أنباء عن تقدّم في مفاوضات الصفقة .. ووفد "إسرائيلي" إلى الدوحة غداً

mainThumb
أنباء عن تقدّم في مفاوضات الصفقة.. ووفد "إسرائيلي" إلى الدوحة غداً

09-03-2025 12:52 PM

printIcon

أخبار اليوم - فيما ترد أنباء متفائلة من جهة الولايات المتحدة وحركة “حماس” عن احتمالات تقدّم، أو إحداث اختراق في حالة الجمود الملازمة للصفقة العالقة، فإن إسرائيل الرسمية ترش الماء البارد عليها، لكنها تعلن قرارها بإيفاد وفد التفاوض إلى الدوحة غداً الإثنين، وسط تحذيرات إسرائيلية متزايدة من القيام بمغامرة عسكرية جديدة.


وطبقاً لوسائل إعلام عبرية، ترجّح مصادر أمريكية شقّ طريق في المفاوضات المباشرة بين واشنطن و”حماس” حول إطلاق رهائن، وتمديد وقف النار حتى بعد الفصح، وتقول إنها مصمّمة على مواصلة المسار التفاوضي رغم “مزاعم إسرائيل”.


في المقابل، كان بعض الناطقين بلسان “حماس” قد قالوا، أمس، إن هناك تقدماً، بيد أن إسرائيل سارعت إلى النفي بالقول: “لا علم لنا بذلك”، وفي ذات الوقت تستجيب لطلب الوسطاء وترسل غداً وفداً للدوحة لـ “مواصلة المفاوضات للإفراج عن الرهائن”.

واليوم الأحد، ستحدّد الحكومة في اجتماعها الأسبوعي حجم صلاحيات الوفد، في ظل تصريحات وتهديدات عن استعدادات للحرب. ومن غير المستبعد أن يكون المسار التفاوضي المباشر بين الإدارة الأمريكية و”حماس” هو الذي دفع حكومة الاحتلال نحو “الاستجابة لطلب الوسطاء بتجديد المفاوضات”، وذلك حتى لا تبقى إسرائيل في حالة حرج، لا سيّما أن جهات أمريكية تتهمها بمحاولة تخريب هذا القنال المباشر.



لا بد أن نتنياهو، الخبير بالشؤون الأمريكية، يرى ما الذي فعله ترامب النزق العجول متقلّب المزاج مع رئيس أوكرانيا، ولذا فقد ابتلع هذه “الضفدعة” وصمت، والآن يوافق على استئناف المفاوضات كي لا يبدو مهمّشاً من قبل واشنطن، التي ستوفد ستيف ويتكوف، بعد غد الثلاثاء.


ضغوط داخلية
وفيما تستمر “حماس” في نشر أشرطة فيديو لرهائن يتوسّلون الإفراج عنهم، في محاولة لتأجيج ضغط إسرائيلي داخلي نحو إنهاء الحرب، واصل الإسرائيليون المظاهرات أمس للمطالبة باستعادة بقية الرهائن، وسط تأييد 70% منهم لإنهاء الحرب وإتمام الصفقة، وفق استطلاعات رأي متتالية.


في المقابل، يبدو أن حكومة الاحتلال لا تكترث بهذه المظاهرات حتى الآن، فهي ما تزال خجولة، ولا ترتقي إلى المستوى الذي يخشاه نتنياهو ويضطره إلى التقدم نحو إنهاء الحرب واحترام الاتفاق.
تبقى الاحتجاجات غير صاخبة بما يكفي، بعكس ما شهده الشارع الإسرائيلي خلال عام 2023 احتجاجاً على “الانقلاب القضائي”، وذلك رغم الاتهامات الخطيرة الموجهة إلى حكومة الاحتلال برئاسة نتنياهو من قبل أوساط في المعارضة والرأي العام.


