سهم محمد العبادي
في الأردن، هناك عرف اقتصادي قديم متجدد لا يكتب في الدساتير، ولا يدرس في الجامعات، لكنه يعمل بكل فاعلية على أرض الواقع. إنه عرف "رفع الأسعار أولاً، التبرير لاحقًا، والمعارضة؟ ولا كأنها موجودة".
خذ إحدى شركات الاتصالات مثالًا، اجتمعوا في غرفة سرية، تناولوا القهوة المرة، وتبادلوا الابتسامات التي تحمل في طياتها اتفاقًا غير مكتوب: "نرفع؟ نرفع". وفعلاً، رفعوا. الأسعار ارتفعت، ورسوم الشحن زادت، وكأنهم اتفقوا أن المواطن لديه شجرة نقود في الحديقة الخلفية لمنزله.
ثم تأتي الحكومة، كالعادة، بعد أن "يتم الأمر" وتصدر بيانًا ناريًا: "لا يجوز، يجب الالتزام بالقانون، سنجري دراسة!". دراسة؟ دراسة ماذا يا قوم؟ هل تحتاجون إلى لجنة من 25 خبيرًا لتكتشفوا أن رفع الأسعار يعني زيادة الضغط على المواطن؟
وأما شركات الدخان، فقد أصبحت رائدة في هذا المجال. فجأة، ودون سابق إنذار، يقررون أن السيجارة أصبحت منتجًا فاخرًا، وأن سعرها يجب أن ينافس أسعار الكافيار. طبعًا، عندما تسأل عن السبب، يأتيك الرد الجاهز: "زيادة التكاليف". يبدو أن أوراق التبغ أصبحت تزرع على سطح المريخ، وتحتاج إلى رواد فضاء لحصادها.
القانون؟ آه القانون! في هذه اللعبة، القانون مثل صديق قديم يذكرونه فقط عندما يحتاجونه. حين تُرفع الأسعار، لا يلتفتون للقانون. وحين يأتي صوت خافت يعترض، يفتح القانون عينيه ليقول: "لا يجوز". لكن الحقيقة؟ الأسعار تبقى مرتفعة، والمواطن يرفع يديه إلى السماء بدعاء: "الله المستعان".
يا سادة، لماذا كل هذا التعقيد؟ لماذا لا تعلن الشركات جدولًا سنويًا لرفع الأسعار مسبقًا؟ شيء مثل "تقويم الرفع السنوي"، نحتفل به كما نحتفل بالأعياد. هكذا نكون على علم مسبق، ونوفر على الحكومة عناء إصدار بيانات الشجب، وعلى المواطن عناء البحث عن أرخص بطاقة شحن أو علبة سجائر.
وفي النهاية، تذكروا دائمًا: إن كان هناك شيء واحد لا يرتفع في هذا البلد، فهو رواتبنا. ولذا، كل عام وأنتم بخير، وإن استمر الحال على ما هو عليه، قريبًا سنحتفل بـ"يوم المواطن الذي لم يستطع شراء شيء".