ماذا حدث لليفربول؟ وهل حُسمت باقي الدوريات الكبرى؟

mainThumb
ماذا حدث لليفربول؟ وهل حُسمت باقي الدوريات الكبرى؟

23-03-2025 02:49 PM

printIcon

أخبار اليوم - قبل انضمام اللاعبين الدوليين إلى منتخباتهم لتلبية نداء الوطن في آخر عطلة دولية لهذا الموسم، بدأت تتكشف ملامح الأبطال المحتملين للدوريات الأوروبية الكبرى هذا الموسم، وفي رواية أخرى ظهرت أنياب الأندية الأكثر رغبة وجدية في الحصول على لقب الدوري في بلادها، باستثناء حلقات الدراما الأسبوعية في الدوري الإسباني، التي فاقت إثارة أشهر مسلسلات الموسم الرمضاني العربي، باستمرار ذاك الصراع الثلاثي النادر بين المتصدر برشلونة والوصيف بفارق الأهداف ومباراة أكثر ريال مدريد ومعهما قطب العاصمة الثاني أتلتيكو مدريد، وبدرجة أقل في جنة كرة القدم في الثمانينات والتسعينات، حيث يواصل الإنتر رحلة البحث عن الاحتفاظ بلقب الدوري الإيطالي للمرة الثانية على التوالي والحادية والعشرين في تاريخه، متشبثا بالصدارة بفارق ثلاث نقاط عن أقرب مطارديه نابولي وست نقاط كاملة عن ثالث الترتيب العام أتالانتا، بينما في ألمانيا وفرنسا، فيبدو وكأن الأمور قد حُسمت بنسبة تلامس الـ100% بالنسبة لبايرن ميونيخ وباريس سان جيرمان، ونفس الأمر بالنسبة لليفربول الذي يغرد منفردا على صدارة الدوري الإنكليزي بفارق 12 نقطة كاملة عن مطارده الخجول آرسنال، لكن ما حدث لمشروع المدرب آرني سلوت في «الآنفيلد» في آخر مباراتين قبل توقف الفيفا الحالي، ساهم بشكل أو آخر في إثارة الجدل والقيل والقال حول نتائج الفريق في ما تبقى من الموسم، لدرجة أن بعض النقاد والمتابعين، توقعوا أن يعاني الفريق في مبارياته القادمة الحاسمة على لقب الدوري الأكثر شهرة وتنافسية عالميا، إذا لم يتدخل المدرب الهولندي لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الصفعة المزدوجة، التي أسفرت عن خروج أحمر الميرسيسايد من دور الـ16 لدوري أبطال أوروبا على يد باريس سان جيرمان، وبعدها بأيام، انحنى أمام نيوكاسل بنتيجة 1-2 في المباراة النهائية لكأس كاراباو، والسؤال الذي يفرض نفسه ويراود الكثير من عشاق النادي في هذه الأثناء هو: ماذا تغير في الفريق؟ ولماذا عاد إلى الخلف في هذا التوقيت؟ وهل هو مؤشر بأن القادم سيكون أسوأ؟ وغيرها من التساؤلات التي سنناقشها معا في موضوعنا الأسبوعي عن أبرز المرشحين للفوز بالدوريات الكبرى في الأمتار الأخيرة.

