محمد علي فالح الصمادي
أرواحنا ليست إلا طيورًا مهاجرة،
تحمل أجنحتها ثِقَل الحنين،
وتحلق عبر أزمنة متكسّرة
بين مدن الحلم وأشباح المآسي.
تمضي بنا صوب أفقٍ بعيد،
نرسم فيه على غيماته
ملامح وجوهٍ تسكننا،
ونبحث في كهوف الظل
عن ذاك الدفء القديم.
لكننا لا نُجيد المكوث!
كأن الطيران قدرٌ
نحمله بين ضلوعنا.
في كل محطة نسقط جذورًا
ثم نتركها،
بحثًا عن أرضٍ جديدة
تقبل عطشنا للأمان.
هل نحن منفيون
أم أننا لا نرتوي من فكرة الرحيل؟
هل الأوطان التي نحملها
وهمٌ صنعناه لنغني؟
أم أنها حقيقة تائهة
لم نجدها بعد؟
تقول الأرواح:
"نحن نسكن في الأماكن
التي تمنحنا الحب بلا شرط،
في القلوب التي لا تخذل،
في الصمت الذي يغني عن الكلام."
وتبقى الأسئلة عالقة،
كسماء غائمة
لا تجيد المطر.
في كل طيران
نفقد قطعة من أرواحنا،
لكننا نؤمن أن الطيران وحده
هو ما يرمم الأجنحة.
فيا أيها العابرون بين النجوم،
لا تسألوا عن مواطننا،
فنحن نسكن كل بقعةٍ
تُشعرنا أننا أحياء.
وحين تأتي الأرض الأخيرة،
تلك التي تحتضننا
كأننا زرعنا فيها شجر العمر،
حينها فقط
سيتوقف الطيران،
ويكتمل الغناء.