صالح الشراب العبادي
في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها القضية الفلسطينية، جاءت زيارة جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتؤكد مرة أخرى الموقف الأردني الثابت والمبدئي في رفض أي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني من غزة، خلال لقائه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أكد جلالته على التزام الأردن الراسخ بحقوق الشعب الفلسطيني في أرضه، معتبرًا أن أي مخططات لتفريغ غزة من سكانها تهدد السلام والاستقرار في المنطقة وتفجر الإقليم، ومن المحتمل أن تؤدي إلى المواجهات المسلحة، وبذلك ثَبْت ورَسخ جلالة الملك حقوق الشعب الفلسطيني، وقال كلمته الرافضة لأي عمليات تهجير قسري أو طوعي أو إغرائي بكل صراحة ووضوح.
في حديثه مع الرئيس ترامب، أعرب جلالة الملك عن رفضه القاطع لأي سياسات تهدف إلى تهجير الفلسطينيين، مشددًا على أن مثل هذه الخطط لن تحقق سلامًا دائمًا، بل ستزيد حدة التوترات في المنطقة، جاء هذا الموقف ردًا على قرارات غير مدروسة تفتقر إلى الحكمة الدبلوماسية، حيث أكد جلالته أن الحل العادل للقضية الفلسطينية يجب أن يحترم حقوق الفلسطينيين، ولا يفرض أي أعباء إضافية على الدول المجاورة، والتي فرضت عليها من جراء تعنت إسرائيل والتمادي في رفض القرارات الدولية بدعم مباشر من أمريكا التي باتت رهينة بيد أوامر نتنياهو والزمرة المتطرفة..
لم يكن موقف جلالة الملك مفاجئًا، بل هو استمرار لسياسة أردنية ثابتة تدافع عن حقوق الفلسطينيين منذ عقود، وقد تجلى هذا الموقف في الاستقبال الحافل الذي حظي به جلالته لدى عودته إلى الأردن، حيث عبر الشعب الأردني عن دعمه الكامل لقيادته ورفضه لأي محاولات لتغيير الواقع السكاني في غزة أو تهجير سكانها.
يظل الأردن، تحت قيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، في مقدمة الدول الداعمة للقضية الفلسطينية على المستوى الدولي، تعمل المملكة بلا كلل على حشد الدعم الدولي لحل عادل للصراع، مستندة إلى قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وفي ظل التصعيد الأخير، يواصل الأردن جهوده الدبلوماسية لمنع أي محاولات لفرض حلول غير عادلة تتناقض مع حقوق الشعب الفلسطيني.
تتميز المواقف الأردنية تجاه القضية الفلسطينية بالثبات والاستمرارية، حيث تعتبر فلسطين قضية وطنية مركزية لا تتأثر بالمتغيرات الإقليمية أو الدولية، ومنذ عقود، يواصل الأردن تقديم الدعم السياسي والدبلوماسي والإنساني للشعب الفلسطيني، مؤكدًا أن السلام الحقيقي لن يتحقق إلا بإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
يقود جلالة الملك عبد الله الثاني الجهود الأردنية في الدفاع عن القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، مؤكدًا أن حل الدولتين هو الطريق الوحيد لتحقيق السلام، كما حذر جلالته مرارًا من خطورة المساس بالوضع القانوني للقدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، خاصة الحرم القدسي الشريف، الذي يحظى بوصاية أردنية بموجب اتفاقيات دولية.
وقد نجح الأردن في إيصال رسالة واضحة للعالم بأن القضية الفلسطينية ليست مجرد صراع إقليمي، بل هي قضية عدالة عالمية تتطلب تدخلًا دوليًا جادًا، ودون تحقيق العدالة للفلسطينيين، سيظل الشرق الأوسط يعاني عدم الاستقرار، بل انهيار ما تبقى من استقرار..
لعبت الدبلوماسية الأردنية دورًا محوريًا في دعم القضية الفلسطينية داخل المنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية. وقد عملت وزارة الخارجية الأردنية على حشد الدعم الدولي لوقف الاعتداءات الإسرائيلية، بالإضافة إلى تعزيز صمود الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية.
يتمتع الشعب الأردني بأعلى درجات التضامن مع القضية الفلسطينية، حيث يعتبرها جزءًا لا يتجزأ من هويته الوطنية، ومنذ نكبة 1948، وتلاها نكبة ١٩٦٧، لم يتوقف الدعم الأردني للفلسطينيين، سواء عبر الدعم السياسي والاقتصادي، أو من خلال المظاهرات والفعاليات الشعبية الرافضة للحلول المجتزأة على حساب الأردن أو دول عربية أخرى، أو على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، مما يعكس التلاحم بين الشعبين ضد التوطين أو الوطن البديل لفلسطين أو غزة..
أدان الأردن بشدة التصعيد العسكري الإسرائيلي على غزة، ودعا إلى حماية المدنيين وإنهاء الحصار المفروض على القطاع، وفي ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة، واصل الأردن إرسال المساعدات الطبية والغذائية عبر الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، بما في ذلك إنشاء مستشفى ميداني في غزة منذ عام 2009.
إلى جانب الدعم الإنساني والسياسي، يسعى الأردن إلى تعزيز الوحدة الفلسطينية عبر دعم جهود المصالحة بين الفصائل، إدراكًا منه أن الانقسام الداخلي يضعف القضية الفلسطينية ويعزز الاحتلال، وهذا الانقسام الذي يجب أن ينتهي فوراً حيث يعتبر ثغرة تستغلها إسرائيل وتعمقها باستمرار.
يظل الأردن شريكًا استراتيجيًا للفلسطينيين، حيث يجمع بين العمل السياسي والدبلوماسي والدعم الإنساني المستمر، موقف المملكة الثابت تجاه القضية الفلسطينية يعكس التزامًا أخلاقيًا وتاريخيًا، ويؤكد أن الأردن سيظل في طليعة المدافعين عن حقوق الشعب الفلسطيني في العيش بحرية وكرامة على أرضه، زيارة جلالة الملك عبد الله الثاني إلى الولايات المتحدة تؤكد مرة أخرى الدور المحوري للأردن في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية ورفض أي مخططات تهدد مستقبل الشعب الفلسطيني.