أخبار اليوم - لا تجد جدة الطفلة سيلا أبو عقلين إجابات مقنعة عن الأسئلة المتكررة التي تطرحها حفيدتها الصغيرة، والتي تريد أن تعرف أين ذهب والدها ووالدتها وشقيقاتها صبا وليلى.
مر أكثر من عام على استشهادهم جميعاً في قصف إسرائيلي استهدف منزلهم في حي الزيتون جنوب مدينة غزة، لكن سيلا، التي لم تتجاوز الخامسة من عمرها، لا تزال تبحث عن إجابات.
خرجت سيلا من تحت ركام منزل عائلتها المدمر، وهي تعاني من إصابات بالغة تسببت في بتر قدمها اليسرى، ومنذ ذلك الحين، خضعت لعدة عمليات جراحية في المستشفيات الميدانية بمدينة غزة، لكن جروحها الجسدية ليست سوى جزء بسيط من معاناتها، ففقدانها لعائلتها بأكملها ترك جرحًا عميقة في نفسها الصغيرة.
فقد لا ينسى
كانت سيلا تعيش مع أسرتها في منزل صغير في حي الزيتون، لكن ذلك المنزل لم يعد سوى ركام بعد أن دمرته قذائف الحرب الإسرائيلية في غمضة عين.
فقدت سيلا كل ما تعرفه عن الحياة، والدها، ووالدتها، وشقيقاتها الصغيرات، وأصبحت تعرف بـ"الناجية الوحيدة" من عائلتها بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.
في اللحظة التي دمرت فيها القذيفة منزلها، كانت سيلا في نفس الغرفة مع شقيقاتها ليلى وصبا، لكن الأقدار شاءت أن تخرج هي حية من تحت الركام، بينما فقدت عائلتها بأكملها. خرجت سيلا من تحت الأنقاض، جسدها مغطى بالغبار والأتربة، وشظايا القذيفة مازالت مغروسة في قدمها اليسرى.
العلاج والمعاناة
مرت الأيام، وسيلا تتنقل بين المستشفيات الميدانية برفقة جدتها وخالتها، اللتين تحاولان تخفيف وطأة الفقد عليها، لكن الأسئلة التي تطرحها الناجية الوحيدة تظل تذكرهم بالكارثة التي حلت بعائلتها.
تقول سيلا ببراءة الأطفال لصحيفة "فلسطين": "أعرف أن ماما وبابا وصبا وليلى استشهدوا، لكني أنسى أحيانًا أنهم ماتوا، وأتخيلهم أمامي، وأحلم بهم في الليل".
بعد فقدان عائلتها، أصبح كل ما تتمناه سيلا هو تركيب طرف صناعي لقدمها المبتورة، لتعود إلى المشي بشكل طبيعي، واللعب مع بنات خالتها، وأن تقف دون الحاجة إلى عكاز، وتساعد الآخرين كما كانت تفعل قبل الحرب.
في منزل الجدة، تحرص خالة سيلا، ياسمين الغفري، على توفير كل ما تحتاجه ابنة شقيقتها. تحاول ياسمين أن توفر لسيلا الدعم النفسي الذي تحتاجه، وأن تشغل تفكيرها بعيداً عن المأساة التي عاشتها.
تقول ياسمين لصحيفة "فلسطين": "بدأت معاناة سيلا حين قتل الاحتلال والدتها ووالدها وشقيقاتها، وخرجت من تحت الركام مصابة بجروح وحروق بالغة في قدمها، ولم تكن هناك إمكانيات طبية كافية لعلاجها بسبب كثرة المصابين وانشغال الأطباء".
تعرضت سيلا لعملية بتر لقدمها بعد أن وصلت الغرغرينا إلى ساقها، مما هدد حياتها، حسب خالتها.
تضيف ياسمين: "كان البتر هو الحل الوحيد لإنقاذ حياتها، لكنه تركها تعيش بقدم واحدة، وبدون عائلتها التي كانت تعتمد عليها في كل شيء".
تعيش سيلا الآن مع جدتها وخالتها في حي التفاح، بعد أن شطبت عائلتها بأكملها من السجل المدني، وتحاول خالتها أن تعوضها عن فقدانها لعائلتها، لكنها تعترف بأن المهمة ليست سهلة.
تقول ياسمين: "سيلا طفلة قوية، لكنها تحتاج إلى الكثير من الدعم النفسي والعلاج الطبي، وأنا أحاول توفير لها كل ما أستطيع ولكن الظروف صعبة وتحتاج إلى تحويلة إلى الخارج بشكل عاجل".
ورغم بتر قدمها، لا تزال تبحث سيلا، وفق خالتها، عن الأمل في حياة جديدة من خلال توفير العلاج لها، والعودة إلى المشي بشكل طبيعي.