أخبار اليوم - تشكل نهاية موسم قطاف ثمار الحمضيات في لواء الغور الشمالي، فرصة ثمينة للعديد من العاملين في القطاع الزراعي والمواطنين الفقراء في اللواء، كونه يتيح لهم مصدر دخل من خلال العمل على تقليم الأشجار، وتعد كذلك فرصة للحصول على الحطب لغايات استخدامه للتدفئة خلال فصل الشتاء.
وتتم عملية التقليم ضمن مواعيد محددة وتعتمد على أسس علمية، يكتسبها العاملون في هذا المجال من خلال خبرات متراكمة عبر العمل الزراعي المتواصل، في حين يطالب العديد من المزارعين في اللواء، بتوفير دورات تدريبية تسهم في تمكين العاملين على عمليات التقليم المثلى، دون إلحاق أي ضرر بالموسم الزراعي المقبل، معتبرين أن مثل هذه الدورات التدريبية من شأنها خلق فرص عمل في اللواء، خصوصا أن لواء الغور الشمالي من المناطق الأشد فقرا، وتغيب المشاريع الاستثمارية فيه.
ويؤكد مهتمون بالعمل الزراعي في اللواء، أن التقليم مهنة موسمية مدرة للدخل، وتوفر فرص عمل لشريحة واسعة من سكان مناطق اللواء طوال 3 أشهر كاملة هي فترة التقليم، والتجهيز لموسم جديد، على أمل أن يكون ذلك الموسم أفضل من المواسم السابقة.
وتعد مخلفات عملية التقليم، مصدر رزق للعديد من الأسر الفقيرة التي تعتمد على جمعها، وهي عبارة عن أغصان لتحطيبها واستخدامها في فصل الشتاء، وبيع الفائض عن الحاجة لتحصيل مبالغ مالية تمكنهم من سداد احتياجاتهم المختلفة.
المواطن علي البشتاوي من سكان اللواء، يقول "إنه يحرص على العمل في مجال التقليم في منطقة الشيخ حسين، وإنه يحصل على أجرة يومية تقدر بحوالي 30 دينارا، ما يسهم في تخفيف الضغط المالي وتوفير احتياجات أسرته، خصوصا أن ارتفاع الأسعار طال العديد من المواد الغذائية دون العمل على رفع أجرة العمال أو العمل على متابعتهم مما أدى إلى انتشار الفقر والبطالة في اللواء".
وأكد البشتاوي، "أن للتقليم أهميته الزراعية في توفير فرص عمل للشبان ولأصحاب المناشير الآلية وتجار الحطب، والكثير من الآباء يحرصون على تعليم أبنائهم هذه المهنة للعمل الموسمي في مزارع الحمضيات، لا سيما أن أجور التقليم قد تحسنت خلال السنوات الأخيرة وبات العمل في هذا المجال أمرا مجديا".
أما أسامة من منطقة المنشية، والذي يمتلك منشارا آليا لتقطيع الأخشاب، فيقول "إن موسم التقليم يمنحه فرصا إضافية للعمل، ويسهم في إنعاش مهنته"، مشيرا إلى "أن عمله كان سابقا يقتصر على تقطيع الحطب ضمن نطاق محدود جدا".
وبين أسامة، "أن ذروة عمله تبدأ مع بداية شهر كانون الثاني (يناير) وتنتهي مع نهاية آذار (مارس)"، مشيرا إلى "وجود إقبال كبير على اقتناء حطب الحمضيات من الأهالي، ما ساعده في تحقيق المزيد من الأرباح".
ويؤكد المزارع ماهر العلي، وهو صاحب مزرعة حمضيات، "أن بيع مخلفات التقليم من الحطب أصبح يدر عليه أرباحا كبيرة، وأن شجرة الليمون وما تحتاجه من عناية طوال الموسم توفر فرصة عمل للعديد من الشبان وتحقق دخلا جيًا لهم، وخاصة العمل في مهنة تقليم الأشجار وجمع الأغصان المقلمة".
من جهته، يؤكد مدير حراج زراعة لواء الغور الشمالي، المهندس محمد النعيم، "أن عملية التقليم السليمة للأشجار تستهدف التخفيف من أغصان الشجرة، لمساعدتها على التهوية ووصول أشعة الشمس على نحو جيد إلى كل أنحائها، وإفساح المجال أمام الأغصان الفتية للنمو". ودعا، إلى "ضرورة التقليم سنويا وعلى نحو خفيف والابتعاد عن التقليم الجائر الذي يجعل الشجرة تخسر جزءا كبيرا من الأغصان، وبالتالي حدوث ظاهرة (المعاومة)، بقلة الثمار في الموسم الذي يجري فيه التقليم"، لافتا إلى أهمية وعي المزارعين بهذه الحقائق العلمية.
وأضاف النعيم، "أن الموعد الأمثل للتقليم يبدأ بعد زوال خطر الصقيع إذا كانت الأشجار ضمن المناطق الأشد برودة أو في الخريف، وبعد انتهاء موسم القطاف مباشرة بالنسبة للمناطق الدافئة"، موضحا، "أن هنالك أنواعا عديدة للتقليم، منها تقليم التربة أو تقليم الأشجار الفتية، أو تقليم الأشجار البالغة، وأخيرا تقليم التجديد أو تقليم الأشجار الهرمة".
ووفق مصدر في مديرية الزراعة في لواء الغور الشمالي، "فإن وعي المزارع بأهمية التقليم أسهم إلى حد كبير بتغيير المفاهيم الخاطئة حول التقليم، ما أعطى هذه المهنة أهمية خاصة، كونها توفر فائدة مشتركة للأشجار من جهة ووسيلة عيش موسمية مهمة من جهة أخرى، خصوصا في المناطق النائية في لواء الغور الشمالي".
جدير بالذكر، أن زراعة الحمضيات تشكل حوالي 90 % من مجمل العمل الزراعي في اللواء الذي يعمل به غالبية السكان.
الغد