* الاقتصاد الوطني يواجه تحديات معقدة؛ مما يستدعي حلولًا جذرية وعملية
أخبار اليوم - أكد عضو غرفة صناعة عمان، المهندس موسى الساكت، أن حديث سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني حول ضرورة بناء اقتصاد قوي رغم التحديات، ليس مجرد طرح نظري، بل رؤية عملية تتطلب العمل وفق منهجية واضحة تستند إلى تعزيز الإنتاجية، الابتكار، والاستدامة.
وأوضح الساكت أن الاقتصاد الوطني يواجه تحديات معقدة، تتراوح بين تباطؤ النمو، وارتفاع معدلات البطالة، وضعف الاستثمار، مما يستدعي حلولًا جذرية تعزز مناعة الاقتصاد، وتحفزه على النمو رغم التحديات.
وأشار الساكت إلى أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة تعد العمود الفقري لأي اقتصاد منتج، فهي المحرك الأساسي لخلق فرص العمل وتعزيز الإنتاج المحلي. ورغم ذلك، ما زالت هذه المشاريع تعاني صعوبات في الحصول على التمويل، والبيروقراطية التي تحد من تطورها، وعدم توفر بيئة تشريعية مرنة تدعم استمراريتها. وهنا يأتي دور الحكومة والقطاع الخاص في تقديم التمويل الميسر، وحوافز ضريبية، وبرامج تدريبية متخصصة تتيح لرواد الأعمال تطوير مشاريعهم، خاصة في القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة، الصناعة، والتكنولوجيا.
كما شدد الساكت على أهمية تسريع التحول الرقمي، معتبرًا أن الاقتصاد الرقمي أصبح محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي في العالم، وهو ما يتطلب دعم الشركات الناشئة في التكنولوجيا، وتطوير البنية التحتية الرقمية، وتحفيز التجارة الإلكترونية. وأضاف أن الاستثمار في الرقمنة لا يعزز فقط التنافسية، بل يفتح المجال أمام الشباب للابتكار والريادة في السوق المحلية والدولية، وهو ما يتماشى مع رؤية سمو ولي العهد في تمكين الشباب والاستفادة من طاقاتهم في بناء اقتصاد المستقبل.
وفيما يتعلق برأس المال البشري، أشار الساكت إلى أن أي اقتصاد لا يمكن أن ينهض دون كوادر مؤهلة تمتلك المهارات المطلوبة في سوق العمل. لذا، يصبح تطوير المناهج التعليمية بحيث تتواءم مع متطلبات الاقتصاد الحديث، وتشجيع التعليم المهني والتقني، أمرًا ضروريًا لسد الفجوة بين المهارات المتوفرة والوظائف المطلوبة. وأكد أن التدريب المهني يجب أن يكون أولوية، لأنه يسهم في تقليل معدلات البطالة، ويوفر للشباب فرص عمل حقيقية في قطاعات حيوية تحتاج إلى مهارات عملية متخصصة.
وعن الاستثمار، أوضح الساكت أن الأردن يحتاج إلى تحسين بيئة الأعمال وتقليل البيروقراطية التي تعيق الاستثمار، مشيرًا إلى أن توفير حوافز ضريبية للمستثمرين، خاصة في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية مثل الطاقة المتجددة والصناعات التكنولوجية، يعد أمرًا حاسمًا لجذب الاستثمارات الجديدة. وأكد أن الاستقرار التشريعي والشفافية في القوانين يعززان من ثقة المستثمرين، سواء كانوا محليين أو أجانب، مما يساهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة.
أما عن السياحة، فقد شدد الساكت على أنها قطاع اقتصادي واعد، يمكن أن يكون أحد المحركات الرئيسية للنمو، إذا ما اُسْتُثْمِر بالشكل الصحيح. فالأردن يتمتع بمقومات سياحية عالمية، تمتد من المواقع الأثرية والتاريخية إلى السياحة العلاجية والدينية، لكن هذا القطاع يحتاج إلى تطوير البنية التحتية السياحية، والترويج الفعال للأردن كوجهة سياحية جاذبة، وتحفيز الاستثمار في المشاريع السياحية. وأكد أن السياحة ليست فقط قطاعًا اقتصاديًا، بل هي وسيلة لتعزيز التبادل الثقافي وجذب الاستثمارات الخارجية التي تسهم في دعم الاقتصاد الوطني.
كما تطرق الساكت إلى أهمية الاستفادة من الموقع الاستراتيجي للأردن، معتبرًا أنه يشكل ميزة تنافسية يمكن استثمارها لجعل الأردن مركزًا إقليميًا للتجارة والخدمات اللوجستية. وأوضح أن تحقيق هذا الهدف يتطلب تطوير المناطق الصناعية، وتحسين البنية التحتية للموانئ البرية والبحرية، وتعزيز الشراكات الإقليمية، بما يسهم في زيادة حجم التبادل التجاري والاستثمارات.
وأكد الساكت أن بناء اقتصاد قوي لا يتحقق فقط عبر السياسات الحكومية، بل يحتاج إلى مبادرات يقودها الشباب ورواد الأعمال والمجتمع المدني، مشددًا على أن النهج التقليدي في إدارة الاقتصاد لم يعد مجديًا في ظل التحديات العالمية المتسارعة. وأوضح أن التحول نحو اقتصاد أكثر ديناميكية يعتمد على الابتكار والتكنولوجيا والاستدامة، وهو ما يتطلب تغييرًا في طريقة التفكير والتخطيط، بحيث يُرَكَّز على الإنتاجية بدلاً من الاعتماد على الاستهلاك والاستيراد.
وأضاف أن رؤية سمو ولي العهد في تمكين الشباب وتأهيلهم لدخول سوق العمل بقوة، تعكس إدراكًا عميقًا لأهمية الاستثمار في رأس المال البشري. فالشباب يشكلون النسبة الأكبر من المجتمع الأردني، وإذا ما تم تزويدهم بالمهارات المناسبة، سيكونون القوة الدافعة لتحول اقتصادي حقيقي.
وختم الساكت حديثه بالتأكيد على أن الأردن يمتلك كل المقومات اللازمة للنهوض اقتصاديًا، لكن المطلوب هو تنفيذ رؤية واضحة ترتكز على تشجيع الاستثمار، دعم الابتكار، تحسين بيئة الأعمال، وتعزيز الإنتاج المحلي. واعتبر أن التحديات الاقتصادية ليست عائقًا، بل يمكن أن تكون دافعًا للبحث عن حلول جديدة تحقق نموًا اقتصاديًا متينًا وقادرًا على الصمود أمام الأزمات، تمامًا كما دعا سمو ولي العهد في لقائه مع الشباب، حين شدد على أهمية تبني رؤية عملية تحقق نتائج ملموسة، وتضع الاقتصاد الأردني على المسار الصحيح.