قال منتدى الاستراتيجيات الأردني، إن درجة الأردن تراجعت على مؤشر التعقيد الاقتصادي من 0.37 في العام 2010 إلى 0.07 في العام 2020، كما تراجع ترتيبه عالميًا من 47/133 في عام 2010 إلى 59/133 في عام 2020.
جاء ذلك في التحديث الرابع للتقرير الدوري حول مؤشر التعقيد الاقتصادي وفضاء المنتجات الأردني، حيث حملت النسخة الرابعة من التقرير عنوان "التعقيد الاقتصادي وفضاء المنتجات: مفتاح الأردن لزيادة الإنتاجية والنمو" وفق المنتدى.
أما فيما يتعلق بنتائج عام 2019، وهو العام الذي شهد تفشي جائحة كورونا، فشهد الأردن انخفاضًا غير مسبوق في درجته، حيث انعكست تداعيات الجائحة على الأداء الإنتاجي والتصديري للأردن.
ولغايات تفسير سبب تراجع أداء الأردن في مؤشر التعقيد الاقتصادي، أشار المنتدى إلى مفهوم فضاء المنتجات، الذي يقدّم تصويراً للترابط بين المنتجات استناداً إلى أوجه التشابه بين المعارف الفنية المستخدمة في إنتاج السلع الحالية والمعارف المطلوبة لإنتاج السلع الجديدة، حيث يمثّل فضاء المنتجات مجموعة مسارات تستطيع البلدان أن تسلكها لتنويع منتجاتها المترابطة.
وبحسب المنتدى، يساعد فضاء المنتجات في فهم كيفية تنويع الصادرات والإنتاج، إذ تنتقل البلدان من السلع القادرة على تصنيعها حاليًا إلى السلع القريبة منها أو المرتبطة بها. وفي هذا الإطار، أوضح المنتدى بأن فضاء المنتجات الأردني قد احتوى على مسارات أكثر ترابطًا في العام 2010 مقارنة بتلك في العام 2020، إذ يعكس ذلك أن قدرة الاقتصاد الأردني على البدء بتصنيع منتجات جديدة أصبحت أضعف مع مرور الزمن.
وبناءً على التركيب السلعي للصادرات الأردنية، بيّن المنتدى بأن التغييرات الرئيسية تناولت انخفاض صادرات الخدمات من 45.6% في عام 2010 إلى 22.0% في عام 2020، وارتفاع صادرات المنسوجات من 7.1% في عام 2010 إلى 15.3% في عام 2020، وارتفاع صادرات الصناعات الكيماوية من 20.2% في عام 2010 إلى 30.5% في عام 2020.
وأوضح المنتدى بأن تراجع أداء الأردن في مؤشر التعقيد الاقتصادي يعزى بشكل أساسي إلى انخفاض درجة التعقيد لمعظم المنتجات المصنّفة ضمن القطاعات الأكثر تصديرًا. وبحسب المنتدى فيما يتعلق بالمنتجات المصنّفة ضمن الصناعات الكيماوية، فقد انخفضت درجة تعقيد الأسمدة البوتاسية من +0.221 في عام 2010 إلى -0.463 في عام 2020، كما انخفضت درجة تعقيد الأدوية المعبأة من +0.805 في عام 2010 إلى +0.682 في عام 2020.
أما بالنسبة للمنتجات الزراعية؛ فقد انخفضت درجة تعقيد منتجات البندورة من -0.998 عام 2010 إلى -1.39 عام 2020، كما انخفضت درجة تعقيد الأنواع المختلفة من التبغ المصنّع من -0.339 في عام 2010 إلى -0.935 في عام 2020.
أما فيما يخص المنتجات المصنّفة ضمن المنسوجات، فعلى الرغم من تحسُّن درجات التعقيد لأبرز السلع المصدرة، إلا أن جميعها ما زالت سالبة. وعليه، فقد تمثلت أبرز التغييرات التي طرأت على درجات تعقيد منتجات المنسوجات في ارتفاع درجة تعقيد مختلف الملابس المنسوجة من -1.32 في عام 2010 إلى -1.23 في عام 2020، وارتفاع درجة تعقيد البلوزات والبلوفرات من -1.62 في عام 2010 إلى -1.26 في عام 2020.
وخلص المنتدى إلى أن التراجع في مستوى التعقيد الاقتصادي في الأردن يعود بشكل أساسي إلى تركُّز الصادرات ضمن فئة محدودة من السلع المصدرة بشكل عام، وانخفاض درجة تعقيد هذه السلع بشكل خاص.
