النَّازح أبو عبيد يلجأ لباطن الأرض طلبًا للمساحة والحماية من الشَّظايا والصَّقيع

mainThumb
النَّازح أبو عبيد يلجأ لباطن الأرض طلبًا للمساحة والحماية من الشَّظايا والصَّقيع

14-01-2025 02:25 PM

printIcon

أخبار اليوم - لم تكن ضيق المساحة أمام النازح تيسير أبو عبيد، في محل نزوحه وسط قطاع غزة، لإقامته خيمته إلا فرصة للتفكير خارج الصندوق، وصنع المستحيل.

وأمام صعوبة واستحالة إيجاد مساحة واسعة نسبيا تكفيه مع أسرته بسبب كثافة الخيام ممن حوله، اتجه أبو عبيد (38 عاما) لباطن الأرض.

لم يكن ذلك فحسب، إذ صنع أرجوحة من جالون ماء أعاد تدويره، ومدفأة، وأوجد مدخنة لتصريف الدخان من باطن الأرض، وفتحة طولية ما بين خيمتين للتواصل بها مع أفراد عائلته.

خطرت فكرة إقامة خيمة تحت الأرض في بال أبو عبيد النازح من بيت لاهيا فكرة إقامة خيمة منخفضة في باطن الأرض لأسباب كثيرة إلى جانب ضيق المساحة، أبرزها الوقاية والحماية من شظايا الموت التي يبعثرها القصف في كل مرة، وحماية أطفاله من البرد القارس الذي فتك بالأطفال النازحين في الخيام.

يقول أبو عبيد لـ"فلسطين أون لاين":" بعد أيام من الجهد من الحفر، وبسبب ضيق المساحة وأجل حماية أطفالي من استهداف الخيام، عملت خيمة أرضية أخرى بجوار الأولى، لاستيعاب أكبر عدد من أفراد العائلة".

ويتابع: "والسبب الأصعب هو عدم امتلاكي الإمكانيات المادية لشراء خشب، وشوادر، ونايلون لعمل خيمة، لذا اتخذت من الجدران الرملية حائط، وساتر، موفرا بذلك الخشب، والشوادر".

وبحسب أبو عبيد فان حفر خيمة تحت الأرض أتاح له حرية في الحركة تحت الأرض، متغلبا على ضيق مساحة خيمة القديمة التي كانت فوق الأرض.

قال مسؤول أممي إن أحدث التقديرات تشير إلى نزوح 1.9 مليون شخص في غزة مرات عدة وإن جميع السكان تقريبا بحاجة إلى المساعدة، منبها إلى أن الحرب في غزة تستمر في خلق "مزيد من الألم والمعاناة".

وفي البداية كان الحفر تحت الأرض أشبه بحفر قبر، كان الجميع مرتابا من الفكرة، ولكن بعد الانتهاء منها، وتجهيزها، وعمل درج يصل به إلى سطح الأرض، أعجب الكثير منها.

يشير إلى أن أطفاله في بداية الأمر كانوا خائفين من النوم في خيمة تحت الأرض، ولكي ينزع الخوف من قلوبهم، ويخلق لهم أجواء من المرح ليتناسوا صوت القصف والصواريخ، حفر لهم ما يشبه "الزحليقة"، وأرجوحة ثنائية تتأرجح عليها طفلته ذات التسعة أشهر، ويمكن أن تتحول الى مشاية يمكنها بها أن تخطوا عدة خطوات داخل الخيمة، وخرطوم طويلة يتهاتفوا من خلاله بين الخيمتين.

حفر أبو عبيد في التربة لم يكن أمرا سهلا، يوضح أن واجه العديد من الصعوبات على مدار 60 يوما من الحفر، بنقص أدوات الحفر، ونوع التربة الطينية الصلبة، وانتشار جذوع الأشجار.

تفكير أبو عبيد خارج الصندوق، لم يكن الوحيد تجاه حل مشكلة السكن لديه وسط الزحام الكثيف، إذ يبين أنه أوجد حلولا لأزمة المياه الخانقة في مخيمات النزوح بقطاع غزة، حيث حفر في باطن الأرض حفرة ووضع بها كيسا نايلون أسود يملأه بالماء بسعة 10لترات من الماء، ويستخدمه وقت الحاجة، بسبب عدم امتلاك النازحين لقالونات الماء البلاستيكية.

كما أنه صنع صنبورا ماء دون أن يلمسه، يشرح الفكرة بأنه قام بتعليق جالون ماء بخشبة يتدلى منها بحبل بشكل مائل، ومن الناحية الأخرى أوصل حبل ثبته في الأرض، ووضع به خشبة مائلة، مجرد الضغط عليها بالقدم يميل الجابون ويصب الماء دون الحاجة للمسه.

في ظل الأزمات المتعاقبة التي يعيشها هذا الشاب سخر أبسط الأدوات، والامكانيات من أجل أن تستمر هذه الحياة في الخيام، يعمل لمواجهة ما تتطلب الحياة القاسية في ظل الحرب.