ضابط الدِّفاع المدنيِّ خميس الأشرم يعيش صدمة العثور على ابنه بين الشُّهداء

mainThumb
ضابط الدِّفاع المدنيِّ خميس الأشرم يعيش صدمة العثور على ابنه بين الشُّهداء

21-01-2025 10:50 AM

printIcon

أخبار اليوم - لم يكن الضابط في جهاز الدفاع المدني خميس الأشرم يتخيل أن يجد نفسه يواجه أصعب لحظة في حياته، حين اكتشف أن أحد الشهداء الذين ينتشلهم من تحت الأنقاض هو ابنه وسام، الذي كان يترقب معه فرحة الزفاف القريبة.

في الأسابيع الأولى لحرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، التي بدأت في 7 أكتوبر 2023، واجه الأشرم لحظة قاسية لم يكن يتوقعها. وهو الذي كرّس حياته لإنقاذ الآخرين، وجد نفسه ينقذ جثمان ابنه من تحت الركام.

يقول الأشرم: "كنت أعمل مع زملائي في الميدان عندما وصلنا إلى موقع القصف في شارع المغربي بمدينة غزة. بدأنا في انتشال الجثامين، وفجأة اكتشفت أن أحد الشهداء هو ابني وسام".

بصوت مليء بالمرارة، أضاف: "كانت المفاجأة صاعقة. ابني كان بين الشهداء الذين مزقت أجسادهم القذائف".

نقل الأشرم جثمان ابنه إلى مستشفى الشفاء، الذي دُمّر لاحقًا بقصف الاحتلال، وصلى عليه برفقة زملائه قبل أن يوارى الثرى. رغم الألم، لم يكن لديه وقت للحزن، فعاد سريعًا إلى ميدان العمل لإنقاذ المزيد من الأرواح.

ذكريات ما قبل الحرب

بعد انتهاء المهمة، عاد الأشرم إلى مقر عمله، حيث انهمرت الذكريات. يتذكر: "كنت قد خطبت لوسام، وبدأنا تجهيز شقته استعدادًا للزفاف، لكن الحرب أجبرتنا على تأجيل كل شيء".

ويستطرد: "لم أكن أتخيل أن أواجه هذه الصدمة. كان وسام يحلم بالحياة، لكن الحرب أخذت منه كل شيء". يتذكر الأشرم اللحظات التي كان يقضيها مع ابنه في نزهات قصيرة قبل الحرب، دون أن يدرك أنها ستكون آخر الذكريات المشتركة بينهما.

مهام صعبة في قلب المأساة

يواجه الأشرم وزملاؤه مهامًا شبه مستحيلة يوميًا. يتذكر إحدى المهام في حي تل الهوى جنوب غزة، حيث دمر القصف منازل عديدة. يقول: "عندما دخلنا أحد المنازل، وجدنا أربعة أطفال محترقين تمامًا. لم نستطع فعل شيء سوى البكاء والدعاء لهم".

وفي مهمة أخرى في حي الشجاعية شرق غزة، دمر الاحتلال مربعًا سكنيًا بالكامل. يصف الأشرم المشهد: "كنا ننتشل الأشلاء دون أن نعرف لمن تعود. مئات الجرحى والشهداء في كل مكان، والدخان يملأ السماء، لكننا واصلنا العمل".

استشهاد زميل وإنقاذ حياة

في حادث آخر، بينما كان الأشرم وزملاؤه في طريقهم إلى منطقة الصبرة لإنقاذ عائلة غبون، سمعوا استغاثة سيدة تحت الركام. يقول: "اقترب زميلي علي عمر، الذي كان يحمل أدوات بدائية بسبب تدمير معداتنا، لكن طائرات الاحتلال أطلقت صاروخًا باتجاهنا. استشهد علي على الفور، وأصيب خمسة من زملائنا بجروح خطيرة".

رغم الخسائر، يواصل الأشرم وفريقه العمل. يقول: "حياتنا معرضة للخطر في كل لحظة، لكننا لا نستطيع التوقف. كل دقيقة تمر قد تعني إنقاذ حياة أو فقدان أخرى".

نداء للحماية الدولية

في ظل غياب الحماية الدولية، يواجه طواقم الدفاع المدني مخاطر جسيمة. يقول الأشرم: "نحن بحاجة إلى حماية دولية عاجلة. معداتنا دمرت، ونعتمد على أدوات بدائية. الدعم ضروري لاستمرار مهمتنا الإنسانية".

رغم الألم والفقدان، يبقى الأشرم ورفاقه مصممين على مواصلة مهمتهم. يقول: "إذا توقفنا، فمعنى ذلك أن الحرب انتصرت في تحطيم إرادتنا. لكننا سنظل نعمل، وسنظل نؤمن بأن هناك أملًا، حتى في أسوأ الظروف".