ترامب يربك نتنياهو بتجاوزه من اليمين .. وأوساط إسرائيلية تحذّر من اللعب بالنار

mainThumb
ترامب يربك نتنياهو بتجاوزه من اليمين.. وأوساط إسرائيلية تحذّر من اللعب بالنار

12-02-2025 01:20 PM

printIcon

أخبار اليوم - تحذّر أوساط غير رسمية في إسرائيل من مغبة انهيار اتفاق الصفقة بينها وبين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ومعاودة الحرب على غزة. وذهب بعض المراقبين إلى القول إن الرئيس الأمريكي ترامب ورئيس حكومة الاحتلال نتنياهو يلعبان بالنار.

وكان الرئيس الأمريكي قد كرّر تهديداته لـ”حماس”، وبالتلميح لمصر والأردن أيضًا، خلال لقائه مع العاهل الأردني.

وبعد صمت طويل، وعقب اجتماع “الكابنيت”، صدر بيان إسرائيلي لا يتبنى بالكامل مقترحات ترامب ولا يستفزه، إذ تحدث عن ضرورة استعادة المخطوفين حتى يوم السبت، مع إبقاء الباب مفتوحًا للعودة إلى الصفقة والمفاوضات. بيد أن الاختلافات والخلافات في مواقف اليمين الصهيوني دفعت مكتب رئاسة الوزراء إلى إصدار أربعة بيانات غير رسمية متباينة المضمون وغامضة، نُسبت إلى “مصدر سياسي رفيع”، وتدل على أن تهديدات ترامب المتصاعدة أربكت الجانب الإسرائيلي أيضًا. ووجد نتنياهو نفسه محرجًا أمام مزاودة ترامب عليه من اليمين، ما مكّن سموتريتش وبن غفير من مضاعفة الضغوط على نتنياهو لتطبيق تهديدات ترامب بالعودة إلى الحرب.

نتنياهو وعدد من الوزراء في “الكابنيت” لا يرغبون في استعجال الحرب مجددًا، في ظل قلق من انفجار موجة احتجاجات واسعة في إسرائيل، خاصة أن ثلاثة أرباع الإسرائيليين ما زالوا يطالبون بإتمام الصفقة أولًا، لأن الحرب تعني حكمًا بالإعدام على بقية الأسرى في غزة، كما شددت عائلات الرهائن في بيانها، أمس، ردًا على تصريحات وتهديدات ترامب ونتنياهو.

ويبدو أن نتنياهو غير واثق تمامًا من توجهات ترامب، وربما يخشى أن ينقلب عليه بمزاجه المتقلب، لا سيّما أن عينه على صفقة أخرى سياسية إقليمية، عمادها ضم السعودية إلى التطبيع، وعينه الأخرى على أوسلو، وعلى جائزة نوبل للسلام. بعد البيانات غير الرسمية المتتالية، الموجهة بالأساس إلى اليمين الصهيوني المتشدد، صدر فيديو عن نتنياهو قال فيه إنه يتبنى مقترحات ترامب دون التطرق إلى التفاصيل.

الباب المفتوح
في هذه البيانات غير الرسمية، وفي شريط الفيديو، اعتمد نتنياهو لهجة عالية وتحدث بلغة تهديد ووعيد كجزء من المعركة على الوعي، ليبدو وكأن حكومته هي التي تقود وتملي الأحداث، وليست “حماس” أو غيرها، ولئلا يظهر متخلفًا عن موقف ترامب الصارم، ومن أجل دفع “حماس” إلى خفض سقف طلباتها واحتجاجاتها على انتهاك الاتفاق. لكنه، في السطر الأخير، أبقى الباب مفتوحًا على استكمال النبضة السادسة وبقية نبضات المرحلة الأولى من الصفقة.

نتنياهو لا يكترث بمصير الأسرى في غزة كهدف أعلى، لكنه يستشعر سخونة الشارع الإسرائيلي، ويخشى تفاقم حالة التشظي الراهنة، كما يلاحظ احتمال انفجار الغضب الشعبي بعد حالة انفعال وفرح بعودة عدد من الأسرى الإسرائيليين، وتصاعد القلق على مصير البقية، خاصة عقب الحملة الإسرائيلية الواسعة حول تردي الحالة الصحية للأسرى الثلاثة العائدين، يوم السبت الماضي.

