من الحرب إلى البحر .. شباب غزَّة يلجؤون إلى أصعب المهن بحثًا عن لقْمة العيش

mainThumb
من الحرب إلى البحر.. شباب غزَّة يلجؤون إلى أصعب المهن بحثًا عن لقْمة العيش

16-01-2025 02:49 PM

printIcon

أخبار اليوم - في ظل ظروف بالغة القسوة، يجد رشدي أبو حصيرة (21 عامًا) ومجموعة من الشبان في غزة أنفسهم مجبرين على اللجوء إلى البحر، رغم مخاطره، كمصدر وحيد للرزق بعد أن دمرت الحرب مصادر دخلهم السابقة.

يقضي هؤلاء الشبان ساعات طويلة في سحب شباك صيد يصل طولها إلى مئات الأمتار، مستخدمين قوتهم البدنية في عملية شاقة تهدف إلى تأمين قوت يومهم وسط ظروف معيشية صعبة وحرب مستمرة.

بين الحرب والبحر: واقع مرير

يعمل أبو حصيرة ورفاقه تحت مراقبة زوارق الاحتلال الإسرائيلي التي تجوب البحر وتطلق قذائفها بشكل متكرر تجاه المناطق الساحلية. يقول أبو حصيرة لـ "فلسطين أون لاين": "لم نجد مكانًا آخر للعمل سوى البحر"، مشيرًا إلى أن الإنهاك يظهر عليه بوضوح بعد ساعات من العمل في أجواء باردة وقاسية.

كان أبو حصيرة يعمل سابقًا في منتجع سياحي تملكه عائلته، لكنه دُمر بالكامل خلال القصف الإسرائيلي الذي طال الواجهة البحرية لمدينة غزة. وبعد فقدان مصدر رزقه، لم يجد هو وعائلته وأصدقاؤه خيارًا سوى اللجوء إلى صيد الأسماك، رغم المخاطر التي تحيط بهم.

يستخدم الشبان طريقة صيد بدائية تعتمد على شبكة تُعرف محليًا باسم "الجرافة"، حيث يتم وضع الشباك على قارب صغير والإبحار بالقرب من الشاطئ قبل إلقائها في البحر. ثم يبدأ الصيادون بسحبها باستخدام حبلين مثبتين مسبقًا، وهي عملية تتطلب جهدًا بدنيًا كبيرًا.

"إنها وسيلة صيد شاقة وبدائية، ولا نملك وسائل أخرى لممارسة الصيد"، لخص أبو حصيرة لـ "فلسطين أون لاين"، بهذه الكلمات واقع الصيادين في غزة الذين يعانون من نقص المعدات والظروف الصعبة.

ويوضح أحمد البخاري (22 عامًا)، أحد الصيادين، أن عملية الصيد تستغرق ما بين 30 إلى 45 دقيقة، وقد تطول مع ارتفاع الأمواج وقوة التيارات المائية. وفي كثير من الأحيان، لا تجلب الشباك سوى بعض العوالق والنفايات، مما يجعل العمل أكثر إحباطًا.

من الحصار إلى تدمير القوارب

يواجه الصيادون في غزة تحديات كبيرة، أبرزها الحظر المفروض على الإبحار منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث دمر جيش الاحتلال معظم قوارب الصيد ولم يتبق سوى عدد قليل من القوارب الصغيرة.

يقول البخاري لـ"فلسطين أون لاين": "عندما نكون عند الشاطئ، لا نسلم من نيران الزوارق الحربية. تخيل الوضع عندما نبحر في المياه، قد نستهدف في أي لحظة".

كان البخاري يعمل سابقًا في مجال البناء برفقة أفراد عائلته، لكن الحرب أوقفت هذا النشاط بالكامل، مما دفعه هو ورفاقه إلى اللجوء للبحر كمصدر وحيد للدخل.

وأكد المهندس محمد أبو عودة، المتحدث باسم وزارة الزراعة، أن جيش الاحتلال دمر بشكل ممنهج البنية التحتية لقطاع الصيد في غزة، بما في ذلك القوارب والشباك والمخازن والمرافق الساحلية.

وأشار أبو عودة لـ"فلسطين أون لاين"، إلى أن عدد قوارب الصيد قبل الحرب بلغ 2000 قارب، بينها 1100 تعمل بمحركات و900 تعمل بالمجاديف، لكن الاحتلال دمر 1800 منها.

ودعا أبو عودة إلى زيادة الدعم الدولي والمحلي للصيادين، وتوفير قوارب ومعدات صيد جديدة، وإعادة تأهيل البنية التحتية للموانئ. كما شدد على ضرورة توفير الأمن البحري للصيادين أثناء عملهم، وتقديم الدعم المادي وفرص تشغيل مؤقتة لتقليل نسبة البطالة بينهم.

المصدر / فلسطين أون لاين