لغز ليفربول

بشهادة الغريم قبل المؤيد، سيكون من الصعب التشكيك في بصمة المدرب سلوت على ليفربول سواء على مستوى المنظومة الجماعية أو الأداء الفردي لكثير من اللاعبين، ويكفي نجاحه في تجنب تبعات خروج الأسطورة يورغن كلوب من النادي، على غرار ما حدث ويحدث مع العديد من عمالقة وطن الساحرة المستديرة وأوروبا، وبالأخص الأندية التي كانت مرتبطة بمدربين عظماء لفترة طويلة، وأشهر مثال على ذلك مانشستر يونايتد في فترة ما بعد تقاعد شيخ المدربين سير أليكس فيرغسون، وأيضا آرسنال بعد إجبار الأستاذ آرسين فينغر على الخروج من قلعة «الإمارات» في مثل هذه الأيام عام 2018، حتى برشلونة، عانى الأمرين بعد رحيل بيب غوارديولا عام 2012، ثم عانى أكثر بعد الإطاحة باللوتشو لويس إنريكي عام 2017، لكن كما نشاهد منذ بداية الموسم، لم يحدث هذا السيناريو المزعج مع الريدز تحت قيادة مدربه الهولندي، بل على النقيض تماما، يمكن القول وبكل ضمير مستريح، إنه حقق ما فاق توقعات أغلب المتفائلين من عشاق النادي قبل ركلة بداية الموسم، إذ نتحدث عن مدرب لم يضغط على الإدارة، لحل إشكالية مركز لاعب الوسط رقم (6) في سوق الانتقالات الصيفية الأخيرة، مكتفيا بالتوقيع مع الإيطالي فيدريكو كييزا، في صفقة يُقال عنها «بسعر رمزي»، حيث بلغت تكاليفها حوالي عشرة ملايين يورو (بنظام التقسيط)، في الوقت الذي تسلم فيه فريقا بلا أنياب حقيقية في الثلث الأخير، فبخلاف الخيال العلمي الذي يقدمه النجم المصري محمد صلاح للموسم الثامن تواليا، يبدو واضحا أن الفريق ليس لديه ما يكفي من الأسماء القادرة على صنع الفارق بصفة مستمرة أو لفترات طويلة، ويتجلى ذلك في الكوارث الكروية التي يرتكبها الأوروغواني داروين نونييز أمام مرمى المنافسين، مصمما على تقديم نفسه بصورة المهاجم الذي تحلم برؤيته مرتديا قميص ألد الأعداء، كنموذج لرأس الحربة المنحوس الذي انتهت معه كل حلول الأرض، أو كما يقولون في الجزء الأحمر لمدينة نهر الميرسيسايد «مهاجم لا يأتي أبدا عندما يحتاجه الفريق»، والمثير للدهشة والاستغراب، أن هذه العدوى بدأت تنتشر بين باقي المهاجمين، في مقدمتهم البرتغالي ديوغو جوتا، الذي تراجع مستواه بطريقة صادمة للجميع، كما وضح في الفرص السهلة التي أهدرها أمام جيوش المدينة في نهائي «ويمبلي» الأسبوع الماضي، وبدرجة أقل في الآونة الأخيرة كيرتس جونز وكودي خاكبو، لكن قبل الهزة الأخيرة (الخروج من الأبطال وخسارة كأس رابطة الأندية)، كانت الأمور تسير كما يخطط لها المدرب سلوت، بإخراج أفضل ما لدى العناصر التي يعتمد عليها في 90% من مباريات الفريق، والحديث عن مفاجأة الموسم، بإعادة اكتشاف ابن جلدته ريان خرافنبيرخ في مركز لاعب الوسط المحوري رقم (6)، ومعه الشريك الدائم في لاعب الوسط الثاني رقم (8)، الأرجنتيني ماك أليستر، بجانب التناوب الصحي بين كيرتس جونز، ودومينيك سوبوسلاي وكودي خاكبو في مركز لاعب الوسط