أخبار اليوم - لم تجد الأسرة المعوزة وذات الدخل المحدود في فصل الشتاء بمحافظة جرش، ملجأ سوى محال المستلزمات المستعملة لشراء حاجيات الفصل، من ملابس وأحذية وحرامات ومدافئ وسجاد وأثاث، بسبب الظروف الاقتصادية، وارتفاع تكاليف المعيشة، ما رفع في المقابل أعداد محال الأغراض المستعملة نظرا لإقبال أبناء المحافظة عليها.
وتعد محال الأغراض المستعملة التي تباع فيها مستلزمات شتوية، تصل إلى النصف من سعرها في حال كانت جديدة، لتصبح الخيار المناسب لمختلف الفئات ضعيفة الدخل، وهي توفر أغراضا مستعملة بأسعار مناسبة، بغض النظر عن جودتها، بخاصة وأن الغالبية من الجرشيين يتطلعون لتوفير متطلبات الفصل كالتدفئة والملابس.
وفي ظل ظروف اقتصادية صعبة، تنهش دخولهم، وزيادة متطلبات الحياة وتكاليفها، تضطر الأسر في المحافظة للاستغناء عن تجديد كسوة الشتاء لأفراد العائلة، إلى جانب التقشف مع باقي المستلزمات الأساسية، من سجاد ومدافئ جديدة، وتجهيزات خاصة بالشتاء، لصعوبة ظروفهم الاقتصادية، ولتنصب أولوياتهم على توفير وسائل تدفئة أقل كلفة كمدافئ الحطب.
وفي هذا النطاق، لجأت أسر من ذوي الدخول المحدودة لمحال الأغراض المستعملة كالألبسة والأحذية والمفروشات، لتوفير جزء من مستلزماتهم، لمواجهة الشتاء بتكاليف مالية معتدلة نسبيا، إذ إن هناك بعض الأغراض تباع بأسعار تكون قريبة من الجديدة ولكن بأسعار أقل.
وبعد الإقبال الكبير على محال المستعمل، فقد افتتح مواطنون محال للأغراض المستعملة، لبيع ألبسة وأحذية ومفروشات، في مسعى من الأسر لتوفير بعض المال لمساعدتهم في تغطية نفقات أخرى خاصة بالشتاء وحاجاته كالمحروقات أو الحطب للتدفئة.
المواطن بهجت الزعبي قال إنه اعتاد سنويا في هذا الفصل تجديد ملابس أسرته في الشتاء، مشيرا إلى أن الظروف الاقتصادية الصعبة تتفاقم صعوبتها في كل عام، فتكلفة هذه التجهيزات لا تقل عن 400 دينار، غير أنه وفق ما يقول قام بتخفيضها لهذا العام لتصبح في حدود الـ100 دينار، كي يتمكن من تلبية شراء الحاجيات الضرورية جدا، الى جانب استغنائه عن مستلزمات عديدة أخرى لصعوبة الظروف الاقتصادية.
وأوضح أن الظروف الاقتصادية التي تمر بها معظم الأسر "صعبة كما نرى ونلمس من خلال أوضاعنا في جرش"، لافتا إلى أنه برغم هذا الوضع الصعب إلا أن أثمان المستلزمات الأساسية في ظل انخفاض مستويات الدخل والظروف السياسية التي تمر بها المنطقة، وكذلك ارتفاع اسعار المحروقات، يفاقم الوضع من حيث الصعوبة، بخاصة في فصل الشتاء التي ترتفع فيه تكاليف المعيشة لها بسبب تنوع الاحتياجات فيه، اذ تحتاج التدفئة وحدها لميزانية خاصة.
وبين الزعبي، أن أسعار الملابس والأحذية الشتوية مرتفعة أيضا، ولا تتناسب أثمانها مع أوضاع ذوي الدخل المحدود الذين تتآكل دخولهم الشهرية في كل عام، الى جانب تراكم الديون والقروض على الأفراد، التي تنهش قدرتهم على تغطية الأجزاء الرئيسة من حاجاتهم.
ربة المنزل خديجة ابو صوصين، بينت أنها تلجأ مع بداية كل شتاء لمحال الألبسة والأحذية المستعملة لشراء حاجيات أطفالها الخمسة، بتكاليف محتملة، لكن يبقى عليها الكثير لتغطيته ولكنها لا تستطيع تماما، فهي بحاجة للسجاد ومفروشات شتوية، وتحاول أن تتدبر أمرها من محال الأغراض المستعملة في هذا الجانب، لكنها لا تلبي كل ما تريد من المحال المستعملة، وتوفير جزء من هذه المخصصات لشراء مستلزمات التدفئة.
