من هو الصديق العلوي الذي أصبح مهندسًا للسلم الأهلي في سوريا؟

mainThumb
من هو الصديق العلوي الذي أصبح مهندسًا للسلم الأهلي في سوريا؟

11-03-2025 12:08 PM

printIcon

أخبار اليوم - عيّن الرئيس السوري أحمد الشرع مؤخراً صديق طفولته خالد الأحمد عضواً في اللجنة العليا للحفاظ على السلم الأهلي، في خطوة تبدو استكمالاً لمسار معقد من العلاقة بين الرجلين ساهمت في تغيير وجه سوريا.

خالد الأحمد، المستشار العلوي السابق للرئيس المخلوع بشار الأسد (2012-2018)، كان من أوائل الشخصيات البارزة التي استشعرت نهاية النظام وسعت للتواصل مع المعارضة. في صيف 2021، قام بمغامرة محفوفة بالمخاطر عندما عبر الحدود التركية إلى الأراضي التي تسيطر عليها قوات الشرع في إدلب.

كما كشفت مجلة “إيكونوميست” في تقرير مفصّل، استقبل الشرع صديقه القديم بحفاوة غير متوقعة، قبّله على وجنتيه ثلاث مرات، واحتضنه بقوة، مناديًا إياه بـ”أخي” و”حبيبي” و”رفيقي”. ورغم المسارات المختلفة التي سلكها الرجلان- أحدهما ارتقى في نظام الأسد والآخر قاد التمرد ضده – إلا أن صداقة الطفولة ظلت جسراً للتواصل.

جذور الصداقة
تعود صداقة الأحمد والشرع إلى سنوات المراهقة في دمشق، حيث تشاركا الشعور بـ”الخذلان” رغم اختلاف أسبابه. كان الشرع يعاني من “وصمة” النزوح من الجولان، بينما واجه الأحمد تحديات خاصة به كعلوي. كانا يخرجان معاً إلى لبنان هرباً من أجواء دمشق الخانقة في سيارة المرسيدس البيضاء التي يملكها الشرع.

في ذلك اللقاء الحاسم عام 2021، أمضى الرجلان يوماً كاملاً يتناولان سندويشات الشاورما ويتذكران الماضي ويناقشان مستقبل سوريا. عرض الشرع حينها خططه لإعادة بناء دمشق بعد سقوط النظام، بينما طرح الأحمد فكرة نظام فيدرالي يتشارك فيه الطرفان السلطة.

يبدو أن الأحمد لعب دوراً محورياً في تسهيل سقوط نظام الأسد والانتقال السلمي للسلطة في ديسمبر 2024. فبحكم منصبه السابق كمستشار مقرب من الأسد، امتلك رؤية من داخل النظام عن نقاط ضعفه وتصدعاته، وقدم هذه المعلومات للشرع.

لكن الأهم من ذلك، كان دوره في طمأنة الأقليات، خاصة العلويين، بأن النظام الجديد لن ينتهج سياسة انتقامية. هذا الدور ساهم في تقليل المقاومة الطائفية وسهل الانتقال السلس للسلطة عندما بدأ النظام بالتفكك.

يمثل تعيين الأحمد في اللجنة العليا للحفاظ على السلم الأهلي تحولاً مهماً، إذ ينقل العلاقة بين الرجلين من صداقة سرية إلى شراكة علنية في بناء سوريا الجديدة. وتأتي هذه الخطوة في سياق حرج، خاصة مع التوترات المتصاعدة في الساحل السوري ذي الأغلبية العلوية.

وتشير المهام الموكلة للجنة – التواصل المباشر مع أهالي الساحل السوري، وتقديم الدعم لضمان أمنهم واستقرارهم، وتعزيز الوحدة الوطنية – إلى أن الشرع يعتمد على علاقة الأحمد بالطائفة العلوية وخبرته السياسية في نزع فتيل التوترات الطائفية المحتملة.

مستقبل غير مؤكد
رغم هذه الشراكة الظاهرة، تظل هناك تساؤلات حول مدى استدامتها. كما وصفت “إيكونوميست”، فإن صداقة الشرع مع أحد المقربين من النظام السابق تمثل مثالاً على التناقضات التي تجعله إما “براغماتياً بامتياز” أو “شخصاً لا يمكن الوثوق به أبداً”.

يواجه الأحمد تحدياً مزدوجاً: كسب ثقة أبناء طائفته الذين قد يرونه “خائناً” لتحالفه مع الشرع، والحفاظ على ثقة الرئيس الجديد والفصائل الإسلامية التي قد تنظر إليه بريبة بسبب ماضيه مع نظام الأسد.

لكن في نهاية المطاف، تظل قصة خالد الأحمد شاهدة على أن العلاقات الشخصية قد تتجاوز أحياناً الانقسامات السياسية والطائفية، وقد تلعب دوراً حاسماً في تشكيل مصير الأمم في أوقات التحولات الكبرى.