المهاجم أو منافسة الكولومبي لويس دياز في مركز الجناح الأيسر المهاجم، ولا ننسى بصمة سلوت الواضحة على القادم من بورتو، من مجرد جناح مزعج على الخطوط، أو في أفضل الأحوال جناح يُجيد إحداث فوضى في دفاعات الخصوم، إلى ما نشاهده من نسخة مطورة للغاية، خاصة في لمسته الأخيرة أمام المرمى، عكس الانطباع الذي كان محفورا عنه في الأذهان تحت قيادة كلوب، كلاعب يحتاج عادة لفرصتين أو أكثر للوصول إلى الشباك. كل ما سبق، ولم نتحدث عن النقلة النوعية على مستوى الخط الخلفي، متمثلة في عودة قلب الأسد الهولندي فيرجيل فان دايك، إلى الحالة الفنية والبدنية المذهلة التي كان عليها قبل إصابته الشهيرة بقطع في الرباط الصليبي، بالأحرى استعاد مستواه الذي جعله مؤهلا لمنافسة الثنائي الفضائي كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي على جائزة «الكرة الذهبية»، كأفضل لاعب في العالم في العام 2019، ويظهر ذلك بوضوح في الشراكة الحديدية التي تجمعه بالفرنسي ابراهيم كوناتي في محور قلب الدفاع، وهذا يفسر التحسن الملموس في أداء الظهيرين أندي روبرتسون وألكسندر أرنولد على مدار الموسم، بتوافر كل المقومات والظروف التي تسمح لهما بتقديم الأدوار المطلوبة منهما كما ينبغي دفاعيا وهجوميا، لكن، وكما يقول صناع المحتوى وأساتذة كتابة السيناريو والحوار «دعونا نضع خطين حمر تحت لكن الأخيرة»، ما حدث في الأسبوع الماضي الحزين وما سبقه، أن سلوت لم يحضر نفسه بشكل جيد للحظة الحقيقة، وبلغة كرة القدم «الأوقات الصعبة»، التي سيفقد خلالها لاعبا أو اثنين من رجاله المخلصين جراء الازدحام الشديد في جدول المباريات في نهاية الموسم، مثلما حدث مع أرنولد وكوناتي، بتأكد غياب الأول لفترة ليست بالقصيرة بسبب الانكاسة التي ألمت به على مستوى الكاحل، وبدرجة أقل الدولي الفرنسي، الذي خلع القلوب في «الآنفيلد»، بعدما أجبرته الإصابة على مغادرة الملعب في ليلة الإقصاء من الكأس ذات الأذنين أمام العملاق الباريسي، وما زاد الطين بلة للمدرب سلوت وفريقه، أنه مع الوقت، بدأت تخور قوى جُل عناصره الأساسية، نتيجة التراجع البدني الواضح على قائمة عريضة من اللاعبين، بعبارة أخرى يبدو وكأن التعب قد تملك من أغلب العناصر الأساسية التي يراهن عليها المدرب الهولندي على طول الخط منذ بداية الموسم، وتجلى ذلك في خسارة هذا الكم الهائل من التحديات أو ما تعرف بالمواجهات المباشرة مع لاعبي باريس سان جيرمان في مباراتي ذهاب وإياب دور الـ16 لدوري الأبطال، وأيضا في الشوط الأول المأساوي أمام نيوكاسل، فيما يراه الكثير من عشاق النادي، واحدا من أسوأ الأشواط وربما الأسوأ على الإطلاق هذا الموسم، بفشل ذريع في تشكيل أدنى ملامح الخطورة على حامي عرين طيور الماغبايز، قبل أن تتحسن الأوضاع قليلا في الدقائق الأخيرة، التي شهدت هدف حفظ ماء الوجه، الذي سجله البديل المجهول كييزا في آخر لحظات الوقت الأصلي.

