سهم محمد العبادي
عندما كنا صغارًا، كنا نظن أن الرياضيات مجرد أرقام ومعادلات لحل المسائل، لكن ما لم يخبرونا به هو أن الرياضيات ليست مجرد أرقام... بل هي فلسفة، ودرس كبير في الحياة. خذوا مثلاً مفهوم "القيمة المطلقة"، هذا المصطلح الذي يخبرك أن الرقم يُكتب كما هو، دون النظر إلى إشاراته، فهو دائمًا موجب، تمامًا كما يحدث مع بعض البشر الذين يظنون أنهم ذوو قيمة مطلقة مهما فعلوا!

في الحياة، هناك أشخاص يعتقدون أن قيمتهم ثابتة لا تهتز، مهما كانت أفعالهم سلبية أو إيجابية. مثل الصفر المطلق، يتجمدون عند قناعة أن أسماءهم وحدها تمنحهم قيمة في المجتمع، بينما الحقيقة أنهم مجرد أصفار على يسار الأعداد الحقيقية.

أما القسمة، فهي فصل آخر في معادلة الحياة. بعضهم يعتقد أنه كلما قسم ماله، زادت قيمته بين الناس، لكن الواقع أن هناك من يقسم ضميره، ويجزئ مبادئه ليحقق أكبر نتيجة في جدول المصالح. والأدهى من ذلك، أن هناك من يضرب نفسه في المعادلة الخطأ، ثم يسأل لماذا كانت النتيجة صفرًا!

أما نظرية التناسب، فهي حكاية بحد ذاتها. فكلما زاد التملق زاد الناتج، وكلما قلّ الصدق تراجعت الحصيلة. ومن يعتقد أن الحياة معادلة عادلة، عليه أن يراجع قوانين الاحتمالات، لأنك قد تكون مجتهدًا، لكن الحظ دائماً ما يكون لصالح من يعرف كيف يجري "التحويلات" في اللحظة المناسبة.

في النهاية، القيمة الحقيقية للإنسان لا تُحسب بالشهرة ولا بالمال، بل بالأثر الذي يتركه. فكما أن هناك أرقامًا صحيحة وأخرى وهمية، هناك أشخاص حقيقيون وأشخاص مجرد عمليات حسابية لا قيمة لها خارج دفتر المصلحة.