أخبار اليوم - فيما يصف مزارعو وادي الأردن موسمهم بالسيئ، تسود أجواء من عدم التفاؤل نتيجة استقرار أسعار بيع محاصيلهم على مستويات منخفضة، مشيرين إلى أن الأسعار لم ترق إلى مستوى طموحاتهم وآمالهم معظم فترات الموسم حتى تلك الفترات التي تراجع فيها الإنتاج.
وبحسب أرقام سوق العارضة المركزي، فإن محاصيل البندورة والبطاطا ما تزال تباع بأقل من كلفة الإنتاج، في حين شهدت أسعار بيع بقية المحاصيل تقلبات، إلا أنها بالمجمل لم تبدد مخاوفهم من الخسارة كون جميع الزراعات هي زراعات محمية ذات كلفة مرتفعة.
ويؤكد عدد من المزارعين أن شبح القلق ما يزال يخيم على القطاع نتيجة تراجع أسعار البيع خلال الفترة الماضية، لافتين إلى أن الأسعار الحالية وضعتهم في مأزق، إما الاستمرار في رعاية المحاصيل والإنتاج في ظل تراجع المردود ما قد يزيد من خسائرهم أو اضطرارهم إلى إنهاء الموسم مبكرا.
الخسائر طالت معظم المحاصيل
يقول المزارع سعد النعيمات "الاستمرار في العمل في ظل الأسعار الحالية يزيد من أوضاعهم صعوبة، فالخسائر طالت معظم المحاصيل طوال فترات الموسم ولا يوجد أي بوادر انفراج في الأفق"، موضحا أن بعض أصناف الخضار كانت جيدة وأخرى كانت دون الكلفة، إلا أن الموسم ككل كان سيئا.
ويبين النعيمات أنه وباستثناء فترات قصيرة، فإن معظم المحاصيل لم تسدد كلف إنتاجها خصوصا البندورة والبطاطا، المحصولان الأكثر تعرضا للخسارة، موضحا أن انخفاض أسعار البيع لما دون الكلفة سيدفع غالبية المزارعين إلى الإحجام عن تقديم الخدمات الضرورية لمحاصيلهم خلال الفترة المقبلة لتفادي تكبد خسائر إضافية، وسيصل بهم الأمر إلى أن يجدوا أنفسهم مجبرين على إنهاء الموسم للحفاظ على مقدراتهم كالبلاستيك وشبكات الري.
ورغم عودة التصدير إلى السوق السورية ومن خلالها إلى لبنان وتركيا وأوروبا، إلا أن الكميات المصدرة لم ترق إلى طموحات وآمال المزارعين بسبب فرض الرسوم الجمركية على الصادرات الأردنية، في حين تراجع التصدير إلى الأسواق المجاورة الأخرى بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة وما رافقه من تداعيات أمنية.
ويرى المزارع نواش العايد أن الموسم إلى الآن سيئ، فالأسعار متدنية والحالة النفسية متردية، موضحا أن المزارعين تفاءلوا بفتح باب التصدير إلى سورية، إلا أن الأوضاع جاءت مغايرة ومخالفة لتوقعاتهم.
ويشير العايد إلى أن معظم المزارعين تكبدوا خسائر مادية كبيرة فيما ذهب جهدهم وتعبهم سدى، في حين ما تزال كلف الإنتاج مرتفعة، خصوصا أثمان الأسمدة والمبيدات وأجور العمالة والنقل وغيرها من الكلف المطلوبة لإدامة الإنتاج، موضحا أن استمرار تدني الأسعار سينهك المزارعين ماديا ومعنويا.
مواجهة خيارات صعبة
ويؤكد مزارعون "أن مخاوفهم لم تنته، فكلف تجهيز الموسم حان موعد سدادها، والشركات الزراعية وشركات الكمسيون بدأت تطالب بالسداد، فيما المزارع ليس بيده حيلة"، مضيفين أن الأوضاع الحالية وضعتهم في مواجهة خيارات صعبة.
وتلك الخيارات، بحسب العايد "صعبة للغاية، فالمزارع ليس أمامه سوى بيع أملاكه لسداد الديون أو اللجوء للمؤسسات الإقراضية للحصول على قرض أو الملاحقات القضائية التي قد تفضي به إلى السجن"، موضحا "أنه باستثناء فترات قليلة، فإن غالبية فترات الموسم كانت الأسعار دون المأمول، وللأسف فإن المؤشرات تدل على أن الأسعار لن تتحسن خلال الفترة المقبلة، خصوصا أن الموسم الشفوي على وشك الإنتاج".
