هل أصبح "الإخوان " عبئاً على الدولة؟

mainThumb

09-04-2025 11:13 PM

printIcon



‏حسين الرواشدة

‏هل يشكل الإخوان المسلمون ضرورة وطنية للأمن والاستقرار ، أم أنهم أصبحوا عبئاً على الدولة الأردنية ؟ اترك الإجابة لثلاثة أطراف، أعتقد أنهم أحقّ مني وأجدر بها ، إدارات الدولة ، القراء الأعزاء ، الإخوان المسلمون أنفسهم ، أشير ، فقط، إلى أن هذا السؤال أصبح مطروحاً أكثر من أي وقت مضى ، وأن ملف علاقة "الجماعة" مع الدولة دخل أروقة نقاشات الغرف المغلقة، بانتظار كبسة قرار ، تماما كما حصل عام 2014 ، وإن كانت العلاقة هذه المرة -كما يبدو - لا تحتمل "الطلاق الرجعي".

‏منذ نحو خمس سنوات ، تم إنزال ملف الإخوان من فوق الرف إلى الطاولة، جاء ذلك في سياق مواجهة استحقاقات صفقة القرن، وعلى الرغم من صدور حكم نهائي باعتبار الجماعة غير موجودة إلا أن قرار إبقائها " قيد الحدود المرسومه" حظي بضوء أخضر من أعلى المرجعيات السياسية ، وتم التمسك به ،والدفاع عنه في مواجهة ضغوطات دولية وإقليمية ، ثم جاء 7 أكتوبر العام المنصرف ، وكان لحظة فارقة في إعادة ترسيم حدود التفاهم بين الدولة والجماعة، صحيح ، حضور الإخوان كان مطلوبا في الشارع وفي البرلمان، لكن الصحيح ،أيضا ، ان الدولة وضعت الإخوان تحت المجهر ( الامتحان)، وفق معلومات فإن الإخوان تجاوزوا، أحيانا ، تفاهمات "الخطوط الحمراء" ، ولم يلتقطوا التحذيرات والنصائح التي قدمت لهم مرات عديدة،

‏لا أدري ، هل أخطأ الإخوان حين تصوروا أن جهات ما تدعمهم أو تضعهم تحت حمايتها ، وبالتالي فإن أي تجاوزات من قبلهم ستبقى في حدود اللعبة السياسية ،ولن تصل إلى حد الكسر في علاقتهم مع الدولة، هل أخطأوا حين أعتقدوا أن حضورهم في الشارع بهذا الزخم ، ثم تقمصهم حالة المقاومة ، سيكون ورقة بيد الدولة ، ويصب في مصلحتها، وبالتالي يمنحهم فرصة لاستعراض قوتهم امامها ، هل اخطأوا حين اعتبروا ان الأصوات التي حصلوا عليها في الانتخابات البرلمانية إعادت لهم الشرعية السياسية ، ثم أنهم تصرفوا بهذه الشرعية ، من موقع القوة، للاستقواء على الدولة أو التعامل معها بندية؟

‏الأهم من ذلك ، هل أخطأ الإخوان في قراءة المشهد السياسي ،الإقليمي والدولي، ومستجداته، أقصد هنا مسارين اثنين، الأول : مسار الخطاب العام، حيث استمر الإخوان بتقمص حالة حماس وتعميمها على الأردن ، ثم فرضها كأجندة محلية دون الالتفات للتحولات التي جرت على صعيد الحرب على غزة ، ومواقف ترامب السياسية ، ثم ما يترتب وفق ذلك من استحقاقات على الأردن ، اليوم وغداً ، المسار الثاني : تصعيد الاشتباك مع الدولة من قبل الإخوان ، إبتداءً من تبني عملية البحر الميت ، إلى هتافات تمس بالجيش ، وانتهاء بالإصرار على المكاسرة في الشارع وإعلان الإضراب ،كل هذا وغيره بعث برساله مفادها أن الإخوان لم يتكيفوا مع المستجدات والضرورات الوطنية ، ولم يحسنوا قراءة المشهد ولا تقدير المصالح الأردنية ، والأثمان السياسية والأمنية المترتبة على الاستمرار في عملية التصعيد غير المحسوب.

‏يدرك الإخوان المسلمون أن عملية حذفهم من المشهد السياسي ،في معظم الدول العربية ، قد تمت منذ اكثر من 10 سنوات ، حصل ذلك بتوافقات إقليمية ودولية ، وأن رأس الإسلام السياسي ،بعد 7 أكتوبر، أصبح مطلوبا ، المكان الوحيد الذي حافظ على شرعية وجود الاخوان هو الأردن ، هذا، كما يفترض، يُحمّلهم مسؤولية أكبر في الحفاظ على علاقتهم مع الدولة وتقدير إمكانياتها وخياراتها، لكي لا أقول رد التحية عليها بمثلها ، لكن يبقى أن للدول امكانياتها واضطراراتها، الإخوان استنفدوا فرصا كثيرة منحتها الدولة لهم ،ولا استبعد أن اي مقاربة رسمية ، الآن، بين خيار " بقاء " الجماعة كما هي عليه ، وبين خيار اعادة ترسيم العلاقة معها بمقتضى القانون ، وبإجراءات ادارية حازمة ، ستنحاز لمصلحة الخيار الثاني، وذلك لاعتبارات داخلية وخارجية، مهما كانت الكلفة السياسية المترتبة على ذلك.

‏أعرف ،تماما، لا مصلحة لأحد بالدخول في أي أزمة داخلية قد تهدد نسيجنا الوطني، أعرف ،أيضا ، الدولة حريصة أكثر من أي طرف على بناء شراكات سياسية مع حزب جبهة العمل الإسلامي وغيره من القوى الوطنية ، أعرف ،ثالثا، أن شخصيات سياسية أردنية موثوقة تدفع باتجاه الحفاظ على معادلة "التوافق الوطني " ، ورفض أي محاولة للإخلال بها من أي طرف ، لكن ما اعرفه ،أيضا ،أن المطلوب من جماعة الاخوان ، تحديدا، أن تضبط خطابها وحراكها واتجاه بوصلتها ، وان تحسم قرارها، للمرة الاخيرة، إما أن تكون جزءاً من الدولة وتدور في فلكها فقط ،بالأفعال لا بمجرد الأقوال ، وإما أن تتحمل تبعات ممارساتها خارج هذا السياق ، مصلحة الدولة الأردنية أهم من مصلحة الجماعة أو أي طرف آخر.