أخبار اليوم - تالا الفقيه - في وسط السوق التجاري، حيث الواجهات المليئة بمعاطف الصوف والسترات الشتوية الثقيلة، تقف حركة البيع والشراء شبه متجمدة، كما وصفها التجار بأنها "أضعف موسم شتوي شهدوه منذ سنوات". لم يكن السبب الوحيد في هذا الركود الظروف الاقتصادية التي تثقل كاهل المستهلكين، بل لعب الطقس، وتأخر الموسم المطري دورًا حاسمًا في تعميق أزمة المبيعات.
"الطقس يفرض سطوته"
يقول التاجر محمد النعيمي، صاحب محل ألبسة في وسط البلد: "في الأعوام السابقة، كانت مبيعات الملابس الشتوية تنطلق مع أولى زخات المطر، حيث يبدأ الناس بالتفكير جدياً بتدفئة أنفسهم وأطفالهم. لكن هذا العام، ومع تأخر الأمطار واستمرار الأجواء الدافئة، لم يشعر المستهلك بالحاجة الحقيقية لشراء الملابس الشتوية."
وأضاف النعيمي أن الحركة كانت ضعيفة بشكل لافت حتى في فترات التنزيلات، مشيراً إلى أن الكثير من الزبائن كانوا يدخلون المحل للاستفسار فقط دون إتمام عمليات الشراء.
"ظروف اقتصادية متراكمة"
ويوافقه الرأي التاجر خالد أبو حمزة، صاحب محل لبيع الملابس النسائية في منطقة صويلح، والذي أوضح أن أزمة المبيعات ليست وليدة تأخر المطر فقط، بل تعود أيضاً إلى الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المواطن الأردني. وأضاف: "معظم الناس اليوم يحسبون لكل قرش، والأولوية باتت للمواد الأساسية كالغذاء والطاقة، بينما تُركت الملابس الشتوية خياراً ثانوياً قد يُؤجل."
ورغم أن أبو حمزة حاول تقديم تخفيضات مبكرة لجذب الزبائن، إلا أن النتائج جاءت دون التوقعات. وقال: "حتى العروض الكبيرة لم تشفع لنا، وهذا دليل على أن المشكلة عميقة، وتتجاوز موضوع الأسعار."
"تحديات غير مألوفة"
التاجر أحمد الحوامدة، الذي يملك محلاً كبيرًا في إحدى المجمعات التجارية، أشار إلى أن المبيعات وصلت إلى أدنى مستوياتها مقارنة بالسنوات الماضية، وصرح قائلاً: "الطقس المعتدل أثر بشكل مباشر على مزاج المستهلك. الناس لا يشعرون ببرودة تدفعهم لشراء معاطف جديدة أو ملابس صوفية ثقيلة."
وأضاف: "حتى المتاجر الإلكترونية التي كنا نعتقد أنها ستشهد إقبالاً بسبب العروض الشتوية، لم تسجل أرقاماً مشجعة. يبدو أن السوق بأكمله يعاني، سواء في المحلات التقليدية أو الرقمية."
"التجار بين أمل المطر وتخوف الإغلاق"
يتفق التجار على أن استمرار تأخر الأمطار سيؤدي إلى مزيد من التراجع في المبيعات، ما قد يهدد بقاء بعض المحلات الصغيرة التي تعتمد بشكل كبير على موسمي الخريف والشتاء.
وفي هذا السياق، يرى المحلل الاقتصادي عبد الكريم الحسن أن "العلاقة بين الطقس والمبيعات الشتوية هي علاقة طردية، ومع أي تأخر في الأمطار، يبدأ التأثير السلبي بالظهور. وإذا أضفنا الظروف الاقتصادية الضاغطة، يصبح المشهد أكثر قتامة للتجار والمستهلكين على حد سواء."
"دعوات لتحفيز السوق"
ويطالب العديد من التجار الحكومة والجهات المعنية بتقديم حلول عاجلة لإنقاذ القطاع التجاري، سواء عبر دعم تخفيض تكاليف الكهرباء على المحلات التجارية أو تشجيع حملات تسويقية تساهم في تحريك السوق.
ويبقى الأمل معلقًا على تغير الطقس وقدوم الأمطار لتحفيز الناس على التسوق، وربما إنقاذ ما تبقى من الموسم الشتوي. وحتى ذلك الحين، يبدو أن المحلات ستظل تنتظر زبائنها كما ينتظر الأردنيون الغيث من السماء.
صرح نائب نقيب تجار الألبسة والأحذية والأقمشة يوسف أبو عتمه لـ " أخبار اليوم " أن تأخر هطول المطر هذا الموسم أثر سلباً بشكل كبير على مبيعات القطاع، وأدى إلى تراجع النشاط التجاري في الأسواق.
وأشار أبو عتمه إلى أن الظروف الجوية ليست العامل الوحيد الذي أثر على القطاع، مضيفا أن تجار الألبسة والأحذية منذ سنوات يعانون من تحديات متعددة وأبرزها المنافسة الشديدة الناتجة عن التجارة الإلكترونية والطرود البريدية التي استحوذت على أكثر من نصف مبيعات القطاع .
وأضاف أن ضعف السيولة لدى المواطنين نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة زادت وضع القطاع سوءًا .
وأكد أبو عتمه على ضرورة اتخاذ خطوات تحفيزية لإنقاذ القطاع، مشيراً إلى عدد من المطالب المهمة منها حماية المنافسة داخل القطاع من خلال الحد من تأثير تجارة الطرود البريدية.
واضاف أبو عتمه الى تخفيض ضريبة المبيعات لتخفيف العبء المالي على التجار ، وتخفيض نسبة اشتراك الضمان الاجتماعي للعاملين في منشآت القطاع ، مؤكدا على ضرورة إعادة النظر في قانون المالكين والمستأجرين بما يضمن التوازن بين حقوق الأطراف.