ولذا، من غير المتوقع أن يسارع نتنياهو إلى الضغط على زناد النار واستئناف الحرب، حتى لو أعادت “حماس” ثلاثة فقط من الأسرى التزامًا بالاتفاق، لا سيّما أن مبعوث الرئيس الأمريكي، ستيف ويتكوب، في طريقه إلى البلاد لإنقاذ الصفقة، رغم تهديدات ترامب ليلة البارحة.

لبيد وسموتريتش
وجّه الوزير المستوطن المتشدد، صاحب نظرية حسم الصراع مع الفلسطينيين بالحديد والنار، بتسلئيل سموتريتش، دعوة مباشرة إلى نتنياهو، أمس، طالبه فيها بإبلاغ “حماس” بشكل قاطع أنه في حال لم تُعِد كل المخطوفين حتى يوم السبت، فستكون هذه نهاية نبضات الصفقة و”الألاعيب”، مطالبًا بالحرب وبالنار والكبريت على غزة، وحرمانها من الغذاء وتهجير أهلها.

في المقابل، وفي حديث للإذاعة العبرية الرسمية، قال رئيس المعارضة يائير لبيد إنه يدعو إلى إلغاء نظام النبضات واستعادة كل المخطوفين دفعة واحدة، بثمن وقف الحرب. وعقب على دعوة سموتريتش بالقول إن الأخير لا يريد إعادة المخطوفين، بل يريد إعادة بيانات نعي الجنود من قبل الجيش. وتابع: “أنا مع تصفية حماس، ولكن علينا أولًا استعادة المخطوفين، وستكون لنا أسباب كافية لذلك. المهمة الآن هي استعادة المخطوفين، ولا أفهم أي مصلحة إسرائيلية يخدمها موت مخطوفينا في أنفاق غزة”.

من جهته، قال رئيس قسم الأسرى والمفقودين في الاستخبارات العسكرية سابقًا، آفي كادوش، للإذاعة العبرية، إن ترامب، بمبادراته الفارغة، قد يؤدي إلى انهيار مسيرة استعادة المخطوفين. وتابع كادوش معللًا دعوته بالقول: “كثرة التوترات والنزوات الشخصية للرئيس ترامب تثقل على المسيرة الهشّة أصلًا. ترامب يتحول من شخصية قادت إلى ميلاد هذه المسيرة، إلى جهة تزعزعها ويمكن أن تؤدي إلى انهيارها”.

ونقل موقع واينت عن مصدر مطلع قوله إن هذه التسريبات والرسائل المحجوبة الهوية، الصادرة عن نتنياهو، تمس بالمسيرة الهشّة، وإنها وُلدت من رحم الضغوط في اليمين.

نتنياهو يسير بين النقاط
وهذا ما يؤكده المحلل العسكري في موقع واينت، رون بن يشاي، الذي يتوقف عند ضغوط الداخل والخارج، ويقول في تحليله، صباح اليوم الأربعاء: “كل واحد يستطيع أن يختار من يصدق: نتنياهو بصوته، أم الرسائل المنسوبة إليه”. ويعتبر أن قرار “الكابنيت” كان القرار الوحيد المنطقي، مشيرًا إلى أنه يعني عدم القيام بخطوة عجولة، وعدم الوقوع في موقف لا ترغب فيه إسرائيل لاحقًا.

ويشير إلى أن نتنياهو يسير بين النقاط، فمن جهة، لم يتبنَّ مقترح ترامب رسميًا، ومن جهة أخرى، تجنب إغضابه. ويتابع: “ولكن بعد هذا الموقف الحذر، دخل اليمين المتشدد على خط الانتقادات (سموتريتش وبن غفير)، وبدأت تصدر بيانات متتالية غير رسمية متشددة عن مكتب رئيس الوزراء، وردت على شكل رسالة من مصدر سياسي رفيع ومصدر إسرائيلي'”.

احتمالات حل الأزمة
ويرى بن يشاي أن ترامب أربك نتنياهو أيضًا بتهديداته المتصاعدة، حيث لا يستطيع نتنياهو أن يبدو “صقرًا أصغر من صقرية ترامب”، وهو يخشى أن ينقلب الرئيس الأمريكي عليه.

