باحثون "إسرائيليون": لا الترانسفير ولا تجديد القتال

mainThumb
باحثون "إسرائيليون": لا الترانسفير ولا تجديد القتال

13-03-2025 02:52 PM

printIcon

أخبار اليوم - يؤكد باحثون وقادة عسكريون سابقون عدم جدوى الرهان على الخيار العسكري فحسب، ويقولون إنه ينبغي استعادة المحتجزين أولاً ورهن إعادة إعمار غزة بنزع سلاح حركة “حماس”.

يقول الباحثان الإسرائيليان في معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، عاموس يادلين وأودي أفينتال، في مقال مشترك نشره موقع القناة 12 العبرية، إنه مع نهاية المرحلة (أ) من صفقة التبادل والمفاوضات الصعبة لتحرير بقية المخطوفين، لم تحقق إسرائيل هدفَي الحرب المركزيَّين في غزة: إعادة جميع المخطوفين- الأحياء لإعادة التأهيل، والأموات للدفن؛ وتفكيك حُكم “حماس”.

ويقولان أيضاً إنه على خلفية المفاوضات الصعبة مع “حماس” يبدو أن هناك خلافاً في المجتمع الإسرائيلي بين الأغلبية الداعمة للصفقة بـ”أيّ ثمن” ومَن يعتقدون أنه لا يمكن أن تبقى “حماس” في السلطة، وطبعاً، لا يجب الاستجابة لمطالب الحركة: الانسحاب الكامل للجيش من قطاع غزة وضمانات بشأن إنهاء الحرب وإعادة إعمار القطاع.

الباحثان: لا يمكن تحقيق هدفَي الحرب، إلّا عبر توزيعهما، بناءً على تسلسُل زمني: أولاً، عودة المخطوفين، وبعدها إنهاء حُكم “حماس”

وينوهان أن “حماس” تتمسك بمطلب ضمان إعادة الإعمار في المرحلة (ج) من خطة نتنياهو – بايدن من شهر أيار/مايو 2024، وتريدها أن تكون جزءاً لا يتجزأ من أيّ اتفاق.

ويمضيان في مقالهما المشترك: “يوجد لدى إسرائيل ثلاث أدوات ضغط أساسية على “حماس”، الأولى تجديد القتال؛ والثانية منع دخول المساعدات الإنسانية الذي أعلنته إسرائيل مع نهاية المرحلة (أ)؛ والثالثة منع إعادة إعمار القطاع، وهو ما تحتاج إليه “حماس” كي لا يتم التعامل معها على أنها تسببت للمواطنين في غزة بدمار لا يمكن إصلاحه”.

وضمن تحذيراتهما، يوضح يادلين وأفينتال أن العودة إلى القتال، في الأغلب، ستؤدي إلى موت المخطوفين الذين ما زالوا أحياء في الأسر لدى “حماس”، ولن يؤثر وقف إدخال المساعدات على الحركة كما يجب، بعد أن ملأت مخازنها خلال وقف إطلاق النار. ومن هنا يستنتجان أنه لا يمكن تحقيق هدفَي الحرب، إلّا عبر توزيعهما، بناءً على تسلسُل زمني: أولاً، عودة المخطوفين، وبعدها إنهاء حُكم “حماس”.

أفكار بديلة
وطبقاً لهما، يمكن التفكير في إمكان ثالث لتفكيك حُكم “حماس”، بعد تحرير المخطوفين، على أساس وقف الحرب والانسحاب من غزة. ويوضحان أن الإمكان الأول هو محاولة تطبيق رؤية ترامب وإجلاء سكان غزة وإقامة سلطة أمريكية في القطاع في “اليوم التالي”، لكنهما لا يثقان بهذه الفكرة: “وعلى الرغم من الحماسة الإسرائيلية لهذه الخطة، فإن العالم العربي برمّته يعارضها، ويبدو أن ترامب نفسه فهِم هذا، وهو مستعد للبحث في أفكار بديلة”.

