التوجيه الملكي بتشكيل مجلس وطني لتكنولوجيا المستقبل: رؤية إعلامية نحو تمكين المجتمع الرقمي

mainThumb

14-01-2025 10:11 AM

printIcon

في الوقت الذي يشهد ميدان العمل الإعلامي، من تطورات وتحولات جذرية، بسبب التطورات التكنولوجية الهائلة والمتسارعة، ودخول الذكاء الاصطناعي، في إنتاج المواد الإعلامية الرقمية، وتلاشي دور الصحافة التقليدية، التي أعادت إنتاج أشكال ونماذج جديدة من القوالب والأدوات الرقمية المختلفة، أصبح الإعلام الرقمي اليوم هو الموجه والمربي والمحرك الرئيس، الأمر الذي جعل مواكبة هذه التطورات ضرورة استراتيجية ملحة، لضمان التطور التكنولوجي المطلوب.


ناقوس الخطر الذي دقه جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه، أمس الاثنين، من خلال التكليف السامي لدولة رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان، والتي كلفه فيها بتشكيل ورئاسة مجلس وطني لتكنولوجيا المستقبل، وبمتابعة من سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد حفظه الله ورعاه، يعكس حرص جلالة الملك على مواكبة الأردن كدولة متقدمة تكنولوجياً، تتمتع باقتصاد ومجتمع رقمي مزدهر، خصوصا في ظل التنافسية العالمية لتبني واستخدام التكنولوجيا الحديثة، ومن هنا دعونا نتحدث عن أهمية تشكيل مجلس وطني لتكنولوجيا المستقبل من النا?ية الإعلامية.

أدى التطور المتسارع والهائل في عالم التكنولوجيا، إلى إيجاد ضرورة ملحة، لكي تتحمل الدول مسؤولية الاستعداد للمستقبل الرقمي الجديد بشكل أساسي يعتمد على الابتكار الرقمي، والذكاء الاصطناعي، الأمر الذي يبرز أهمية تشكيل مجلس وطني لتكنولوجيا المستقبل، كإطار تنظيمي واستراتيجي يُعنى بالتخطيط ومواكبة المستجدات التقنية، ومن وجهة نظر إعلامية، فإن هذا المجلس لا يقتصر دوره على الجانب التكنولوجي البحت، بل يلعب دوراً محورياً، في إدارة وتوجيه العلاقة بين التكنولوجيا، والمجتمع، من خلال الإعلام.

أصبح الإعلام اليوم هو الوسيلة الأكثر تأثيرًا في بناء وعي الجمهور حول القضايا التقنية، وتعزيز فهمهم للتحولات التي قد تؤثر على حياتهم اليومية، حيث يمكن للمجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل أن يساهم في إعداد استراتيجيات إعلامية متخصصة، من خلال التعاون مع وسائل الإعلام لتقديم محتوى متخصص يشرح المفاهيم التقنية بأسلوب بسيط يناسب جميع فئات المجتمع، بالإضافة لمحاربة التضليل والمعلومات الخاطئة، خاصة مع انتشار الأخبار الزائفة، حيث يُعد الإعلام أداة حاسمة لتصحيح المفاهيم الخاطئة حول التكنولوجيا مثل الذكاء الاصطناعي، وإن?رنت الأشياء، والروبوتات، الأمر الذي يمكن المجلس من توفير مواد موثوقة للإعلام، لتجنب نشر المعلومات المغلوطة، حيث يلعب الإعلام اليوم، دورًا رئيسيًا في فتح قنوات للحوار بين الخبراء، وصناع القرار، والمجتمع، حول التحديات والفرص التي تقدمها التكنولوجيا.

الإعلام اليوم هو المستفيد الرئيس من التقدم التكنولوجي، حيث أسهمت الأدوات الرقمية في تغيير مشهد الإعلام التقليدي، وجعلت من الممكن ايصال الرسائل بشكل أسرع وأكثر دقة. ومن هنا، فإن تشكيل مجلس وطني لتكنولوجيا المستقبل يساعد على: تطوير المحتوى الإعلامي، وتعزيز الصحافة الاستقصائية التقنية، ورفع مستوى التنافسية الإعلامية، وذلك من خلال دعم الابتكارات الإعلامية، وتشجيع البحث العلمي الذي يعتمد على التكنولوجيا مثل الواقع الافتراضي، والواقع المعزز، مما يمنح الإعلام المحلي الأردني، ميزة تنافسية على المستوى العالمي.

تشكيل مجلس وطني لتكنولوجيا المستقبل، يعزز من قدرة الدولة، على التعامل مع الجوانب الاجتماعية للتكنولوجيا من خلال الإعلام، حيث يمكن لهذا المجلس أن يعمل على: تعزيز الثقافة الرقمية، وإدارة الأزمات الرقمية، و تعزيز أخلاقيات الإعلام الرقمي، وذلك من خلال وضع معايير وإرشادات تحكم العلاقة بين الإعلام، والتكنولوجيا، خاصة فيما يتعلق بموضوعات الخصوصية، والبيانات الشخصية.

البحوث العلمية التي أجريناها حول الذكاء الاصطناعي ومواكبة التحولات الرقمية، بينت ان التطورات التكنولوجية القادمة في مجال العمل الإعلامي، ستغيير مشهد العمل الإعلامي بشكل كامل، وستساهم في خلق فرص وظيفية جديدة، وتلاشي أخرى بسبب عدم مجاراتها على مواكبة التطورات التكنولوجية المختلفة.

إن تشكيل مجلس وطني لتكنولوجيا المستقبل، يُعد خطوة استراتيجية تضع المملكة، على طريق الريادة التقنية، وليس فقط من منظور الابتكار التكنولوجي، بل أيضًا من خلال دور الإعلام في بناء مجتمع مستعد للتغيير والتكيف مع المستقبل. الإعلام، كأداة للتواصل والتثقيف، يمكن أن يكون الشريك الأساسي في تحقيق أهداف المجلس، مما يضمن تعزيز وعي المجتمع ودوره في صناعة مستقبل أفضل.