ولغايات تحسين أداء الأردن في مؤشر التعقيد الاقتصادي، شدد المنتدى على ضرورة تطوير الهياكل الصناعية في الأردن، حيث أوصى جميع المعنيين في القطاع الصناعي بتوسيع قاعدتهم الإنتاجية والاستفادة من الفرص المتاحة التي تسهم بشكل رئيسي في تنويع الصادرات الأردنية.
وفي سياق متصل، أكّد المنتدى على أهمية تطوير المهارات المعرفية والقدرات الصناعية المستخدمة حاليًا لغايات تسهيل الانتقال التدريجي إلى مسارات السلع الأكثر تعقيداً في فضاء المنتجات الأردني.
وللمضي قدمًا، أوصى المنتدى جميع المعنيين بعقد جلسات حوار مركزة مع المنتجين والمصدرين لمناقشة فرص زيادة الصادرات وتنويعها لأغراض زيادة التعقيد الاقتصادي، ووضع خطط عملية للبدء في إنتاجها.
وبالإضافة إلى ذلك، أوصى المنتدى بمتابعة فضاء المنتجات الأردني، وفهم ما يجعل بعض الاقتصادات أكثر تعقيدًا من غيرها من أجل تصميم وتنفيذ السياسات الصناعية الهادفة إلى زيادة التعقيد الاقتصادي.
ولغايات لفت انتباه المعنيين في القطاعات الاقتصادية على المنتجات السهل الانتقال إليها نسبيًّا، أشار المنتدى إلى أبرز 50 سلعة تتناسب مع القدرات الإنتاجية للأردن. وبعد تشاور المنتدى مع الخبراء الصناعيين في غرفة صناعة عمّان، أوضح المنتدى بأن أبرز هذه السلع التي تشكل الأولية الإنتاجية في الأردن تتمثل في الزجاج المصقول، والألواح وصفائح وقدد الألمنيوم، والاجزاء الصالحة للاستخدام في الأجهزة الكهربائية، والحشو، والغزى (شاش) والأربطة والأصناف المماثلة للضمادات والأشرطة اللاصقة والكمادات، وأجزاء وتوابع السيارات.
وبحسب المنتدى حول التعقيد الاقتصادي من حيث المفهوم، فإنه يعكس القدرات المعرفية والإنتاجية لاقتصاد معيّن من خلال دراسة مستوى التطوُّر التقني والتقدُّم العلمي الداخل في إنتاج السلع التي تصدرها الدول.
أما بالنسبة لإطار عمل مؤشر التعقيد الاقتصادي، فأوضح المنتدى بأنه يتناول جانبين رئيسيين وهما تعقيد اقتصاد الدولة وتعقيد المنتج، وبحسب المنتدى فيما يتعلق بجانب تعقيد اقتصاد الدولة، فيتم قياسه من خلال مؤشر التعقيد الاقتصادي (Economic Complexity Index – ECI)، والذي يعكس مستوى تنافسية الصادرات من حيث التنوع والوفرة في سلة السلع المصدرة.
أما بالنسبة لجانب تعقيد المنتج، فيتم قياسه من خلال مؤشر تعقيد المنتجات (Product Complexity Index – PCI)، الذي يعكس مستوى تعقيد المنتج بناءً على كمية السلع الوسيطة المستخدمة في إنتاج سلعة معيّنة ومدى ترابط مدخلات الإنتاج ببعضها.
ولغايات فهم مستوى التمايز الحقيقي في الهياكل الإنتاجية للدول ودرجة تطوُّر الاقتصادات، أكّد المنتدى على ضرورة النظر في العلاقة المتبادلة بين التعقيد المبني على اقتصاد الدولة والمنتج على حد سواء.
وبيّن المنتدى أهمية التعقيد الاقتصادي نتيجةً لارتباطه ايجابياً مع معدلات الإنتاجية والنمو الاقتصادي، ومستوى التوظيف، وعدالة توزيع الدخل، ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.
وأضاف المنتدى أنه كلما ازداد مستوى التعقيد الاقتصادي ازداد نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي؛ إذ يميل قاطنوا الدول الحاصلة على درجات متقدمة في مؤشر التعقيد الاقتصادي إلى التمتع بنصيب أعلى من الناتج المحلي الإجمالي.