ويقولان إنه رغم ذلك، فإن السياسة الأمريكية الجديدة حيال غزة يبدو أنها تخلق واقعاً إستراتيجياً مريحاً أكثر بالنسبة إلى إسرائيل. ويعللان ذلك بالقول: “توضح الإدارة أن حركة “حماس” لن تحكم غزة في “اليوم التالي” للحرب، وتمنح إسرائيل، على الأقل في هذه المرحلة، الدعم الكامل للعودة إلى القتال في غزة مستقبلاً، حتى إنها تسمح باستعمال قوة أكثر من السابق”.

أما الإمكان الثاني، برأيهما، فهو العودة إلى القتال، وفقاً للمعايير التي سيتم الاتفاق عليها مع الولايات المتحدة – على نمط الرسالة الجانبية التي حصلت عليها إسرائيل في إطار الاتفاق مع لبنان. وفي جميع الأحوال، السؤال المطروح هو: ما الذي يمكن أن تفعله إسرائيل في المرحلة (ب) من أجل تحقيق ما لم تنجح في تحقيقه خلال العمليات السابقة في غزة؟

ويعلل الباحثان الإسرائيليان استبعادهما فكرة الحرب الثانية: “هناك مَن سيدّعي أن احتلال القطاع برمّته وتفكيك بنى “حماس” وسلاحها بالتدريج، هي أهداف واقعية. حتى لو كان هذا صحيحاً، فإن خطوة كهذه ستحتاج إلى كثير من الوقت، وستكون منوطة بأثمان ثقيلة على صعيد حياة الجنود والموارد الاقتصادية والعسكرية والقدرة على التركيز على التحديات والجبهات الأُخرى، مثل السلاح النووي الإيراني، وهي أيضاً ستُلحق الضرر بمكانة إسرائيل في العالم، وسيتم تأجيل استنفاد الفرص المتاحة أمامنا، مثل التطبيع. لكن حتى لو تجاهلنا هذه الأثمان، فمن الواضح أن إسرائيل ستغرق في غزة أعواماً، بحسب التوقعات، وخصوصاً إذا لم تقُم ببناء سلطة بديلة من سلطة “حماس”.

وهذا ما أكده رئيس الاستخبارات العسكرية الأسبق أوري ساغيه، في حديث للإذاعة العبرية الرسمية صباح اليوم الخميس، بقوله إن الخيار العسكري وحده غير كافٍ ولا يحقق الهدف طالما أن نتنياهو يرفض البحث في اليوم التالي وفي إيجاد بديل لـ “حماس”.

الخيار الثالث
والخيار الثالث، برأيهما، هو أن تشترط إسرائيل إعادة الإعمار في غزة بنزع سلاح “حماس”، وأن تحافظ، في الوقت نفسه، على التهديد بتفعيل قوة كبيرة.

ويتابعان في تبيان ملامح الفكرة المقترحة: “صحيح أن إسرائيل رفضت الخطة التي نشرتها الدول العربية في مصر، مؤخراً، بشأن إعادة إعمار القطاع بعشرات مليارات الدولارات، لكن، يمكن ربط هذه الخطة بنزع السلاح في غزة، وهو ما سيُعاظم الضغوط على “حماس” من المجتمع الغزي. وعموماً، يجب أن نوضح للدول المانحة أنه من دون ضمان نزع السلاح والبنى العسكرية لـ “حماس”، سيرتكبون الخطأ نفسه الذي حدث خلال الأعوام العشرة الماضية، وهو رمي المال في مناطق تتحصن فيها “حماس” تحت الأرض وفوقها، الأمر الذي سيحولها إلى أهداف شرعية”.

رهن إعادة الإعمار
من هنا يستنتجان أنه من الممنوع وضع مسألة إعادة الإعمار على طاولة المفاوضات مع “حماس” الآن، ويجب على إسرائيل أن تضع على الطاولة موقفاً تفصيلياً بشأن شروط إعادة الإعمار في سياق نزع السلاح وتجنيد دعم الولايات المتحدة وأوروبا لهذا المطلب.

