أخبار اليوم - تالا الفقيه - مع بداية كل عام جديد، يحمل الأردنيون آمالًا عريضة وأمنيات بسيطة. يتصدر حلم الوظيفة وتحسن الواقع الاقتصادي قائمة أمنيات الكثيرين، إلى جانب تأمين حياة كريمة لعائلاتهم وتخفيف الأعباء اليومية التي تزداد ثقلاً عامًا بعد عام. ولكن مع مرور الأيام، يجد الكثيرون أن هذه الأمنيات تبقى حبيسة الورق، عاجزة عن مواجهة واقع صعب يفرض نفسه بقوة.
أبو خالد، موظف حكومي في أواخر الأربعينيات، يعبر عن إحباطه بقوله: "كل عام أكتب أهدافًا جديدة، أريد توفير حياة أفضل لعائلتي، لكن كل ما أواجهه هو ارتفاع الأسعار وتآكل الدخل. أصبحت أحلامي مجرد محاولة لتجاوز الشهر بأقل الخسائر".
أما أم علي، وهي أم لأربعة أطفال تعيش في محافظة إربد، فتقول: "كنت أتمنى أن أشتري ملابس جديدة لأطفالي هذا الشتاء، أو أن أتمكن من إصلاح المدفأة، لكن الواقع أقسى من ذلك. حتى الأماني البسيطة أصبحت مستحيلة مع هذه الظروف".
الشباب، الذين يُفترض أن يكونوا الأكثر تفاؤلًا، يجدون أنفسهم محاصرين بواقع لا يتيح لهم تحقيق أحلامهم. أحمد، خريج جامعي عاطل عن العمل منذ ثلاث سنوات، يصف وضعه قائلاً: "حلمي بسيط، وظيفة أستطيع من خلالها بناء مستقبلي. لكن في كل عام جديد، أجد نفسي في المكان نفسه، أبحث بلا جدوى".
الاقتصاد الأردني، الذي يعاني ارتفاع معدلات البطالة والتضخم، يجعل من الصعب على الكثيرين تحقيق أبسط أحلامهم. يقول المحلل الاقتصادي خالد الزعبي: "المواطن الأردني اليوم يواجه تحديات كبيرة. مع كل زيادة في الأسعار أو ضرائب جديدة، تزداد الهوة بين ما يحلم به وما يمكنه تحقيقه".
ورغم كل ذلك، يبقى الأمل صفة متجذرة في وجدان الأردنيين. أم محمود، ربة منزل من الزرقاء، تعبر عن ذلك قائلة: "حتى لو لم تتحقق أمانينا، سنبقى نحلم. الحلم هو الشيء الوحيد الذي لا يمكن لأحد أن يأخذه منا".
في نهاية المطاف، الأحلام وحدها لا تكفي لتغيير الواقع، لكنها تبقى وقودًا يمنح الأردنيين الطاقة للاستمرار. ربما يكون الحل في سياسات أكثر عدالة تدعم المواطن، وتمنحه فرصة لتحقيق ولو جزء بسيط من أحلامه، التي كتبها في دفتره الصغير مع بداية العام.
أخصائية الهندسة البشرية والإنسانية الرقمية الدكتورة رولا عواد بزادوغ قالت أن أمنيات الأردنيين تتكرر مع بداية كل عام جديد، حيث يطمحون لتحقيق أحلامهم في ظل ظروف اقتصادية صعبة وضغوطات يومية متزايدة، ويبقى الحصول على وظيفة مستقرة وتحسين الوضع الاقتصادي من أبرز التحديات التي تواجه المواطنين، في وقت لا تزال فيه البطالة والفقر تؤثران بشكل كبير على حياة العديد من الأسر.
وأشارت بزادوغ أنه في هذه الظروف، لم تعد الأمنيات الفردية مقتصرة على أصحابها، بل تحولت إلى تعبير عن هموم مجتمعية مشتركة ومع تزايد الأعباء اليومية، يشعر الكثيرون بالإحباط حيث تبقى أحلامهم حبيسة الأوراق، بينما يواجهون تحديات الواقع القاسي.
وأوضحت بزادوغ أن تحسين الظروف الاقتصادية يتطلب جهودًا مشتركة من الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، وتشمل الحلول المقترحة تطوير نظام التعليم والتدريب المهني لتلبية احتياجات سوق العمل، ودعم ريادة الأعمال من خلال تقديم حوافز وحاضنات أعمال للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وبينت أن تحسين بيئة الاستثمار وتنمية قطاعات من المحاور الأساسية لخلق فرص عمل جديدة، ومن الضروري أيضًا تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد وتطوير البنية التحتية لتحفيز النمو الاقتصادي، إلى جانب توفير برامج دعم اجتماعي تساعد الأسر ذات الدخل المحدود على مواجهة التحديات اليومية.
من جهة أخرى، أكدت بزادوغ على أهمية الاقتصاد التشاركي كأداة لمعالجة التحديات الاقتصادية، يتيح هذا النهج للأفراد الاستفادة من الموارد المشتركة وزيادة فرص العمل، إضافة إلى تعزيز الابتكار والتعاون المجتمعي.
وأشارت أن الاقتصاد التشاركي يعتمد على مشاركة الموارد والخدمات؛ مما يقلل من الأعباء المالية، ويحفز الاقتصاد المحلي، ويعزز الاستدامة البيئية، كما يوفر فرصًا لتطوير المهارات وتمكين الأفراد من تحقيق استقلال مالي من خلال مشاريعهم الخاصة.
وفي السياق نفسه أوضحت بزادوغ أنه رغم الصعوبات يواصل الأردنيين السعي لتحقيق أمنياتهم، متسلحين بالأمل والعمل المشترك لتجاوز التحديات وكتابة فصل جديد من النجاح الاقتصادي والاجتماعي.