أخبار اليوم - قال رئيس مجلس الاعيان فيصل الفايز، إن الديمقراطية قيمة أساسية تضمن حقوق المواطنين وحرياتهم ، وتعزز المساواة والعدالة الاجتماعية بين الجميع، مما يجعل حمايتها مسؤولية تشاركية .
وقال ان الديمقراطية تتداعى اليوم، وواقع الحال يؤكد بأن الغرب اصبح ينتهج سياسة ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين ، في قضايا الحريات العامة والممارسة الديمقراطية.
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها اليوم الخميس في المؤتمر الذي تعقده الجمعية البرلمانية لمجلس اوروبا في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، وعلى مدى يومين لبحث ومناقشة العديد من القضايا المتعلقة بالديمقراطية وحمايتها، وضمان حرية التعبير والنشر، والقضايا المتعلقة بالعنف، في ظل حالة الاستقطاب التي يشهدها العالم، وما يشهده من صراعات سياسية وامنية .
وقال الفايز، ان تعزيز الديمقراطية والحفاظ عليها ، يتطلب توافر مناخات الاستقرار السياسي والامنـي ، باعتبار ذلك من أهـم مقومـات حمايتها وتكريسها في المجتمعات ، كما ان تنميتها تحتاج الى التخلي عن سياسة ازدواجية المعايير ، وتكريس الجهود لحماية المؤسسات والمنظمات الدولية ، التي تحمي العدالة وحقوق الانسان ، والحريات العامة ، وليس العبث بها واضعافها وتجاوز قيمها المثلى .
وأشار الى ان مستقبل الديمقراطية يعتمد على قدرة المؤسسات البرلمانية ، والمنظمات الأممية المعنية بالحريات العامة وحقوق الانسان وفض النزاعات ، بالعمل على تعزيز القواسم الثقافية والحضارية المشتركة بين الشعوب ، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بحق الشعوب في الحرية والاستقلال ، وبالعمل على نبذ الطائفية والعنصرية واحترام الأقليات وحقوقها ، إضافة الى أهمية وضع سياسات واضحة وتشريعات قانونية فاعلة ، تضمن حرية التعبير والنشر ، والشفافية والنزاهة ، ووجود تشريعات قانونية تحمي استقلال القضاء وتحارب الفساد بمختلف اشكاله .
وأضاف، "ان تعزيز الثقافة الديمقراطية وتنميتها، والتعريف بمبادئ الحقوق والواجبات الديمقراطية والسياسية، يتطلب تكريسها في المناهج الدراسية لطلبة المدارس والجامعات " مؤكدا بذات الوقت ان الديمقراطية ليست رفاهية بل هي أداة بقاء للمجتمعات التي تسعى للعيش بكرامة وسلام وحرية " .
وطالب الفايز مختلف الجهات المعنية سواء كانت حكومات او برلمانات، بضرورة السعي الجاد لوضع تشريعات وبرامج عمل واقعية ، ترسم مستقبلا افضل للديمقراطية لتبقى منارة في هذا العالم المضطرب لا تطفىء نورها قوى الشر .
وأشار الفايز الى عمليات القمع والعنف والتهديد بالحرمان والفصل ، التي يتعرض اليها الطلبة في العديد من الجامعات الغربية ، والى محاولات لجم الاصوات الحرة التي تنادي بادانة ورفض الابادة الجماعية ومجازر الحرب ، التي ترتكبها دولة الاحتلال الاسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني ، في قطاع غزه والضفة الغربية المحتلة ، مؤكدا ان هذه الممارسات تتنافى مع ابسط القواعد الديمقراطية وحرية التعبير ، وهي بذات الوقت تمثل واقعا حقيقيا لسياسة ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين تجاه قضايا الشعوب العادلة .
وبين الفايز، ان مؤتمر الجمعية البرلمانية لمجلس اوروبا ينعقد اليوم ، في ظروف استثنائية ولحظة تاريخية بالغة الحساسية يعيشها العالم ، حيث أصبحت الديمقراطية ومستقبلها امام اختبار صعب جراء ما نشهده من صراعات وحروب، وتزايد التحديات التي تواجه الأنظمة الديمقراطية ، بسبب النزاعات الإقليمية والتوترات الدولية، والاستقطاب السياسي ، وفشل حوار الحضارات ، وتراجع المعايير الأخلاقية والقيم الإنسانية ، وميل المجتمعات وجنوحها نحو التطرف والعنف .
وقال انه من المؤسف ما نشهده من عجز للامم المتحدة والمنظمات البرلمانية والحقوقية والإنسانية الدولية ، وعدم قدرتها على حل العديد من هذه الصراعات والنزاعات ، فعلى سبيل المثال ، ما زال الشعب الفلسطيني يعاني من الاحتلال الإسرائيلي منذ قرابة ثمانية عقود ، وهو اليوم ومنذ السابع من أكتوبر يتعرض لابشع عدوان من قبل دولة الاحتلال الاسرائيلي ، في قطاع غزه والضفة الغربية المحتلة ، هذا العدوان الذي ذهب ضحيته عشرات الالاف من الشهداء والمصابين واغلبهم من الاطفال والنساء .
واضاف الفايز " ان وسائل التواصل الاجتماعي ، التي يفترض بها ان تسهم في تعزيز حرية النشر والتعبير والحريات العامة ، الا انهاء وللاسف ساهمت في زيادة التحديات التي تواجه الديمقراطية ، فعملت على تعزيز خطاب الكراهية ، وانتشار العنف والتعصب والنزاعات الدينية والعرقية ، وتبني حملات التضليل التي ترمي الى التلاعب بالانتخابات ونتائجها ، مما أدى الى تعميق الانقسامات الاجتماعية ، وباتت غالبية الشعوب تميل نحو التطرف .
وقال ان ضعف الثقة في المؤسسات الديمقراطية ، وعدم المساواة بين دول الشمال والجنوب ، واتساع الفجوة الاقتصادية والتكنولوجية بينهما ، أدى الى اضطرابات اجتماعية في العديد من البلدان ، مبينا ان جميع هذه العوامل وضعت الديمقراطية ومستقبلها تحت اختبار صعب .