وأكدت أنها في هذا العام لم تتمكن من شراء سوى القليل من الاحتياجات الضرورية، ولا تقل تكلفتها عن 40 دينارا، كما أنها لا تفي بالغرض، وما تزال بحاجة لمستلزمات كثيرة واحتياجات متعددة لمواجهة فصل الشتاء.
إلى ذلك قال التاجر رضوان المومني، إن حركة البيع والشراء للملابس الشتوية في هذا العام شبه معدومة، برغم انخفاض درجات الحرارة وتخفيض الأسعار، وعمل عروض في المحال التجارية لتنشيط حركة البيع والشراء، لكن جدواها ضعيفة.
وأكد المومني، أن ما يمر به المواطنون من ظروف اقتصادية صعبة، يجعل هذا الشتاء صعبا عليهم، مع زيادة تكاليفه واحتياجاته، وارتفاع سعر المحروقات، إذ تحتاج أسرة عادية في أدنى متطلباتها خلال هذا الفصل لأكثر من 250 دينارا شهريا، وأمام ذلك، فإن الألبسة والأحذية صارت من المطالب غير الضرورية، ويمكن شراء جزء منها من محال مستعملة، تنتشر بشكل كبير نظرا للإقبال عليها في السنوات الأخيرة.
إلى ذلك قال التاجر مالك العياصرة، إن حركة البيع والشراء على الألبسة وباقي المستلزمات الشتوية ما تزال ضعيفة، بخاصة بعد ارتفاع الأسعار، بسبب رفع أجور الشحن والتصدير من مختلف دول العالم، فضلا عن توجه المواطنين إلى التسوق الإلكتروني وتوفير الوقت والجهد وأجور المواصلات.
وأوضح العياصرة بأن المواطنين، بالكاد يوفرون أبسط متطلباتهم اليومية واحتياجاتهم الشهرية، وأهمها حاجاتهم في الشتاء، المتعلقة بتوفير المحروقات الحطب للتدفئة، إلى جانب دفع الفواتير والضرائب قبل نهاية العام.
إلى ذلك قال رئيس غرفة تجارة جرش د. علي العتوم، إن حركة البيع والشراء لمختلف المستلزمات الشتوية من أحذية وألبسة ما تزال ضعيفة ودون المستوى المطلوب، برغم توفير الاحتياجات الضرورية منها في الأسواق، مبينا أن المواطنين القادرين على تجديد مفروشاتهم وشراء ألبسة وسجاد يلجأون لمحال الأغراض المستعملة لتوفير جزء كبير من تكاليف تجديدها لشراء الوقود والمحروقات، وقد لوحظ مؤخرا افتتاح محال كثيرة حتى في القرى والبلدات لبيع الاحتياجات المستعملة بأقل الأسعار.
وأكد العتوم، أن التجار يقدمون حاليا عروضا وتخفيضات وتنزيلات على البضائع الشتوية لتنشيط حركة البيع والشراء بخاصة بعد انتهاء موسم الزيتون، إذ إن آلاف الأسر تعتمد على موسم الزيت والزيتون وتنتظر تسويق منتوجاتهم منه، لبدء شراء مستلزماتهم الشتائة الضرورية، وفي حال بقيت الحركة كما هي، فهذا من شأنه تراكم ديون التجار والتزاماتهم المالية.
في حين يؤكد تاجر الملبوسات المستعملة زهير العياصرة، أن حركة التسوق في بداية الشتاء على الملابس المستعملة جيدة مقارنة بباقي المواسم، بخاصة وأن الأسعار منخفضة وغير مكلفة، وتتوفر فيها المستلزمات الضرورية التي تحتاجها الأسر من ملابس وأحذية وحرامات وأثاث منزلي.
وأوضح أن عدد محال المستعمل مرتفع جدا، وتحولت إلى مهنة معتمدة، توفر فرص عمل لمئات من الشباب المتعطلين عن العمل، لاسيما وأن أجور العمل فيها مناسبة كونها تحقق مبيعات مرتفعة يوميا نظرا للإقبال عليها، وباتت الخيار الوحيد المتبقي للمواطنين في ظل ارتفاع كبير في الأسعار وانخفاض درجات الحرارة، وحاجة كل أسرة لمبلغ شهري لا يقل عن 300 دينار، لتوفير وسيلة تدفئة مناسبة عدا تكاليف باقي المستلزمات الضرورية.
الغد