حتى نجم الشباك الأول محمد صلاح، الذي شارك في أكثر من 50% من أهداف الفريق في حملة البحث عن لقب البريميرليغ رقم 20 في تاريخ الكيان، هو الآخر راح ضحية للتحديات والمواجهات المباشرة، بتلك الطريقة التي قلصت كثيرا من حظوظه في تحقيق حلم العمر، بالتتويج بالكرة الذهبية قبل فوات الأوان، والسبب الرئيسي مباراته الخاصة مع البرتغالي نونو مينديز، التي تفوق خلالها الأخير بشكل كاسح على نظيره المصري، وكأنه كان يعطي المدرب إيدي هاو، الروشتة الذهبية للحد من خطورة بعبع حراسة المرمى والمدافعين في البريميرليغ في زيارة «ويمبلي» الأخيرة، فيما كانت أول أوضح بروفة عملية للشكل العام لخط الهجوم بدون هدافه الأول في العصر الحديث، أو هكذا سيكون هجوم ليفربول في حال تم الاستغناء عن صلاح فور انتهاء عقده، وأكثر ما يثير قلق ومخاوف عشاق النادي، أن يتأثر الميغا ستار، نفسيا أو معنويا، بأحزان الخروج المبكر من الأبطال وخسارة سباق الفوز بـ«البالون دور» عمليا ومنطقيا، في المواجهات القادمة الحاسمة التي سيخوضها الفريق تحت شعار «لا بديل عن الثلاث نقاط»، لتأمين لقب البريميرليغ بشكل رسمي، تحسبا لحدوث أي مفاجأة خارج التوقعات في الأمتار الأخيرة، لكن ما يطمئن الأغلبية الكاسحة من مشجعي الريدز، أن المنافس المباشر آرسنال، يفقد المقومات والأسلحة الفتاكة وما يكفي لوضع الغانرز على مسافة قريبة من المتصدر، بدلا من مسلسل نزيف النقاط، التي تسبب في اتساع الفارق إلى 12 نقطة، والمحتمل عودته في الأسابيع المقبلة، مع انشغال المدرب ميكيل آرتيتا، بالمواجهة الكبرى أمام ريال مدريد في ربع نهائي دوري الأبطال، فيما ستكون أشبه بالسلاح ذي الحدين للمدرب الإسباني، أما أن تعطيه دفعة معنوية هائلة، للتشبث بأمل استغلال أي هدية من الريدز في الأمتار الأخيرة، وإما تكون سببا في بقاء الوضع الحالي كما هو عليه، تمهيدا لإعلان تتويج ليفربول باللقب مع انتهاء شهر أبريل/نيسان الحاسم.

