تعيش العاصمة البريطانية لندن حالة من التأهب القصوى تحضيرا لحدث تاريخي، وهو حفل تتويج الملك تشارلز الثالث بشكل رسمي يوم السبت السادس من مايو/أيار المقبل، وهو الحفل الذي بدأ التحضير والتخطيط له مباشرة بعد وفاة الملكة إليزابيث الثانية يوم الثامن من سبتمبر/أيلول 2022.
وكما كانت جنازة الملكة الراحلة تاريخية وأطلقت عليها وسائل الإعلام "جنازة القرن" نظرا إلى الطريقة التي تم بها تشييع الملكة، والحضور الوازن من كل أصقاع العالم فكذلك من المتوقع أن يكون حفل تتويج الملك "تاريخيا" بكل المقاييس رغم غياب بعض زعماء العالم، وفي مقدمتهم الرئيس الأميركي جو بايدن.
وسيكون حفل التتويج حافلا بالرموز والتقاليد والأعراف الممتدة لقرون وبالكثير من اللقطات المبهرة، ومن أكثر الأشياء التي ستشد الأنظار التيجان التي سيرتديها الملك، وكذلك العربة الملكية الذهبية التي ستنقله من كنيسة وستمنستر (المكان التقليدي لتتويج ملوك إنجلترا) في قلب العاصمة لندن إلى قصر باكنغهام (المقر الرسمي للملك).
وتم منذ أسابيع نقل عدد من المجوهرات والتيجان الملكية الثمينة من برج لندن، حيث يتم تخزين المقتنيات الملكية -خصوصا المجوهرات- لتحضيرها لحفل التتويج قبل نقلها إلى كنيسة وستمنستر التي ستكون مسرحا لهذا الحفل.
تاج القديس إدوارد
ستتجه أنظار الحاضرين والمشاهدين لحفل التتويج إلى تاج القديس إدوارد، وهو أول تاج يرتديه الملك خلال حفل تتويجه، وهو تاج ذهبي مرصع بالأحجار الكريمة بغطاء أرجواني ومزين بالفرو.
وتم صنع التاج في نسخته الحالية سنة 1661 لتتويج الملك تشارلز الثاني، وهو مكون من الذهب الخاص ويبلغ وزنه 2.23 كيلوغرام، وسبق للملكة إليزابيث أن قالت عن هذا التاج إنه ثقيل بعض الشيء عندما وضعته على رأسها أول مرة.
وتم تجميد استخدام تاج القديس إدوارد منذ القرن الـ17 إلى غاية القرن العشرين، وتحديدا في فترة الملك جورج الخامس سنة 1911، وبعدها تم ارتداؤه من قبل بقية ملوك المملكة المتحدة وآخرهم الملكة إليزابيث الثانية.
ويحتوي هذا التاج على 444 قطعة من الأحجار الكريمة المختلفة، من بينها الياقوت والياقوت الأزرق والتورمالين، وسيتم استعمال التاج مرة واحدة من قبل الملك، وهي لحظة تتويجه، قبل إعادته إلى مكانه في برج لندن.
التاج الإمبراطوري، تعرّف كثيرون على هذا التاج خلال تشييع الملكة إليزابيث الثانية، وهو التاج الذي كان موضوعا فوق نعشها، وكانت تضعه الملكة خلال افتتاح دورات البرلمان والمناسبات الرسمية نظرا إلى وزنه الخفيف الذي يصل إلى كيلوغرام واحد.
صنع هذا التاج سنة 1937 من أجل تتويج الملك جورج السادس، ولم يتم استعماله بعدها إلا في عهد الملكة إليزابيث الثانية، وهو يتكون من 2868 ماسة و17 حجرا من الياقوت و11 قطعة من الزمرد و269 لؤلؤة، كما يحتوي على أشهر المجوهرات الموجودة في حوزة الأسرة الملكية البريطانية، ومنها ياقوتة "الأمير الأسود"، والتي تعود أصولها إلى الأندلس.
الكرة الملكية
هي عبارة عن كرة ذهبية وزنها 1320 غراما، ويمثل شكلها الكروي دلالة على كوكب سماوي أو العالم المسيحي، ولهذا يعلو هذه الكرة صليب مرصع بالأحجار الكريمة، وخلال حفل التتويج توضع الكرة في اليد اليمنى للملك كدلالة على مسؤولية الملك عن العالم المسيحي.
صنعت هذه الكرة من الذهب سنة 1661، وهي مرصعة بالزمرد والياقوت الأزرق والياقوت، كما أن الصليب مرصع بالماس، والكرة مقسمة إلى 3 أجزاء، قسمان في الأعلى وقسم في الأسفل، وتمثل القارات الثلاث التي كانت معروفة في العصور الوسطى، ويرمز إلى سلطة الحاكم والقوة المسيحية.
العربة الملكية الذهبية
سوف ينتقل الملك تشارلز الثالث برفقة عقيلته من قصر باكنغهام إلى كنيسة وستمنستر عبر عربة اليوبيل الماسي التي صنعت للاحتفال بمرور 60 عاما على حكم الملكة إليزابيث الثانية، وتم استخدامها لأول مرة سنة 2014.
لكن خلال طريق العودة من الكنيسة إلى القصر سيتم نقل الملك وعقيلته في العربة الملكية الذهبية، وهي أقدم عربة ملكية بريطانية وعمرها حوالي 200 سنة، وتم استعمالها لأول مرة في حفل تتويج الملك وليام الرابع سنة 1830، وتزن 4 أطنان، وسيتم جرها بـ8 أحصنة ملكية، وتم طلاء هذه العربة باللون الذهبي وترصيعها بالذهب.
ومع ذلك فهي لم تكن محببة لدى الملكة إليزابيث التي قالت إنها استعملت العربة يوم تتويجها "وكانت تجربة مروعة"، لكن الملك وليام الرابع كان معجبا وقال عنها يوم تتويجه سنة 1830 إنها "مثل سفينة خارقة تمخر عباب البحر"، وقد تم استعمال هذه العربة في تتويج كل الملوك منذ تلك الفترة، وكان آخر ظهور لها خلال الاحتفالات باليوبيل البلاتيني للملكة إليزابيث الثانية في يونيو/حزيران 2022. (الجزيرة)