أخبار اليوم - اضطرت بلديات محلية في غزة إلى تقنين كميات المياه الواصلة إلى منازل المواطنين وخيام النازحين الواقعة في نطاقها، لمواجهة أزمة نقص الوقود الناجمة عن الإغلاق الإسرائيلي المشدد لمعابر ومنافذ القطاع منذ 45 يومًا.
ويقول متحدثون محليون إن أزمة المياه في غزة تعود لعدة أسباب، منها: تدمير جيش الاحتلال لآبار المياه والشبكات الأرضية، وقطع الاحتلال خط المياه الرئيس (مكوروت) الواصل إلى عدة محافظات، إضافة إلى نقص الوقود اللازم لتشغيل الآبار والمولدات الكهربائية، عدا عن تكدس أعداد المواطنين والنازحين في مناطق سكنية محددة، وسيطرة جيش الاحتلال على مناطق أخرى كمحافظة رفح مثلًا.
في المقابل، اشتكى مواطنون ونازحون في أحاديثهم لمراسل "فلسطين" من نقص إمدادات المياه خلال أيام الأسبوع، الأمر الذي فاقم من معاناتهم وأزماتهم الحياتية وسط "حرب الإبادة الإسرائيلية" على غزة المستمرة منذ عام ونصف.
وبأوامر من رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، أغلق جيش الاحتلال في 2 مارس/ آذار الماضي معابر القطاع أمام المساعدات الإغاثية والغذائية والطبية والبضائع، وتنصل من اتفاق وقف إطلاق النار الذي أُبرم برعاية مصرية وقطرية وأمريكية.
خطوات معقدة
وأوضح مدير دائرة المياه في بلدية النصيرات، م. محمد الجدي، أن بلديته لجأت كخطوة قسرية إلى تقنين كميات المياه الواصلة إلى أنحاء المخيم المكتظ بالنازحين.
وبيّن الجدي أن هذه الخطوة، المتمثلة في "ضخ المياه في الشبكة ليوم واحد فقط"، جاءت بعد نفاد مخزون الوقود الذي أعدّته البلدية خلال المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار (19 يناير - 2 مارس)، منوهًا إلى أن الكمية المتبقية لا تكفي إلا لأيام قليلة.
وأشار إلى صعوبة التعامل مع الأزمة القائمة منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، وصولًا إلى تدمير الاحتلال خط المياه (مكوروت) شرق المحافظة الوسطى، ورفضه السماح للمؤسسات الدولية بإصلاحه وإعادة تأهيله.
ونوّه إلى أن المناطق السكنية الواقعة غرب طريق صلاح الدين على امتداد القطاع، باتت مكتظة بأعداد كبيرة من النازحين من المناطق الشرقية التي تشهد عمليات عسكرية إسرائيلية، وهو ما أوجد أزمة كبيرة ومعقدة يصعب التعامل معها.
وتطرّق إلى منع الاحتلال إدخال المولدات الكهربائية ومعدات الصيانة اللازمة لتشغيل خطوط وآبار المياه، ما زاد من تعقيد الأزمة القائمة.
وذكر الجدي أن بلديته، كغيرها من بلديات القطاع، لا تزال على تواصل مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" واللجنة الدولية للصليب الأحمر، بهدف تزويدها بالوقود أو المولدات الكهربائية أو قطع الصيانة، لكنها ترد دائمًا بأن "المنع الإسرائيلي" يحول دون ذلك.
أزمات معيشية
وبغضب، تحدّث خليل النباهين (55 عامًا)، النازح من شرق مخيم البريج إلى مخيم إيواء وسط مخيم النصيرات، عن الأزمات المعيشية والصحية والإنسانية التي يعيشها المواطن المحاصر داخل القطاع.
وقال النباهين، الذي يعيش في خيمة قماشية: "لا زلنا في دوامة أزمات أوجدتها هذه الحرب: الطعام، الشراب، الدواء، الخيام، القصف، والقتل، وغيرها".
وتطرّق إلى أزمة المياه داخل مخيمه الذي يضم عشرات الأسر النازحة من بلدة جحر الديك ومخيم البريج، وتساءل: "لمن ستكفي كمية المياه التي تصل للمخيم يومًا واحدًا في الأسبوع؟"
وأضاف: "نقضي أيامنا في البحث عن الطعام والمياه الصالحة للاستخدام والمياه الصالحة للشرب".
في حين، اشتكى المواطن أسعد العصار (35 عامًا) من أزمة المياه بعد تكدّس منزل عائلته بأقربائه النازحين من محافظة رفح.
وأوضح العصار أن أزمة المياه باتت "صعبة جدًا" وسط تكدّس المنزل بأعداد كبيرة من النازحين، دون أي أفق لحلول لأزمات غزة، التي حوّلتها الحرب إلى "منطقة منكوبة بالكوارث والأزمات"، حسب تعبيره.
وبحسب متحدث الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، توماسو ديلا لونغا، فإن نقص المياه في غزة يؤدي إلى ارتفاع معدلات الأمراض، لا سيما بين الأطفال.
أما المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، فأكد أن الاستهداف الإسرائيلي المتواصل والمنهجي والواسع النطاق لمصادر المياه ومحطات التحلية في القطاع، يُظهر أن (إسرائيل) تتخذ من "التعطيش" سلاحًا آخر ضد المدنيين الفلسطينيين.
وأوضح المرصد الحقوقي أن الاحتلال يتعمد تقليص مصادر المياه المتاحة لسكان غزة، وخاصة المياه الصالحة للشرب، ويفرض المجاعة ويتسبب عمدًا في إهلاك أكثر من 2.4 مليون نسمة، في إطار جريمة الإبادة الجماعية.
فلسطين اون لاين