"شعرت وكأني في العراء" .. المنخفض يفاقم حياة أصحاب البيوت المدمَّرة في غزَّة

mainThumb
"شعرت وكأني في العراء".. المنخفض يفاقم حياة أصحاب البيوت المدمَّرة في غزَّة

22-02-2025 12:13 PM

printIcon

أخبار اليوم - داخل غرفة لم يبق منها سوى الأعمدة، وهي جزء من بيت دُمر بالكامل في حي الصبرة شرقي مدينة غزة، التفت جيهان عوض مع أطفالها الخمسة حول موقد نار، يحاولون استراق بعض الدفء، فالرياح تعصف بهم من جميع الاتجاهات دافعة قطرات المطر نحو وجوه الصغار.

سقف الغرفة به شقوق، وكلما اشتدت قوة الرياح، يتساقط منه بعض الحجارة وغبار الردم، والرمال تغطي أغطية الصغار وهم نيام، وتزكم أنوفهم.

الرياح والسقف المدمر

يضرب الأراضي الفلسطينية منخفض قطبي منذ صبيحة يوم أمس، ومتوقع أن يستمر حتى نهاية الأسبوع المقبل، ومعه تصل درجات الحرارة إلى مستويات منخفضة للغاية. ويتزامن ذلك مع أوضاع صعبة يعيشها الغزيون، بعد تدمير آلاف الوحدات السكنية، ومماطلة الاحتلال في إدخال الكرفانات والخيام والمعدات الثقيلة منذ بدء الهدنة حتى اليوم.

أمسكت عوض (37 عامًا) سرنجة بها بعض المحلول الملحي، وتضع بعض القطرات داخل أنف طفلتها التي لم تتجاوز السبعة أشهر لكي تمكنها من التنفس، بعد أن أصيبت بالزكام بفعل الجو البارد، وزاد وضع الطفلة سوءًا غبار الردم والرمال.

تقول عوض لصحيفة "فلسطين": "منذ أن سمعت عن دخول منخفض قطبي، حاولت بمساعدة زوجي تغطية جوانب الغرفة بالشوادر الممزقة، وبعض الستائر، والشراشف لمنع دخول المطر، وصد الرياح، ومحاولة تدفئة أطفالي، فالطقس بارد للغاية، ولا وسائل لتدفئة أمامنا، ونعاني من نقص الأغطية أيضًا".

وتتابع: "أكثر ما أخشاه هو اشتداد قوة الأمطار والرياح التي ستساعد في وقوع بعض الحجارة من سقف البيت المتهالك، والتي ستشكل خطرًا على حياة أطفالي".

في العراء

بعدما فقد محمد عجور بيته في حي تل الهوى جنوبي غزة في الأيام الأولى من حرب الإبادة الإسرائيلية في السابع من أكتوبر للعام 2023م، لم يجد مكانًا في مخيم يأويه مع أطفاله بعد عودته من الجنوب الأسبوع الماضي.

اضطر عجور (43 عامًا) إلى السكن في شقة غير مشطبة ويحيط بها الركام والرمال من كل جانب، فلا دورة مياه لديه، ولا صنبور ولا حوض يمكن أن يستخدمه في الغسيل وتنظيف الأطباق.

يقول عجور لـ"فلسطين": "أول ليلة نمت بها في المكان شعرت وكأني في العراء، الرياح تضرب بي من كل مكان، عدا عن دفعها للحجارة الصغيرة على وجوهنا، والتي أدت إلى إصابة طفلتي بالتهاب في عينها، ومنذ ثلاثة أسابيع أبحث عن علاج لها".

ويردف: "الأمر صعب للغاية ويفوق قدراتنا، فالمكان غير صحي إطلاقًا، ومستودع للإصابة بالأمراض التنفسية، عدا عن عدم قدرتنا على القيام بأبسط احتياجاتنا اليومية في المكان".

ويتابع عجور: "البرد قارس ليلاً فالمكان مفتوح، ولا يمكنني تغطيته بالكامل، بالكاد نظفت مكانًا يتسع لي ولأطفالي، وغطيته بالشوادر، ولكنها لا تمنع برودة الجو، وتجف عيني وعيناي أطفالي عن النوم".

لا أغطية، ولا ملابس كافية يمكن أن يواجه بها أطفال عجور البرد، فأكثر ما يحتاجونه هو كرفان أو حتى خيمة ذات جودة عالية تخفف من حدة البرد وتمنع تسرب مياه الأمطار إليهم.

سواتر لصد الأمطار

أما علاء البهتيني، فمنذ أن علم بقدوم منخفض قطبي، أخذ يضع سواتر رملية حول خيمته، ويضع أكوامًا من الرمال حول الشادر الذي يغطي خيمته حتى يصد مياه الأمطار عند جرفها للتربة، ويغرق خيمته كما فعلت في المنخفض السابق.

يقول البهتيني الذي يقيم في أحد مخيمات النزوح في شمال القطاع لـ"فلسطين": "أعتبر نفسي من عشاق فصل الشتاء، وكنت أستمتع بمشاهدة قطرات المطر وهي تنساب على زجاج نوافذ بيتي، وهذا المشهد كان يسعد أطفالي، ولكن منذ بدء الحرب بت أخاف الشتاء وأمطاره وبرده القارس، وتدعو طفلاتي ألا تمطر حتى لا تغرق الخيمة، ونقضي الليل في دفع الشوادر إلى أعلى لإزالة مياه الأمطار المتجمعة علينا، خوفًا من أن تسقط فوقنا".

وي ناشد البهتيني بالإسراع في عملية إعادة إعمار قطاع غزة، فالغزيون أنهكتهم الحرب، وحرارة الصيف، وبرودة الشتاء في الخيام، وإنهاء معاناتهم من نقل جالونات مياه الشرب والتنظيف من مسافات بعيدة، والإسراع بإدخال الكرفانات التي يمكن أن تعتبر بديلاً مؤقتًا إلى حين الإعمار.