ويضيفان: “في المرحلة الحالية، ستفاوض إسرائيل فقط بشأن المساعدات الإنسانية التي تشمل الغذاء الأساسي والوقود الضروري والمباني المتنقلة للنازحين. وبعدها، على إسرائيل أن تتأكد من أن المنظومة الدولية والإقليمية لا تمضي في طريق إعادة الإعمار بغطاء المساعدات الإنسانية، وذلك من خلال إعادة إعمار كاملة للقطاع، وإزالة الركام، وبناء أماكن سكنية دائمة، ومنظومات الكهرباء والماء والمواصلات – أمور كلها يجب أن تكون مرتبطة بنزع السلاح الكامل”.

ماذا يتضمن نزع السلاح؟
رداً على هذا التساؤل، يقول الباحثان إن تفاهمات واضحة بين جميع الأطراف على أن “حماس” لن تحكم في غزة، وستسلّم سلاحها وتفكّك البنى “الإرهابية” (مواقع تصنيع السلاح ومخازن السلاح ومنظومات مختلفة) فوق الأرض وتحتها، ولن تستطيع إعادة بناء قدراتها العسكرية.

ويزعمان أنه سيتوجب على قيادتَي “حماس” العسكرية والسياسية ترك القطاع، ويجب إغلاق محور فيلادلفيا كلياً، بالتعاون بين إسرائيل ومصر والمنظومة الدولية.

ويمضيان في استشراف الأفق المقترح: “في هذه المرحلة، وبحسب الخطة العربية، فإن القوات العربية ستدخل إلى غزة وتلعب دوراً استشارياً، ولن تنشغل عميقاً بتفكيك البنى العسكرية. يجب على إسرائيل السعي لتفاهمات مع الدول العربية والولايات المتحدة من أجل بناء منظومة مراقبة فعالة، مثلما جرى في لبنان، والتأكد من أن الجيش سيكون مسؤولاً عن ضبط نزع السلاح، ويتدخل في كل موقع تتوفر معلومات تشير إلى وجود سلاح فيه، أو قدرات عسكرية لم يتم التعامل معها”.

الباحثان: من الممنوع وضع مسألة إعادة الإعمار على طاولة المفاوضات مع “حماس” الآن، ويجب على إسرائيل أن تضع على الطاولة موقفاً تفصيلياً بشأن شروط إعادة الإعمار في سياق نزع السلاح


خلاصة
ويقولان إنه استناداً إلى استخلاصاتهما حتى اليوم، من الواضح أن الحل العسكري وحده لن يحقق الأهداف في غزة، وفي كل واحد من الخيارات سيتوجب على إسرائيل بناء بديل من “حماس” – جهات تسيطر على المساعدات، في موازاة نزع سلاح الحركة وسلطتها بالتدريج.

ويؤكدان أنه ومن أجل الدفع بنزع السلاح في غزة على أساس إعادة الإعمار، يجب على إسرائيل الاستعانة بجهات فلسطينية محلية، وضمنها جهات لها علاقة بالسلطة الفلسطينية، بشرط أن تقوم بإصلاحات (وهذا ما تطلبه أيضاً الدول العربية، كشرط لكي تكون شريكة في إعادة الإعمار).

وعلى الرغم من المعارضة الحادة للخطة العربية في الحكومة واستنادها إلى السلطة كبديل مستقبلي من “حماس”، فإن هذا البناء ضروري وشرط لوجود دول متبرعة في المدى البعيد، وسيكون بمثابة اعتراف دولي بضرورة تفكيك “حماس” كسلطة حاكمة في القطاع. هذا بالإضافة إلى أن إسرائيل ستكون مطالَبة بالتعاون مع جهات دولية رسمية وخاصة (شركات أمنية مثلاً) تراقب مسار نزع السلاح وتفكيك البنى “الإرهابية” في القطاع.

في الخلاصة، يعتبران أنه لدى إسرائيل أداة ضغط كبيرة جداً لتفكيك حُكم “حماس” في القطاع وإزالة التهديد العسكري من غزة وقتاً طويلاً، بشرط تخطّي الشعارات، وتقديم مضمون واضح لمطلب إعادة الإعمار، في مقابل نزع السلاح، وأن تضع هذه الشروط أمام المنظومتَين الإقليمية والدولية.