محمد الصمادي
حينما نَرتشِفُ القهوةَ،
تتسلَّلُ إلينا نكهةُ البُعد،
كأنَّها تُقرِئُنا رسائلَ الفقد،
أو تَسكُبُ في أرواحنا مرارةَ الغياب.
نُصافِحُ الغيابَ بأطرافِ أناملنا،
كأنَّنا نُحاولُ أن نُعيدَ ترتيبَ الخواء،
لكنَّ الفراغَ في كفوفنا
أشدُّ ثِقلاً من هذا الليلِ الساكن.
ويُخيفُنا هذا الصمتُ،
كأنَّه مرآةُ أرواحٍ منهكة،
كلُّ جُملةٍ فيها حلمٌ ضائع،
وكلُّ نقطةٍ تُسافرُ نحوَ أفقٍ مَبتور.
تَختبئُ فيه المعاني،
كطفلٍ هاربٍ من أسئلةِ البَرد،
كقصيدةٍ فقدتْ أوتارَها،
وأصبحتْ تَشهَقُ دون صوت.
أيا قهوتي،
كم مرةً احتجتُ لدفء المعنى
في بردِ هذا العالم،
وكم مرةً أشعلتِ في داخلي
نجوماً تُقاوِمُ الانطفاء.
إنَّ ارتشافَكِ ليس عبثاً،
هو محاولةُ النجاةِ من وِحدةِ الفِكر،
هو صِراعُ الروحِ معَ الفراغ،
وأُمنيةٌ صغيرةٌ أن تَبعثي
في قلبي غابةً من الحَياة.
لكن، هل تحملين أجوبتي؟
أم أنَّكِ فقطِ مرآةُ غربتي؟
أيا قهوةَ الصباح،
أخبريني:
هل نَرتشِفُكِ لتكتملَ أرواحُنا،
أم نَغرقُ معَكِ في لُجَّةِ السؤال؟