من جهته، يحذر الخبير الزراعي المهندس عبدالكريم الشهاب من استمرار تدهور القطاع الزراعي الذي يعد ركيزة للأمن الغذائي، مشيرا إلى أن ما يوفره القطاع من منتوجات زراعية على مدار العام تقريبا يعزز من أمن الأردن الغذائي، وأي خلل قد يلحق بالقطاع ومكوناته ستكون له مخاطر كبيرة على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطن، مضيفا "لا توجد أي بارقة أمل بأن تتحسن أحوال القطاع طالما نعاني من مشكلة في تسويق المنتوجات".
ويشير الشهاب إلى أن المزارع الأردني لديه القدرة والإمكانات اللازمة لإنتاج المحاصيل وفق أفضل المواصفات شريطة أن يجد في نهاية اليوم مقابلا لجهده وتعبه، وإلا فإن مصيره سيحدده مدى قدرته على الصمود في وجه التحديات التي ما تزال تلازمه منذ سنوات، مشددا في الوقت ذاته على ضرورة تكاتف جهود جميع الجهات المعنية لحماية المزارع وتوفير الدعم اللازمة لضمان استمراره في زراعة أرضه وبقائه ركيزة مهمة للأمن الغذائي والاقتصادي والاجتماعي.
تراجع الإنتاج الخضري بشكل كبير
بدوره، يؤكد رئيس اتحاد مزارعي وادي الأردن عدنان الخدام أن أوضاع القطاع الزراعي في وادي الأردن أصبحت مأساوية في ظل انخفاض أسعار الخضار وارتفاع كلف الإنتاج خاصة أجور العمالة وأثمان المبيدات والأسمدة، مشددا على أن الاستمرار في العمل الزراعي في ظل الظروف الحالية يعد استنزافا للموارد وخطوة في الاتجاه غير الصحيح، بدليل تراجع الإنتاج الخضري بشكل كبير مقارنة بعشر سنوات سابقة.
ويقول الخدام "إن تدني أسعار البيع مع بدء الموسم بالتزامن مع ارتفاع كلف الإنتاج، يشكل ضربة قاصمة للمزارعين، ذلك أن المزارع مجبر على الاختيار بين أمرين أحلاهما مر، إما الاستمرار بقطف المحصول وتوريده للسوق وتحمل الخسائر على أمل أن تتحسن الأوضاع، أو التوقف للحد من تكبد خسائر إضافية، وفي كلتا الحالتين يبقى هو الخاسر الوحيد".
إلى ذلك، يبين مدير سوق العارضة المركزي المهندس أحمد الختالين أن العد التنازلي لنهاية الموسم بدأ مع تراجع الإنتاج، إذ تراجعت واردات السوق إلى 450 طنا يوميا مقابل 600 طن خلال الفترة الماضية.
ويضيف الختالين أن أسعار بيع المحاصيل ما تزال مستقرة على مستويات متدنية، فبعضها بالكاد يكفي لسداد كلف التسويق، وبعضها الآخر كالبندورة والبطاطا والباذنجان وجميعها زراعات محمية ما زالت تباع بأقل من سعر الكلفة، قائلاً "بالمجمل فإن حصاد الموسم يعد سيئًا بالنسبة للمزارع، وجميع المعطيات تشير إلى أن الأسعار في طريقها للانخفاض خلال قادم الأيام."
وبحسب إحصائيات السوق، فإن سعر بيع كيلو الخيار تراوح بين 30-40 قرشا، والكوسا والبطاطا بمعدل 25 قرشا للكيلو، والباذنجان بمعدل 15 قرشا للكيلو، والفلفل الحار والحلو بمعدل نصف دينار للكيلو، في حين تراوح سعر بيع البندورة بين 10-15 قرشا للكيلو.
ويعد الموسم الزراعي الغوري الموسم الرئيس للمحاصيل الخضرية ويتميز بإنتاجه الوفير خلال فصل الشتاء، وهي الفترة التي يندر فيها الإنتاج في دول الإقليم وأوروبا، إلا أن الأحداث الأمنية المتتابعة التي شهدها الإقليم وتوجه الدول المستهلكة إلى الزراعة بالتقنيات الحديثة إضافة إلى التغيرات المناخية جميعها عوامل تسببت بتراجعه بشكل كبير خلال العقد الأخير.
الغد