كتب : وسام السعايدة
منذ عقود طويلة، ظلت الجارة الشقيقة سوريا تمثل رئة حيوية يتنفس بها الاقتصاد الأردني، وشريكًا استراتيجيًا لا بديل له في تعزيز الاستقرار والنمو الاقتصادي. العلاقات الاقتصادية بين البلدين لم تكن مجرد تجارة عابرة، بل شراكة حقيقية قائمة على التكامل، تعكس عمق الروابط التاريخية والموقع الجغرافي الذي جعل منهما كيانًا اقتصاديًا متداخلًا.
قبل انطلاق ثورة الحرية عام 2011، كانت سوريا السوق الرئيسية للتجار الأردنيين، الذين اعتمدوا عليها لتأمين السلع بأسعار منخفضة وجودة عالية، ما عزز من حركة التجارة وأثرى الاقتصاد الأردني. و بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين أكثر من 500 مليون دولار سنويًا قبل 2011 مدعومًا بشبكة متكاملة من البنى التحتية والمعابر الحدودية، أبرزها معبر جابر-نصيب الذي شكل شريان الحياة لهذه العلاقة الحيوية.
لكن، مع اندلاع ثورة الحرية السورية وما تبعها من اضطرابات سياسية وأمنية، تعرضت هذه العلاقة لضربة قاصمة تمثلت في إغلاق المعابر الحدودية، وتعطل حركة التبادل التجاري، لم يؤثر فقط على سوريا، بل ترك بصمات عميقة على الاقتصاد الأردني الذي خسر منفذه الحيوي إلى الأسواق والموارد السورية والى العالم.
ورغم كل ذلك، فإن الأمل في استعادة العلاقات تحديدا الاقتصادية والتجارية لا يزال قويًا. فعودة الاستقرار التدريجي إلى سوريا تفتح الباب أمام إحياء هذا الشريان الاقتصادي.
لا شك أن استئناف العلاقات التجارية بين البلدين ليس مجرد خيار، بل ضرورة اقتصادية وسياسية.
سوريا لم تكن يومًا مجرد جار، بل كانت وستبقى الرئة التي يغذي استقرارها اقتصاد الأردن. وإعادة هذه الشراكة إلى سابق عهدها، بل وتطويرها، هي مسؤولية مشتركة وفرصة لا يمكن التفريط بها، لأنها لا تمثل مصلحة مشتركة فقط، بل حجر الأساس لاستقرار المنطقة بأكملها.