في حديث للإذاعة العبرية، اعتبر رئيس المعارضة يائير لبيد المفاوضات المباشرة بين الولايات المتحدة و”حماس” دليلاً على فشل إسرائيلي، وقال إنه عندما تتلكأ إسرائيل تحدث أشياء سلبية، مثل المفاوضات الجارية بين أمريكا و”حماس”.
وتابع لبيد مخاطباً نتنياهو بلغة ساخرة في حديثه للإذاعة العبرية الرسمية: “قال نتنياهو لنا إنك عيّنت وزير الشؤون الإستراتيجية رون درمر مسؤولاً عن ملف المفاوضات كونه يجيد التفاوض ويتمتع بمعرفة واسعة بالولايات المتحدة، وإذا بالنتائج تأتي معاكسة: مفاوضات مباشرة مع “حماس”، ومن خلال خليل الحية، شريك سر السابع من أكتوبر”.
وتبعه وزير الأمن الأسبق موشيه يعلون، الذي جدّد حملته على حكومة نتنياهو، وقال للإذاعة ذاتها إن عشرات الرهائن قتلوا بسبب اعتبارات سياسية فئوية لدى نتنياهو.

لا بد أن نتنياهو، الخبير بالشؤون الأمريكية، يرى ما الذي فعله ترامب النزق العجول متقلّب المزاج مع رئيس أوكرانيا

ومضى يعلون قائلاً: “مشكلتنا أن حكومة نتنياهو تنشغل ببقائها لا بالمصالح الإسرائيلية العليا، وعندما فهم الأمريكيون ذلك لجأوا إلى فتح قناة مباشرة مع حماس، وهذا سيء جداً”.

احتمالات الحرب؟
وفي ظل التهديد والوعيد الإسرائيلي بحرب أكثر شراسة ودموية، هناك مزاج عام في إسرائيل يتحفّظ من استئناف الحرب على غزة، ويشك في أنها لا تخدم مصلحتها بقدر ما تخدم مصالح رئيس حكومتها، كما يشي كاريكاتير نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، حيث يقول محتجز إسرائيلي لمحتجز آخر داخل أحد أنفاق غزة: “عليك أن تفهم، أخي، أن المرحلة الثانية هي حكم بالإعدام على حكومته”.


ويعرب عدد من المراقبين الإسرائيليين عن رفضهم للحرب من جديد، ويحذّرون من أن الرئيس ترامب أيضاً لا يريدها. فتحت عنوان “حرب كما في الحرب” يقول المعلق السياسي شيمعون شيفر (يديعوت أحرونوت) بأن نتنياهو وثلته يعدون بمواصلة الحرب الدامية: “حرب أكثر شراسة” تقود إلى حسم ونصر.


ويواصل شيفر ساخراً ومشككاً: “سؤال؛ ماذا فعلنا حتى الآن في غزة بعدما كنا على بعد خطوة من الانتصار؟ عدنا إلى نقطة البداية. لكن “حماس” لن تهزم. هذه المنظمة التي قاتلت حرب عصابات داخل مناطق مأهولة لا يمكن إخضاعها إخضاعاً كاملاً على يد جيش نظامي، وهي تواصل تدفيعنا الثمن بحياة الجنود. يعدوننا بقطع الماء والكهرباء والغذاء. لا تشتروا هذه الثرثرة، فالعالم سيواجهنا حتى لو صرخنا: ‘ترامب معنا'”.

وبخلاف مراقبين آخرين يرون أن مفتاح الأزمة موجود فقط داخل البيت الأبيض، يرى شيفر أن مصير الرهائن بيد الجمهور الإسرائيلي الآن، ومن خلال كلمة صارمة واحدة: “كفى! المخطوفون الآن ولاحقاً حماس”.

ترامب غير متوقّع
ويحذّر زميله المعلق السياسي في الصحيفة نفسها بن درور يميني من انقلاب الموقف الأمريكي، ويعلل ذلك بالقول إن ترامب غير متوقع، وفاض به وملّ من حروب الاستنزاف، معتبراً أن هذا ينبغي أن ينطبق على إسرائيل أيضاً.
ويضيف يميني: “الآن نحن أمام نافذة فرص قبل أن ينزل علينا ترامب مفاجأة جديدة. في هذه النافذة، فإن الخطوة الأولى هي إطلاق سراح المخطوفين، حتى مقابل ثمن باهظ”.


