أخبار اليوم - إلى الشمال الغربي من مدينة رام الله، تقع قرية أم صفا التي يقطنها نحو 750 مواطنا، باتوا يعيشون في سجن مفتوح مع إغلاق الاحتلال الإسرائيلي مداخل القرية منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بينما تحاصرها المستوطنات والمشاريع الاستعمارية من كل الجهات: "عطيرت" شرقا، و"حلميش" غربا، وشارع استعماري جنوبا، وأعمال تجريف لصالح التوسع الاستعماري شمالا.
وخلال الأشهر الأخيرة، كثف المستوطنون من اعتداءاتهم على القرية بالتزامن مع الاستيلاء والتجريف الذي طال أراضيها.
وآخر هذه الاعتداءات وقع فجر اليوم الثلاثاء، بعد أن تسلل مجموعة من المستوطنين من مستعمرة "عطيرت" للجهة الغربية من القرية، وأضرموا النيران في كراج مركبات، حيث أتت على ثلاث مركبات وأحرقتها بالكامل.
وقبلها بيومين، اقتحم مستوطنون مسلحون القرية ليلا، وأطلقوا الرصاص صوب منازل المواطنين، وممتلكاتهم، سبقها تدمير خط المياه الرئيسي المغذي للقرية، والاعتداء على العمال وتكسير مركباتهم.
ويرى المواطنون أن تكرار هذه الاعتداءات من المستوطنين بحماية من قوات الاحتلال الإسرائيلي يهدف إلى تهجيرهم قسرا واقتلاعهم من أراضيهم لصالح التوسع الاستعماري الذي يقضم أراضي القرية وبات يتهدد منازلهم وممتلكاتهم.
رئيس مجلس قروي أم صفا، مروان الصباح قال لـ"وفا" إن "هناك مخططا لتهجير أبناء القرية، وإقامة تجمع استيطاني استعماري كبير على أراضي ومنازل المواطنين، وربطها مع المستعمرتين المجاورتين، خاصة أنها القرية الوحيدة التي بقيت مداخلها مغلقة منذ حرب الإبادة، ولم تُفتح دقيقة واحدة".
وتقدّر مساحة أم صفا بـ 4 آلاف دونم، تبقى منها فقط 300 دونم بعد العدوان، بسبب إجراءات الاحتلال وقضم الأراضي والاستيلاء على مساحات شاسعة منها، وهي ذات المساحة التي تتربع عليها منازل المواطنين.
ولفت الصباح إلى أن الاحتلال استولى على 600 دونم بشكل كامل في "جبل الراس" وأقام عليها بؤرة استعمارية، ومنع عشرات العائلات من الوصول لأراضيهم، فضلا عن اقتحامات المستوطنين اليومية لوادي الزيتون، وكل من يقترب منهم يُعرض نفسه للخطر.
ليس هذا فحسب، بل أصدر الاحتلال بعد حرب الإبادة قرارا بمنع البناء في القرية بالكامل، ويتم الإخطار بالهدم فورا، وهو ما حدث مع أحد المواطنين الذي تفاجأ بقرار الهدم على الرغم من أن البناء قائم قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وتابع الصباح: الجميع يتذكر إجرام المستوطنين عندما تسللوا للقرية وأحرقوا عشرات المنازل، والمركبات، وكادوا يرتكبون مجزرة لولا تصدي المواطنين لهم. كما أغلقوا مؤخرا مقبرة القرية، وهددوا المواطنين بالقتل حال الوصول إليها أو دفن قريب، حيث توفي شاب قبل شهر رمضان بيوم، ومنع المستوطنون دفنه في المقبرة، إلا بعد تدخل من الجهات الرسمية والدولية كافة، حينها سمح لهم بدفنه والعودة سريعا.
وأوضح الصباح أن القرية تعاني من نقص في المياه بعد تدمير الاحتلال لخط المياه الرئيسي، إضافة لنقص في المواد الغذائية نتيجة إغلاق المداخل وبعد المسافات على الموزعين الذين باتوا يتجاهلون القرية.
وأشار إلى أن المواطنين يضطرون إلى سلك طريق وعرة للوصول إلى رام الله، حيث يتوجهون إلى بلدة دير السودان، ثم عجول فروابي، ثم إلى بيرزيت، أي ما يقارب الساعة، في حين أن الطريق إلى بيرزيت لا تتعدى 5 دقائق في الوضع الطبيعي، الأمر الذي ألقى حملا ثقيلا عليهم.
وبات الحصار والإغلاق يشكل خطرًا على حياة المواطنين، الذين يضطرون للنزول إلى "الشارع الاستعماري (الالتفافي)" وانتظار مركبة تقلهم إلى أماكنهم عملهم، كما جرى مع أحد المواطنين الذي ضربته آلية الاحتلال ما أدى لإصابته برضوض وجروح.
وقال الصباح: نحن كمجلس قروي تواجهنا مشاكل كبيرة، حيث لا نستطيع جمع النفايات، أو سحب الحفر الامتصاصية، لأن القرية محاصرة بالكامل.
وأضاف: قمنا برفع قضايا في محاكم الاحتلال، وتوجهنا للجنة الدولية للصليب الأحمر وللقنصليات والسفارات والممثليات، من أجل فتح مداخل القرية حتى لو بشكل جزئي وضمن ساعات معينة، لكن في كل مرة يكون الرد بالرفض، وذلك بهدف إتاحة المجال للمستوطنين ليقوموا بأعمال عربدة والاستيلاء على ما تبقى من أراضي المواطنين.
ووثقت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان 1705 اعتداءات من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين خلال شهر شباط/ فبراير الماضي، من بينها 230 اعتداء نفذها المستوطنون.
ومنذ بدء حرب الإبادة على قطاع غزة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تصاعدت اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين وممتلكاتهم بالضفة الغربية، تحت حماية كاملة من جيش الاحتلال، وأسفرت عن استشهاد 25 مواطنا، إضافة إلى تدمير الممتلكات وإحراق الأراضي الزراعية.
وقالت الأمم المتحدة في 22 شباط/ فبراير الماضي، إنها وثقت ما معدله 5 اعتداءات عنف من مستوطنين يوميا في الضفة الغربية خلال أسبوع، مشيرة إلى تصاعد هجمات المستوطنين التي ألحقت أضرارا بممتلكات الفلسطينيين وأراضيهم الزراعية.