أخبار اليوم - عواد الفالح - في زمن المحتوى الرقمي وصراع المشاهدات، لم يعد هناك حدود لما يمكن فعله من أجل "الترند"، حتى لو كان ذلك على حساب الرجولة والكرامة! اليوم، نشهد ظاهرة غريبة تتزايد على منصات التواصل الاجتماعي، حيث يظهر شباب يرتدون الحجاب و"اليانس" في مشاهد لا تمت بأي صلة للقيم أو العادات، فقط لأجل بضع نقرات إعجاب ومزيد من المتابعين!

في السابق، كان ارتداء الرجال لملابس النساء يحدث في سياقات فنية واضحة أو لأغراض مسرحية محددة، ولكن الآن تحوّل الأمر إلى وسيلة رخيصة لحصد المشاهدات، حيث أصبح الحجاب والإكسسوارات النسائية مجرد أدوات ساخرة في فيديوهات فارغة من أي معنى.

اللافت أن هذه الظاهرة لا تقتصر على شخصيات مغمورة تبحث عن الشهرة، بل حتى بعض المؤثرين المعروفين أصبحوا يساهمون في هذا الانحدار بحجة "الفكاهة والمحتوى الترفيهي". والسؤال الذي يطرح نفسه: متى أصبح التنكر بزي النساء وسيلة للضحك؟ وأين الخط الفاصل بين الكوميديا والابتذال؟

المؤسف أن هذه الموجة لا تعكس فقط سطحية المحتوى المنتشر، بل تثير تساؤلات حول مفهوم الرجولة في عصر السوشيال ميديا. فهل أصبح كسب المتابعين أكثر أهمية من الحفاظ على صورة الرجل ومكانته؟ وهل أصبحنا في زمن يُباع فيه الاحترام مقابل بضع مشاهدات؟

الأمر لا يتعلق فقط بالسخرية أو الكوميديا، بل يتعدى ذلك إلى تطبيع سلوكيات غريبة، تجعل الجيل الجديد يرى في هذه المشاهد أمرًا طبيعيًا، مما يؤدي إلى انحراف المفاهيم وضياع القيم.

في النهاية، المحتوى الجيد لا يحتاج إلى تدمير الرجولة، والفكاهة الحقيقية لا تعني التخلي عن المبادئ. وإذا كان البعض يرى في هذه التصرفات مجرد "ترفيه بريء"، فإن الحقيقة أنها تعكس أزمة قيمية تزداد سوءًا كل يوم.