاع الزراعي خلال السنوات الأخيرة، لأن الكلف تضاعفت والأسعار بقيت على حالها، ما تسبب بخسائر كبيرة للمزارعين، الذين تخلى بعضهم عن أرضه لصالح العمالة الوافدة نفسها التي أصبحت تنافس المزارع الأردني وتشكل ضغوطاً كبيرة عليه"، مبيناً "أن مشاكل القطاع الزراعي مع العمالة الوافدة بحاجة إلى وقفة جادة من جميع الأطراف لضبطها وتصويبها بما يخدم جميع أطراف المعادلة الزراعية، ويتضمن ذلك تعديل قانون العمل بما يخدم صاحب العمل، وإنشاء محكمة عمالية للنظر في النزاعات العمالية".
ومن الجدير بالذكر، أن عدد العمال الوافدين الحاصلين على تصاريح عمل يبلغ قرابة 270 ألف عامل، منهم حوالي 75 ألف عامل يحملون تصاريح عمل زراعية، بينهم حوالي 20 ألف عامل صدرت تصاريح عملهم من مديريات وادي الأردن.
الغد