ويضيف في هذا السياق: “رؤساء الأمن يقولون، والوزراء يعرفون: في حال بادرت إسرائيل إلى حملة عسكرية على غزة، فإن قسماً من المخطوفين، على الأقل، سيلحق بهم الأذى. وفي المقابل، “حماس” أيضًا معنية بصيانة مكاسب الصفقة، لذا من الممكن أن تُحل الأزمة قبل السبت”.

وذهب المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هارئيل، إلى ما هو أشد في تحذيراته من التطورات الدرامية واستعدادات إسرائيل لتجدد محتمل للنار، إذ قال اليوم: “ترامب ونتنياهو يلعبان بالنار”، لافتًا إلى أن وتيرة الأحداث دراماتيكية ومتحركة، لكن أمرًا واحدًا واضحًا: “مواصلة القتال من شأنها قتل عشرات المخطوفين والجنود والمدنيين الغزيين”.

ونقل موقع والا عن مصادر قولها إن رئيس الشاباك نصح الوزراء بإتاحة الفرصة أمام الوسطاء لحل الأزمة مع “حماس”، كما نقل عن “مصدر إسرائيلي” قوله إن عدم استكمال الصفقة يوم السبت سيكون مخيفًا، ونأمل أن ينجح الوسطاء في إنقاذها.

لا بديل عن المفاوضات
ويؤكد رئيس القسم الأمني- السياسي في وزارة الأمن سابقًا، الجنرال البارز في الاحتياط عاموس غلعاد، أن إسرائيل هجرت المخطوفين في السابع من أكتوبر، وهي ملزمة من جميع النواحي، أخلاقيًا وسياسيًا وعسكريًا، باستعادتهم أحياء.

ويتطابق غلعاد مع لبيد وآخرين حول سلم الأولويات، الذي يمنح الأولوية لاستعادة الأسرى أولًا، ثم متابعة موضوع مستقبل “حماس” لاحقًا، قائلًا: “صورة الأسرى الإسرائيليين العائدين يوم السبت الأخير من دير البلح دليل على ذلك. استعادتهم الآن بالتفاوض، ولاحقًا يمكن صياغة إستراتيجية لمواجهة “حماس” حتى حسم أمرها نهائيًا. تجديد القتال في الظروف الحالية يهدد حياة المخطوفين”.

يُشار إلى أن أوساطًا إسرائيلية تخشى أيضًا من زعزعة الاستقرار في الأردن ومصر، وتهديد احتمالات التطبيع مع السعودية، علاوة على العبث بمصير الأسرى الإسرائيليين، كما يؤكد محرر الشؤون الشرق أوسطية في هآرتس، تسفي بار إيل.

ورغم تهديدات ترامب المتصاعدة، التي تتلاقى مع رغبة الإسرائيليين في تهجير الغزيين، بل وربما بسبب هذه التهديدات التي تؤخذ على محمل الشك من ناحية واقعيتها ومدى تصميم الإدارة الأمريكية على تنفيذها، تتواصل الضغوط الإسرائيلية الداخلية من أجل إتمام الصفقة.

تتصاعد هذه الضغوط، لا سيّما أن عائلات الرهائن تتهم نتنياهو بمحاولة التهرب مجددًا من المرحلة الثانية من الصفقة، مستغلًا تصريحات ترامب التي تخلط الأوراق بالكامل، وتعكس عقلية رجل أعمال يؤمن بإقناع الآخرين بصفقاته عبر الترهيب والصدمة والترويع، لدفعهم إلى الموافقة على مقترحاته أو الاقتراب منها، كما جاء في كتابه عام 1980 “هكذا تفعل صفقة”.

ربما يدفع هذا “حماس” إلى فقه درء المفاسد، وعدم المضي في تهديدها بوقف التبادل بسبب انتهاكات حكومة الاحتلال، وعدم البقاء في دائرة الوقف المحق، وإبراز التزامها بالاتفاق، والتطلع إلى إتمام النبضة السادسة، يوم السبت القريب، تفويتًا للفرصة على المتربصين بها، وبالصفقة.