تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية .. هل آن الأوان لإعادة رسم الخارطة الصناعية؟

mainThumb
سهم محمد العبادي

10-04-2025 01:27 PM

printIcon


سهم محمد العبادي
أحدثت قرارات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة تأثيراً واضحاً على الصادرات الأردنية إلى السوق الأمريكي، مما يطرح تساؤلات حول مستقبل الميزان التجاري بين البلدين. فقد كان الميزان التجاري سابقاً يميل لصالح الأردن، إلا أن القرارات الأخيرة تفرض تحديات جديدة تستدعي حلولاً حقيقية وليست مجرد إجراءات تجميلية.

في ظل هذه التطورات، يبرز تساؤل مهم: لماذا لم تسعَ الصناعة الأردنية إلى توسيع نطاق تصديرها نحو الأسواق العالمية الأخرى؟ الكرة الأرضية بأكملها متاحة أمام المنتجات الأردنية، ومع ذلك لم تحقق الصادرات الوطنية أثراً كبيراً وملموساً على الصعيد الخارجي إذا ما قورنت بحجم الاستيراد أو بعدد الصناعات الوطنية وتنوعها.

كان بالإمكان تعزيز العلاقات التجارية مع دول متعددة، وفتح أسواق جديدة، خاصة إذا تم التعامل مع الملف الصناعي كأولوية وطنية من خلال تحسين التشريعات وتخفيض كلف التشغيل، وعلى رأسها كلف الطاقة. ومن اللافت للنظر أن حملة "صُنع في الأردن" التي كانت رائدة عربياً في الترويج للمنتجات الوطنية قد تراجعت ولم يعد لها وجود، مما ضيّع فرصة كبيرة لتعزيز التواجد في الأسواق الخارجية.

وفي هذا السياق، لا بد من إعادة قراءة الخارطة الصناعية الأردنية من الألف إلى الياء، والعمل على خطوات عملية تضمن استمرارية الإنتاج وجودته. ما حدث مع القرارات الأمريكية قد يتكرر مع دول أخرى، وربما بشكل أكبر، مما يتطلب استراتيجية طويلة الأمد تدعم الصادرات وتضمن تنافسية المنتجات الأردنية على الصعيد الدولي.

ومن جهة أخرى، أثبتت أزمة غزة الأخيرة مدى أهمية دعم المنتج المحلي، حيث لجأ المواطنون للمنتجات الأردنية بعد حملة مقاطعة المنتجات الأجنبية، مما يعكس فرصة ذهبية يمكن استثمارها لتسويق المنتج الأردني داخلياً وخارجياً. إن إعادة بناء الثقة بالصناعة الوطنية يتطلب جهداً مشتركاً من القطاعين العام والخاص لضمان استدامة الإنتاج ودعم التصدير.

ومن هنا، فإن الوضع الحالي يتطلب تدخلاً حكومياً حقيقياً بعيداً عن اللقاءات البروتوكولية وصيغ تجميل الواقع غير الجيد. المطلوب هو حلول عملية وجذرية تضمن تعزيز الصادرات الأردنية وفتح أسواق جديدة، مع التركيز على تخفيض كلف الإنتاج، خاصة في مجال الطاقة، ودعم المبادرات التي تروج للمنتج المحلي بشكل فعّال ومستدام.

ورغم الأزمات العالمية وأزمات المنطقة، ورغم كل هذه التحديات، لم نتعلم من الضربة الأولى، وما زلنا نتعامل مع الملفات المهمة والحيوية بأسلوب ردّات الفعل. إن هذا الأسلوب أثبت أنه خاسر، ويجب أن ننتقل إلى التخطيط الاستراتيجي المبني على المبادرة والاستباقية بدلاً من الانتظار حتى تقع الأزمة ثم البحث عن حلول ترقيعية.