أخبار اليوم - أكثر من ثلاثمئة ألف فلسطيني، من سكان غزّة، ممن هجّرتهم حرب الإبادة الإسرائيلية، وتشردوا لما يزيد عن 16 شهراً، وذاقوا عذابات غير مسبوقة عادوا أمس الإثنين، وفق الأرقام التي أكدها المكتب الإعلامي الحكومي في القطاع، إلى محافظات غزة والشمال.
وبعودتهم، أسقط هؤلاء “خطة الجنرالات” التي وضعتها حكومة الاحتلال لتقسيم القطاع ومنع عودة أهله، وأفشلوا مخططات التهجير التي تمثلت آخرها بدعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى هجرتهم “الطوعية” (طويلة الأمد أو المؤقتة حسب قوله)، إلى مصر والأردن.
وما كادت تمضي لحظات على انسحاب قوات الاحتلال من منطقة شارع “الرشيد” الساحلي، الواقع في نطاق “محور نتساريم”، حتى تدفّق سيل بشري كبير من الفلسطينيين.
وسار الغزاويون باتجاه الطريق المؤدي إلى مدينتهم وهي الطريق ذاتها التي سلكها الكثير منهم قبل عام وأكثر، خلال رحلة النزوح الأولى.
أحدهم، أحمد الشيخ (46 عاماً)، عائدا من النزوح القسري، سار على الأقدام، يحمل على كتفه كيساً فيه أمتعة أسرته. على عجالة، وخلال رحلة السير باتجاه القاطع الجنوبي للمحور، قال لـ “القدس العربي”: “تعبنا كثيراً من النزوح، دخلنا الشهر الـ 16 وإحنا من مكان لمكان”.
أما المسن محمد حسّان، الذي فقد منزله في حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة، فقال: “مش مهم المهم نرجع”.
وسألناه إن كان قد سمع عن دعوة ترامب، حول تهجير سكان القطاع إلى كل من مصر والأردن، فقال “ما بهاجر وما بترك غزة، الاحتلال الي لازم (يجب أن) يرحل عنا”.
وعلق عضو المكتب السياسي لحركة “حماس” عزت الرشق، في بيان أصدرته الحركة، على المشهد فقال إن “عودة شعبنا في غزة من الجنوب إلى الشمال الحدث الأهم في العالم، وانتصار تاريخي عظيم”.
وعلى الرغم من كل هذا، تلقت أحزاب اليمين الإسرائيلي الحاكم في إسرائيل بحماس كبير تصريحات ترامب حول التهجير، رغم المعارضة الدولية والعربية والفلسطينية الواسعة لها.
وقال وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش، إنه يعمل مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على خطة عمل لتنفيذ رؤية ترامب، بشأن التهجير.
أما وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين فادّعى أن الآلاف يعودون “لمكان مدمر لا بنية تحتية به وقتل فيه أكثر من 40,000 شخص معظمهم إرهابيون”.وساد استياء في أوساط إسرائيلية ما فتئت ترى في المشهد منذ وقف إطلاق النار، فشلاً لخططها في تكريس الاحتلال والضم والتهجير.
وتساءل الوزير المتطرف (المستقيل) إيتمار بن غفير “ما هذه الفجوة بين وعود النصر المطلق والواقع على الأرض وأين النصر الكامل الذي وعدت به الحكومة؟”.
في هذا الوقت، تواصلت الاتصالات التي يقوم بها الوسطاء، من أجل إنجاح عملية تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة “حماس” المقررة بعد أيام، والتي تشمل الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود، والتي أعاقت إسرائيل بسبب عدم خروجها السبت الماضي، عملية عودة النازحين إلى شمال القطاع لمدة يومين.
وبثت”سرايا القدس” الجناح العسكري لـ”حركة الجهاد الإسلامي” تسجيلاً مصوراً ليهود، سجل يوم السبت الماضي، اعترفت فيها بأنها عسكرية.
وتحدثت هيئة البث الإسرائيلية عن بدء محادثات أولية عبر الوسطاء، بشأن المرحلة الثانية للاتفاق.
وتزامن ذلك مع وصول وفد قيادي من حركة “حماس” إلى العاصمة المصرية القاهرة، في زيارة تهدف إلى بحث تطورات تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بمراحله الثلاث.
"أشرف الهور - القدس العربي"