صراع الجبابرة

في إسبانيا، يبدو الوضع مختلفا 180 درجة عن الدوري الإنكليزي، بما أشرنا أعلاه في المقدمة، المنافسة المحتدمة بين ثلاثي المقدمة برشلونة والريال وأتلتيكو، حتى بعد الفوز الهيتشكوكي الذي حققه البلوغرانا على الهنود الحمر في قمة الليغا الأخيرة قبل توقف الفيفا، تلك القمة التي كانت في طريقها للانتهاء بفوز رجال المدرب دييغو سيميوني بهدفين نظيفين، قبل أن تنقلب الأمور رأسا على عقب بعد اللوحة الإبداعية التي رسمها روبرت ليفاندوسكي، مستعيدا لحظة من سنوات الذروة والتوهج، بتسلم ولا أروع مع دوران داخل مربع العمليات، ثم أطلق سهامه في أصعب مكان على يسار الحارس أوبلاك، وتبعه فيران توريس بضربة رأسية صاروخية في الشباك، وبعد ذلك جاء دور الحاسم لامين يامال، بتسجيل هدف التقدم وخطف النقاط الثلاث بطريقته الخاصة، والذي مهد لإطلاق رصاصة الرحمة الرابعة بهدية من دفاع الأتلتي، استغلها توريس على أكمل وجه في شباك المغلوب على أمره أوبلاك، والمثير للدهشة والاستغراب، أن البارسا عاد من «مترو بوليتانو» بهذا الانتصار العريض، وهو ليس في أفضل حالاته على الإطلاق، دليلا على صعوبة التنبؤ برد فعل فريق المدرب هانزي فليك، خصوصا عندما يفرض سيطرته في آخر ربع ساعة، إذ يتحول إلى مجموعة من الوحوش الكاسرة، التي تتنفس على شن الغارات ومحاصرة الخصوم بكل الطرق الممكنة، بما في ذلك حل العرضيات من على الأطراف أو التصويب المفاجئ على حدود منطقة الجزاء. وهذا الأمر في حد ذاته، يعكس التغير الملموس في ثقافة برشلونة تحت قيادة مدربه الحالي، كفريق متنوع الحلول في اختراق دفاعات المنافس، وشاهدنا كيف جاء هدف توريس الثاني، من عرضية مقوسة أرسلها رافينيا من الجهة اليمنى على رأس توريس، الذي ارتقى لها وحيدا، ليقابلها بالرأسية التي اكتفى أوبلاك بشرف محاولة التصدي لها، وهذا الأسلوب يبدو غريبا على نهج النادي الكتالوني، الذي ذاع صيته على كرة «التيكي تاكا» والأناقة والمتعة البصرية في اللمسة الأخيرة، الأمر يبدو وكأن فليك يرفع الشعار العربي الشهير «اللي تغلب به ألعب به»، بما في ذلك رجال مقاعد البدلاء، الذين تم تحضيرهم بشكل جيد لهذه المرحلة، والحديث عن دي يونغ وأولمو وتوريس وباقي الأسماء التي كانت تحصل على دقائق لعب بشكل جيد في بداية الموسم، ريثما تكون على أهبة الاستعداد مع حاجة الفريق لتطبيق مبدأ المداورة في الأمتار الأخيرة، وقبل هذا وذاك، ما تحدثنا عنه في تحليل جولة إياب دور الـ16 لدوري الأبطال الأسبوع الماضي، هو ما نشاهده من سحر بين قدمي الغزال لامين يامال، الذي يثبت من مباراة لأخرى، أنه الوريث الشرعي لكبير الأساطير ليونيل ميسي، متقمصا نفس دوره، بصنع الفارق عندما تتساوى كفة الفريقين، تماما كما فعل أمام بنفيكا في مباراة الإياب، وأيضا أمام الهنود الحمر عندما كانت النتيجة 2-2، إذ يعطي الأمر لنفسه في جزء من الثانية، لتطويع موهبته الفطرية سواء في بعثرة المدافعين في المواجهات المباشرة، أو بتمريرة من زمن آخر، أو بتصويبة مباغتة من طراز «R2» في أقصى الزاوية اليمنى للحراس، هذا بخلاف تأثير الفنان بيدري في وسط الملعب، بإظهار نفسه تحت قيادة فليك، في صورة النسخة المحدّثة لتشافي هيرنانديز، كلاعب مايسترو بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بإمكاناته الجبارة في خلخلة الدفاعات بلمساته العبقرية بين الخطوط، وذكائه في اختيار الوقت المناسب لوقت التمرير والتقدم إلى الثلث الأخير من الملعب للقيام بدوره الحقيقي كصانع لعب وتاجر سعادة لثلاثي الهجوم والقادمين من الخلف، وبالمثل لا يخفى على أحد، التأثير الاستثنائي للبرازيلي رافينيا، الذي لا يتوقف عن إفحام كل منتقديه في السنوات الماضية، تاركا أرقامه وأهدافه وتمريراته الحاسمة تتحدث عنه منذ بداية الموسم، فارضا نفسه كمرشح محتمل للفوز بالكرة الذهبية من قبل المجلة الفرنسية، حال أثمر تعبه ومجهوده عن تتويج البرسا بثنائية الليغا ودوري الأبطال في نهاية الموسم، وهذا لا يبدو مستبعدا، على الأقل في الصراع على لقب الليغا، باتفاق أغلب النقاد والمتابعين على أفضلية الكاتالان ولو بنسبة ضئيلة عن الريال والأتلتي في المنافسة الشرسة على الدوري الإسباني.