وفي التقرير، أشار المنتدى إلى أن العالم شهد خلال الأعوام القليلة الماضية أزمة تفشي جائحة كورونا، حيث تناولت تبعات هذه الأزمة جانبي الاستيراد والتصدير على المستوى العالمي. وأكّد المنتدى على أن الأردن لم يكن بمعزل عن الآثار الصحية والاقتصادية التي فرضتها الجائحة، كما أوضح أن التداعيات التي نجمت عن تفشي الجائحة قد فاقمت التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي لطالما واجهها الأردن.
وتمثلت أبرز التحديات التي أشار لها المنتدى في معدلات البطالة المرتفعة، وانخفاض نسب المشاركة الاقتصادية، وتزايد معدلات الفقر وتدني مستوى المعيشة، والعجز المستمر في الميزان التجاري، وغيرها من التحديات على مستوى المالية العامة مثل المديونية والعجز المستمر في الموازنة العامة.
وفي سياق التحديات المتعلقة بالأداء التجاري للأردن، بيّن المنتدى بأن الاقتصاد الأردني لم يتمكن من تحقيق أي فائض في ميزانه التجاري منذ عقود؛ إذ بلغت نسبة العجز إلى الناتج المحلي الإجمالي نحو 20.9% كمتوسط للأعوام 2013-2021، كما بيّن المنتدى بأن نسبة هذا العجز تعتبر من الأعلى على مستوى الإقليم.
وبالإضافة إلى ذلك، بيّن المنتدى بأن الصادرات الأردنية شديدة التركّز من حيث التركيب السلعي والتوزيع الجغرافي. وبحسب المنتدى فيما يتعلق بالتركيب السلعي، فقد شكلت الصادرات من الفوسفات والبوتاس والملابس نحو 35.9% من إجمالي الصادرات الوطنية.
أما بالنسبة للتوزيع الجغرافي للصادرات، بيّن المنتدى بأن الصادرات الأردنية للولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية والهند تشكل نحو 53.4% من إجمالي الصادرات الوطنية.
وأكّد المنتدى ضرورة تحسين أداء الأردن في التجارة الدولية لكونها تحمل مجموعة من المنافع الاقتصادية، إذ تساعد الدول على تطوير مهاراتها وقدراتها الصناعية اللازمة لإنتاج مختلف السلع والخدمات بكفاءة وفعالية وبكلف أقل، كما أنها تعزز من المنافسة بين الدول بما ينعكس في رفع مستوى الإنتاج وتوليد فرص العمل.
أما فيما يخص التحديات الكامنة وراء ضعف الأداء التجاري للاقتصاد الأردني، فقد شدد المنتدى على ضرورة الوقوف عند موضوع التعقيد الاقتصادي والنظر في كيفية تنويع الصادرات.
وبحسب المنتدى فيما يتعلق بأحدث نتائج مؤشر التعقيد الاقتصادي، والتي صدرت عن جامعة هارفرد وغطت نتائج عام 2020، فقد جاءت اليابان وسويسرا وألمانيا وكوريا الجنوبية وسنغافورة بالمراتب الخمس الأولى من بين 133 دولة شملها المؤشر. أما بالنسبة للدولة ذات الأداء الأضعف، فقد جاءت أنغولا بالمرتبة الأخيرة من بين 133 دولة، وبدرجة بلغت -2.5.
وفيما يخص أداء الدول العربية على مؤشر التعقيد الاقتصادي لعام 2020، حققت المملكة العربية السعودية الأداء الأفضل من بين 14 دولة عربية، حيث حصلت على درجة بلغت 0.62 وترتيب عالمي بلغ 42/133.
أما بالنسبة للأردن، فقد جاء بالمرتبة الخامسة من بين 14 دولة عربية؛ حيث حصل على درجة بلغت 0.07، وترتيب بلغ 59/133 على المستوى العالمي. وفيما يتعلق بأداء الدولة العربية الأضعف، فقد حصل اليمن على درجة بلغت -0.86، وجاء بالترتيب العالمي 109/133.
ويأتي هذا التقرير استكمالاً لجهود المنتدى في تتبع أداء الاقتصاد الأردني في مؤشر التعقيد الاقتصادي الصادر عن جامعة هارفرد، إضافةً إلى تسليط الضوء على الفرص المتاحة أمام الصناعات الأردنية لتطوير الصادرات الوطنية وجعلها أكثر تنافسية.