مسجد آيا صوفيا .. درة إسطنبول المعمارية

mainThumb

11-04-2023 10:25 PM

printIcon

يعد مسجد آيا صوفيا من أجمل الأماكن السياحية في مدينة إسطنبول، ومعلما أثريا عالميا يعكس تنوع الإرث الحضاري للمدينة العريقة، التي تقع على نقطة تقاطع حضاري بين الشرق والغرب، وكانت عاصمة للإمبراطوريات الرومانية والبيزنطية والعثمانية.

وتحمل قباب وجدران /آيا صوفيا/ تاريخا طويلا مزدحما بالحكايات والذكريات والفنون، ويرتفع شامخا على ضفاف البوسفور، ويعد من المباني التاريخية الأكثر زيارة في العالم.

ويقع /آيا صوفيا/ في منطقة السلطان أحمد بالطرف الأوروبي من مدينة إسطنبول (القسطنطينية سابقا) وشهد محطات بارزة في تاريخه الطويل.. فمن كاتدرائية كبيرة للروم الأرثوذكس أسسها الإمبراطور البيزنطي جستنيان في القرن السادس الميلادي، تحولت إلى جامع عام 1453م بعد فتح القسطنطينية على يد السلطان محمد الفاتح، إلى متحف عام 1934، قبل أن يعود إلى جامع مرة أخرى عام 2020.

وبدأ بناء /آيا صوفيا/ عام 532 م في عهد الإمبراطور جستنيان، واستغرق خمس سنوات ليكتمل عام 537 م، ومنذ ذلك التاريخ ظلت /آيا صوفيا/ تمثل الكنيسة الرسمية للدولة المسيحية البيزنطية وجوهرة عاصمتها القسطنطينية رغم تهدمها واحتراقها أكثر من مرة، إلى أن فتح السلطان العثماني محمد الثاني الشهير بـ /محمد الفاتح/ المدينة عام 1453م وغير اسمها إلى /إسلامبول/، وحول /آيا صوفيا/ إلى مسجد، وصلى فيها أول جمعة بعد الفتح، وجعلها مسجدا كبيرا يرمز لقوة الإسلام وهيبة الدولة العثمانية وسيطرتها، وظلت مسجدا لمدة 481 سنة تقريبا.

ومن ضمن الحقائق المشهورة عن تاريخ /آيا صوفيا/ أنها ظلت أكبر وأضخم كاتدرائية مسيحية في العالم حتى عام 1520، حينما تم بناء كاتدرائية إشبيلية في إسبانيا، وقد وصفت /آيا صوفيا /في تركيا بجوهرة العمارة البيزنطية، وكانت وما زالت واحدة من أبرز وأعجب المعالم التاريخية حول العالم على الإطلاق.

وقال المؤرخ التركي إسماعيل ياغجي في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/: إن /آيا صوفيا/ كان يراد لها من الناحية المعمارية أن تكون أكبر كنيسة مسيحية ودليلا على المقدرات التقنية المتقدمة للإمبراطورية البيزنطية في تلك الفترة.

وأضاف: "يعتبر مسجد /آيا صوفيا/ مثالا حيا يعبر عن العمارة البيزنطية الفريدة، بهندسته المتميزة للغاية، التي غيرت تاريخ العمارة بِرمتها".

ويضم /آيا صوفيا/ قبة واسعة يبلغ ارتفاعها 55.6 متر وقطرها 32 مترا، قائمة على أربعة أعمدة ضخمة يصل ارتفاع كل منها إلى 24.3 متر، إضافة إلى جدران بُنيت من الرخام المستجلب من بلدان عديدة، وزينت بالفسيفساء الذهبية اللامعة والأحجار الملونة، ويبلغ طول المبنى الرئيسي 82 مترا وعرضه 73 مترا وارتفاعه 55 مترا، ويدخل إليه من تسعة أبواب، وقد غُطي سطحه بأحجار الفسيفساء، وزينت الجدران -بعد تحويله إلى مسجد- بكتابات للخطاطين العثمانيين، كما أضيفت لها أربع مآذن أسطوانية الشكل على الطراز العثماني.

ويحتوي المسجد على العديد من الزخارف الإسلامية مثل لفظ الجلالة "الله جل جلاله" واسم الرسول صلى الله عليه وسلم، إضافة إلى أيقونات مسيحية في أعلى السقف، بالإضافة إلى لوحات فسيفساء الفن البيزنطي وبعض قبور السلاطين العثمانيين.

ولحمايته من التآكل والتلف، من خلال درء اللمس المباشر من قبل زوار المسجد، وضعت حواجز زجاجية حول الباب الامبراطوري المصنوع من الخشب.

ويعود تاريخ الباب إلى القرن السادس الميلادي، وكان يستخدمه فقط الأباطرة ورجال الدين رفيعو المستوى خلال الحقبة البيزنطية.

كما شهد مسجد /آيا صوفيا/ هذا العام فعاليات مختلفة في الشهر الكريم، من قراءة القرآن والأدعية والأناشيد والابتهالات ودروس الوعظ.

وقررت دائرة الشؤون الدينية التركية، العام الماضي، إحياء طريقة /أندرون/ لأداء صلاة التراويح في شهر رمضان، تزامنا مع قرارها بإعادة فتح مسجد /آيا صوفيا/ لأداء صلوات الجمع والتراويح.

وعرفت طريقة /أندرون/ لصلاة التراويح في قصور الخلافة العثمانية، وانتقلت منها إلى المساجد، وكانت تقام في أيام خاصة، وفيها تتم القراءة في أول 3 ركعات من صلاة التراويح على مقام أصفهان، وينتقل الإمام في الركعة الرابعة إلى مقام الصبا، بينما يقوم المؤذنون بتلاوة الأناشيد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في مقام الصبا.

يستمر الإمام في التنقل بين المقامات كل 4 ركعات، وفقا للمقام الذي ينشد به كبير المؤذنين الأدعية والصلوات على النبي، وبعد الانتهاء يقوم بتلاوة أناشيد وأدعية، وبعد أداء صلاة الوتر يتم الانتقال إلى مرحلة الذكر والتسبيح.

وشهد /آيا صوفيا/ بعد تحويله لمسجد أول صلاة تراويح العام الماضي بعد 88 عاما من انقطاع الصلاة فيه إقبالا كبيرا من المصلين خلال أيام الشهر الفضيل، وتحديدا في صلاة العشاء والتراويح.

ومسجد /آيا صوفيا/ من أكثر الجوامع التي تشهد إقبالا في رمضان إذ يحمل رمزية تاريخية ودينية كبيرة للأتراك ولعموم المسلمين.

ويحيط مسجد /آيا صوفيا/ العديد من المعالم السياحية مثل مسجد السلطان أحمد /المسجد الأزرق/، وقصر بوب كابي /قصر السلاطين/، وغيرها من المعالم السياحية، فضلا عن العديد من الأسواق المحيطة به مثل السوق المصري والسوق المغلق /غراند بازار/.

ومن الناحية الاقتصادية تأتي /آيا صوفيا/ في المركز الثاني بين الأماكن التركية الأكثر جذبا للسياح، وقد أدرجته منظمة اليونسكو عام 1985م ضمن قائمتها لمواقع التراث العالمية.



news image
news image
news image
news image
news image
news image
news image
news image