ومن جهته، يرى مستشار الأمن القومي السابق، الجنرال في الاحتياط غيورا آيلاند أن إسرائيل تقف اليوم أمام مفترق طرق وتواجه ثلاثة خيارات:
1. صفقة تعيد فوراً كل المخطوفين مقابل إنهاء الحرب وانسحاب تام من القطاع.
2. تجديد الحرب. وهنا يتساءل آيلاند، المبادر لـ “خطة التجويع” المعروفة بـ “خطة الجنرالات”: ما الذي يمكن أن نحققه بحرب جديدة ولم نحققه حتى الآن؟ ما هو السلاح السري؟ كم وقت يستغرق؟ وكيف يؤثر ذلك على حياة الرهائن؟ وهل تبرّر المكاسب القيام بالعملية، فالخسارة ليست في صفوف الجيش فحسب، بل بزيادة الأثقال عليه. كيف سيؤثّر نقل القوات من جبهات أخرى إلى غزة، خاصة أن التوتر في الضفة الغربية كبير والحوثيون يهدّدون بتجديد النار. كيف تؤثر الحرب على العلاقات مع الدول العربية وعلى الاقتصاد وعلى شركات السفر والطيران؟
3. تمديد الصفقة بنبضات صغيرة (عشرة رهائن مقابل وقف نار لشهرين)، والتأجيل ثم التأجيل.


ويخلص آيلاند للقول إنه “لو كنت صاحب قرار لاخترت الخيار الأول: في حال استكمال صفقة المخطوفين ستفتح إمكانيات كثيرة لحسم سلطة “حماس” في القطاع، وليس بالضرورة بوسائل عسكرية فحسب. علينا تأييد الخطة العربية مع تحسينات وإبقاء القطاع تحت سيطرة عربية وقطع علاقتنا به”.

الأمل بالصفح والغفران
في سياق الحديث عن الضغوط والمحاذير الداخلية، كشفت “يديعوت أحرونوت”، يوم الجمعة الفائت، أن هناك وحدات ومجموعات ضباط وجنود في الاحتياط تتحفّظ جداً من تهديدات قائد جيش الاحتلال الجديد أيال زامير بالحرب، وتقول إنها لن تعود للقتال. ويأتي هذا على خلفية تقديرات إسرائيلية أيضاً بأن هناك حالة إرهاق تلازم الجيش والجبهة الداخلية الحاضنة.

بن درور يميني: الآن نحن أمام نافذة فرص قبل أن ينزل علينا ترامب مفاجأة جديدة

تحت عنوان “علامة سؤال” يرى المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هارئيل، اليوم الأحد، إنه عدا الخطر المتربص بالجنود والمخطوفين، فإن خطة زامير لحرب شرسة تثير علامات سؤال كثيرة حولها: من سيلجم الحكومة والجيش؟ كم عدد جنود الاحتياط الذين سيتجنّدون مجدّداً؟ ما هي تبعات ذلك على الاقتصاد؟ وكم جندياً سيتبقى لنا للجبهات الأخرى وإسرائيل تهدّد بمهاجمة إيران؟


وفيما تفيد أنباء صحفية إسرائيلية بأن ويتكوف سيصل المنطقة الثلاثاء، وعن تقدّم نحو صفقة بينية تطلق فيها “حماس” نحو نصف الرهائن مقابل وقف النار لفترة شهرين، يكرّر هارئيل ترجيحاته بأن مفتاح الحل موجود في واشنطن.
وهذا ما يراه زميله المعلق السياسي حايم ليفنسون بالقول إن ترامب، بعكس بايدن، يرعب نتنياهو ويدفعه للصمت، حتى مقابل مفاوضات مباشرة مع “حماس”، ويقول إن قطر تقف خلف الفكرة الإبداعية بالقنال التفاوضي المباشر بين الإدارة الأمريكية و”حماس”، وبذلك هي تحشر نتنياهو في الزاوية.


بين هذا وذاك، وحتى لو رجحت كفة الصفقة على الحرب فعلاً، كما تشي قرائن غير قليلة، فإن نتنياهو سيواصل المراوغة ريثما ينتهي من المصادقة على الموازنة العامة ويؤمّن ائتلافه من الانهيار، حيث سيبقى متماسكاً حتى لو انسحب حزب “الصهيونية الدينية” برئاسة سموتريتش. لاحقاً سيضيق هامش المناورة، وسيمثل نتنياهو أمام خيارين: إما سموتريتش أو ترامب، وسيذهب عندها، لأسباب مفهومة، للخيار الثاني، على أمل أن يعود بتطبيع مع السعودية، وأن يدفع الإسرائيليين للغفران والصفح له على عار السابع من أكتوبر