وبالنظر إلى الأسباب التي ترجح كفة برشلونة على منافسيه في الأمتار الأخيرة، المنحى التصاعدي الواضح في الأداء الجماعي والفردي للفريق، في ما تبدو أشبه بـ «الريمونتادا» المتأخرة، بعد تخلي رجال فليك عن الصدارة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعد سلسلة النتائج المخيبة للآمال، التي تسببت في تقهقر الفريق من الصدارة إلى المركز الثالث خلف الريال والأتلتي، قبل أن ينجح زملاء لامين يامال، في استغلال هدايا ثنائي مدريد في أواخر فبراير/شباط وبداية مارس/آذار الجاري، لينقضوا على الصدارة بأفضلية الأهداف ولديهم مباراة أخرى مؤجلة ضد أوساسونا على خلفية الوفاة المفاجئة لطبيب النادي قبل انطلاق المواجهة. وفي المقابل، تسيطر حالة من القلق على شعب ريال مدريد في مختلف أنحاء العالم، وكلمة السر تكمن في العروض الباهتة التي يقدمها الفريق على مستوى الدوري، آخرها الفوز المخدر الذي تحقق على فياريال 2-1، كأول فوز يحققه اللوس بلانكوس على أصحاب «لاسيراميكا» في عقر دارهم منذ 2017، لكنها كغيرها من سهرات الليغا غير المقنعة، كانت شاهدا على ناقوس الخطر الذي يهدد فريق المدرب كارلو أنشيلوتي في الأسابيع القادمة، بمحاولات وفرص أقل على طول الخط أمام المنافسين، وحتى نفهم المقصود، تقول لغة الأرقام والإحصائيات، أن فريق الغواصات الصفراء شن 10 غارات مؤكدة على الحارس تيبو كورتوا، في المقابل اكتفى كيليان مبابي ورفاقه (في غياب الغالاكتيكو البرازيلي فينيسيوس جونيور) بـ5 محاولات فقط على حامي عرين أصحاب الدار، شاملة هدفي مبابي، وبعيدا عما يتردد في الإعلام العربي، وبالأخص المصري بشأن الدور الذي يلعبه الساحر الأفريقي المرافق للميستر كارليتو في انتصارات النادي الملكي، نقلا عن راوية العالمي أحمد حسام ميدو، فحجر الزاوية أو كلمة السر، تكمن في الفراغ الواضح بين الخطوط الثلاثة، إذ تشعر وأنت تشاهد مباريات الريال في الدوري المحلي، وكأن الدفاع في واد، والوسط في واد، وثلاثي الهجوم وبيلينغهام في واد آخر، ومع ذلك، في كل مرة يخطف النقاط الثلاث وأيضا بنفس الطريقة الصادمة للخصوم، بلمحة إبداعية فردية من واحد من «الغالاكتيكوس» في الثلث الأخير من الملعب، تارة بدهاء المدمر الفرنسي وتأقلمه على استغلال أنصاف الفرص والطريقة المناسبة لفك شفرة الأساليب الدفاعية لأندية الليغا المختلفة تماما عن الليغ1، وتارة أخرى بقرار فردي من فينيسيوس جونيور أو مواطنه رودريغو غوس وبدرجة أقل الفتى الإنكليزي بيلينغهام، وسط إجماع ما يعرف الإعلام الأبيض المحيط بالنادي الميرينغي، على أنه أبرز ضحايا التخمة المتاحة في هجوم الريال، بعد حرمانه من اللعب في مركزه المفضل كلاعب حر يجمع بين لاعب الوسط المهاجم ورأس الحربة رفقة فيني ورودريغو الموسم الماضي، وذلك ليقوم بدور المهندس المعتزل توني كروس في مركز لاعب الوسط رقم (8)، وأيضا ليترك الأماكن السحرية في الملعب للوافد الجديد الفرنسي، ما تسبب في ما نشاهده من تذبذب في مستوى القادم من بوروسيا دورتموند من حين لآخر، ونفس الأمر ينطبق على فينيسوس ورودريغو، باختفاء ملموس في بريق الأول، بالتزامن مع التقارير التي تشكك في استمراره مع النادي لموسم آخر، لصعوبة مقاومة العرض المحتمل من إحدى أندية القمة في دوري روشن السعودي، وكذا الآخر، يبدو واضحا أنه لا يعيش أفضل أوقاته في الأسابيع الماضية، وغيرها من المؤشرات التي لا تعكس سوى تباطؤ الفريق، أو على أقل تقدير، لا يقدم على أرض الملعب ما يتماشى مع الجودة والرفاهية المتاحة للمدرب الإيطالي، وذلك بطبيعة الحال في سهرات الليغا، وليس في ليالي التجبر والطغيان في سالكأس ذات الأذنين، فيما هو أشبه بالديجافو (تكرار ما حدث)، بتشابه غريب بين أوضاع الغالاكتيكوس الحالي وبين الغالاكتيكوس الأوائل زين الدين زيدان، ولويس فيغو، ورونالدو الظاهرة، وديفيد بيكهام وراؤول غونزاليس وباقي الأساطير، الذين كانوا يكافحون بنفس الطريقة الحالية لتخطي خصومهم في الليغا، بالرغم من الفارق الهائل فيما يخوص إمكانات وقدرات اللاعبين داخل المستطيل الأخضر، لكن هذا لا يعني بالضرورة، أن الريال قد رفع الراية البيضاء أو تقلصت فرصه في الاحتفاظ بلقب الدوري المحلي للموسم الثاني على التوالي، بل بنسبة كبيرة ستبقى المنافسة قائمة مع البارسا ومن خلفهم أتلتيكو حتى نهاية الموسم.

وبالمثل سيبقى نابولي بقيادة مدربه أنطونيو كونتي، في انتظار واحدة من هدايا حامل اللقب الإنتر، ريثما يستعيد مكانه في صدارة الكالتشيو الإيطالي، كما فعل نفس المدرب مرتين مع يوفنتوس، بوضع حجر أساس الفريق الذي هيمن على دوري أسياد الدفاع طيلة العشرية الماضية، وأخرى مع الإنتر لإنهاء هيمنة فريقه القديم على لقبه المحلي المفضل، بينما في ألمانيا وفرنسا، فأقل ما يُمكن قوله إن المنافسة قد انتهت تماما مع انفراد البايرن بالصدارة بفارق 10 نقاط عن بطل الموسم الماضي باير ليفركوزن، وابتعاد باريس سان جيرمان عن أقرب مطارديه بـ19 نقطة قبل بدء العد التنازلي لآخر 10 أسابيع في الموسم.