سوريا الجديدة

mainThumb
د. فارس فلاح العطين

24-12-2024 09:49 AM

printIcon


د. فارس فلاح العطين

مما لا ريب فيه بأنه، وفي العلاقات الدولية هناك ما يُعرف في علاقات الدول بأنه لا توجد صداقة دائمة أو عداوة دائمة، ولكن هناك مصالح مشتركة، من خلال المتابعة لما يحدث على الساحة السورية مع القيادة الجديدة، نلاحظ بأن هناك توافد وحراكاً سياسياً كبيراً على دمشق لتأييد ومباركة ما تقوم به القيادة الجديدة للحفاظ على وحدة سوريا واستقرارها حيث كانت تركيا الجارة لسوريا هي أول الداعمين للثورة السورية والمؤيدة لكل خطواتها لاسيما، وأن تركيا قد احتضنت حوالي أربعة ملايين لاجئ سوري منذ بدء الثورة السورية عام 2011 ووصول وفد أمريكي رفيع المستوى لدمشق قبل أيام دفع العديد من الدول إلى القدوم إلى سوريا والتأييد لخطواتها في بناء سوريا الجديدة والبعيدة عن الإرهاب علماً بأنه، وفي العلوم السياسية لا يوجد هناك تعريف موحد للإرهاب تتفق عليه الدول بشكل عام، وإنما كل دولة تنظر إلى مفهوم الإرهاب حسب سياستها وأهدافها الخاصة بها.


ووصول وزير الخارجية التركي لدمشق مؤشر واضح على محاولة تركيا المحافظة على حضورها في سوريا سياساً واقتصادياً؛ لأن ذلك يعتبر مطلباً رئيسياً للأتراك في التعاطي مع النظام الجديد فيها كما وأن قيام قطر بإرسال وفد كبير ورفيع المستوى يشير إلى دور قطر في دعم القيادة الجديدة للبناء والاستقرار لوحدة سوريا وعروضها لتقديم الدعم في مجالات عديدة، ومنها إعادة تأهيل مطار دمشق الدولي كونه بوابة سوريا للعالم الخارجي وكذلك وصول وزير الخارجية الأردني اليوم إلى دمشق هو مهم كون الأردن لها حدود طويلة مع سوريا، وقد تحملت ويلات الثورة السورية منذ أكثر من عقد من الزمان من تهريب الأسلحة والمخدرات والأشخاص الخطرين عبر الحدود واستقبالها لأكثر من مليوني لاجئ سوري، والذي شكل عبئاً كبيراً ومع هذا كان ينظر إليهم كضيوف ولا بد من تقديم العون والمساعدة لهم، بالمقابل نرى بأن هناك العديد من الدول العربية لا تزال تترقب ما يحدث في سوريا، ولا تتعاطى مع القيادة السياسية الجديدة في دمشق بشكل مباشر وواضح.


حيث أرسلت السعودية وفداً متواضعاً من المستشارين في الديوان الملكي السعودي ووزارة الخارجية وكذلك دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي اختصر ذلك على الاتصال الهاتفي بين وزارة الخارجية للبلدين، ما نلاحظه أيضا موقف لبنان الجارة وعدم تعاطيها مع القيادة السورية الجديدة وكذلك العراق علماً بأن النظام العراقي والسوري في السابق يحكمها حزب البعث قبل إسقاطه في العراق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وأخيرا سقوط نظام البعث في دمشق من قبل الشعب السوري، هذا التعاطي من قبل بعض دول آسيا العربية مع القيادة الجديدة في دمشق بالمقابل هناك صمت مطبق فيما يتعلق في إفريقيا العربية وخصوصاً مصر وليبيا وتونس والجزائر علماً بأن معظم الأسلحة الموجودة في سوريا قد نُقِلَت إلى ليبيا لقوات الجنرال حفتر وبإشراف روسي.


أعتقد أن الأسابيع القليلة القادمة ستشهد حراكاً سياسياً كبيراً للعاصمة السورية دمشق من قبل معظم دول العالم، وخصوصا بعد رفع صفة الإرهاب ورعايته عن هيئة تحرير الشام مع العلم بأنه، ولا يزال لبعض الدول التحفظ على التعاطي مع القيادة الجديدة خوفاً من أسلمت سوريا وسيطرة الإسلاميين عليها وهذا ما يُقلق الكيان الإسرائيلي حيث تتمنى إسرائيل بأن تفشل الثورة السورية، ويصبح هناك اقتتال سوري - سوري من أجل إضعافها، وأن لا تشكل خطراً عليها كما وأن إسرائيل تنظر إلى سوريا الموحدة القوية هي بمثابة عمق المقاومة الفلسطينية ضد الكيان الإسرائيلي، وفيما يتعلق بالأتراك، فإن التعاطي المبالغ فيه ودعم القيادة السورية الجديدة قد يؤثر في علاقة تركيا مع دول الخليج، وخصوصاً المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
وكذلك إيران، وأخيرا اعتقد أن سوريا سجل نجاحاً كبيراً في المحافظة على تراب ووحدة الشعب السوري بكافة أطيافه وأقلياته من خلال المشاركة الكبيرة والحضور المميز لكافة السوريين في مؤتمر الحوار الوطني على أرض سوريا الحبيبة.