أخبار اليوم - على خلاف ميزان العرض والطلب، تشهد أسعار بيع المنتوجات الزراعية في وادي الأردن انخفاضا كبيرا على الرغم من تراجع الإنتاج بنسبة زادت على 25 % مقارنة بالموسم الماضي.
ويؤكد مزارعون أنهم لم يشهدوا مثل الأوضاع الحالية سابقا، إذ إن أي تراجع بالإنتاج يقابله ارتفاع بأسعار البيع والعكس صحيح، مشددين: "ينبغي أن يتراجع الإنتاج وتنخفض الأسعار لأقل من تكلفة الإنتاج فهذا أمر لم نعشه سابقا."
ويرجع مزارعون الأوضاع الحالية إلى انعدام حركة التصدير للأسواق الخارجية، والذي أدى إلى تدني أسعار البيع، وانعكس بالتالي على شكل خسائر كبيرة خلال السنوات السابقة حدّت من قدرة عدد كبير من المزارعين على زراعة أراضيهم، ما يبرر انخفاض الإنتاج لمستويات قياسية مقارنة بالمواسم الماضية.
ويوضح المزارع نواش اليازجين أن تكبّد المزارعين خسائر نتيجة توقف حركة التصدير إلى الأسواق الرئيسة حدّ من قدرتهم على العمل، بدءا من استخدام أفضل البذور والأسمدة والتقنيات الزراعية، في حين أن نقص السيولة لم يسعفهم للقيام بالعمليات الزراعية على أفضل وجه، ما أدى إلى تراجع الإنتاج للدونم الواحد، ناهيك عن تراجع المساحات المزروعة أو التي تم تجهيزها للزراعة.
ويضيف: "لا شك أن عوامل توقف التصدير وانخفاض أسعار البيع أثرت على خيارات المزارعين وقراراتهم بتجهيز الأرض وزراعتها، مع علمهم أن الأوضاع لن تكون جيدة،" موضحا أن غالبية المزارعين عانوا كثيرا خلال السنوات الماضية من الخسائر المتوالية التي راكمت عليهم ديونا كبيرة، الأمر الذي حدا بعدد كبير منهم إلى التريث بزراعة الأرض إلى حين معرفة ما ستؤول إليه الأوضاع، خاصة في ما يتعلق بالتصدير.
ويرى المزارع وليد الفقير، أن تدني أسعار البيع مع بدء الموسم بالتزامن مع ارتفاع كلف الإنتاج، يشكل ضربة قاصمة للمزارعين، لافتا إلى أن المزارع مجبر على الاختيار بين أمرين أحلاهما مر، إما الاستمرار بقطف المحصول وتوريده للسوق وتحمل الخسائر على أمل أن تتحسن الأوضاع، أو التوقف للحد من تكبد خسائر إضافية، وفي كلتا الحالتين يبقى هو الخاسر الوحيد.
ويضيف إن الأوضاع الأمنية التي يعيشها الإقليم والتي تسببت بإغلاق الأسواق التصديرية وقطعت طرق التصدير إلى معظم الأسواق العالمية التي كانت تستوعب الكم الأكبر من الإنتاج الخضري الأردني، أرهقت المزارعين نتيجة الخسائر المتتالية، ما يتطلب العمل على إيجاد الحلول الناجعة لدفع القطاع للمضي قدما، موضحا أن الفترة الحالية تعد باكورة الإنتاج الزراعي الفعلي في وادي الأردن، وغياب حركة التصدير إلى الأسواق الخارجية أدى إلى تراجع أسعار بيع المنتوجات إلى أقل من التكلفة، وألحق بهم خسائر كبيرة مع بداية الموسم.
ويحذر مدير زراعة وادي الأردن الأسبق المهندس عبدالكريم الشهاب، من استمرار تدهور القطاع الزراعي الذي يعد ركيزة للأمن الغذائي، مشيرا إلى أن ما يوفره القطاع من منتوجات زراعية على مدار العام تقريبا يعزز من أمن الأردن الغذائي، وأي خلل قد يلحق بالقطاع ومكوناته ستكون له مخاطر كبيرة على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطن.
ويضيف إن القطاع الزراعي يعاني مشكلات مزمنة، تعاظمت في السنوات الأخيرة، وبعضها يعود للتغيرات المناخية، كالصقيع والفيضانات والرياح وتراجع الهطل المطري، وانتشار الأمراض والآفات الزراعية، وارتفاع ملوحة التربة، وبعضها بسبب العشوائیة وعدم وجود تشريعات وقوانين وأنظمة لتنظيم القطاع الزراعي، وأخرى سياسية نتيجة الأوضاع الأمنية في الإقليم.
ويؤكد: "لا توجد أي بارقة أمل بأن تتحسن أحوال القطاع طالما هناك مشكلة تسويق منتوجات بأسعار لا تحميه على الأقل من الخسارة،" موضحا أن المزارع الأردني قادر على القيام بواجبه على أفضل وجه، شريطة أن يجد في نهاية اليوم مقابلا لجهده وتعبه، وإلا فإن أوضاع القطاع ستتراجع أكثر فأكثر.
ويرى رئيس اتحاد مزارعي وادي الأردن عدنان الخدام، أن احتمالية خسارة الموسم دفعت بعدد كبير من المزارعين إلى التوقف عن الزراعة، ما أدى إلى تراجع الإنتاج بنسبة تزيد على 25 % مقارنة بالموسم الماضي، مؤكدا أن مزراعي الوادي ما يزالون يتعرضون لخسائر قاسية منذ ما يزيد على العقد، نتيجة إغلاق الأسواق التصديرية وقطع طرق الشحن للأسواق الرئيسة كتركيا وروسيا وأوروبا.
ويقول: "ما نعيشه الآن من تراجع في الإنتاج وانخفاض في أسعار البيع يعد اختلالا بموازين الطبيعة، فقد اعتاد المزارع عادة أن يكون بين أمرين، إما وجود إنتاج مع تدني الأسعار أو عدم وجود إنتاج مع ارتفاع الأسعار، إلا أنه لم يتصور أن يعيش كلتا الحالتين معا،" مبينا أن تراجع الإنتاج الخضري يؤشر على مدى الخلل الذي لحق بالقطاع الزراعي، وبالمزارع الذي بات يفضل ترك أرضه بورا على زرعها، ويتكبد خسائر لا قدرة له على سدادها كما هو حاصل الآن.
ويؤكد أن استمرار أسعار البيع على ما هي عليه يشكل تحديا أمام استمرار المزارع للفترة المقبلة التي ستحتاج إلى كلف إضافية لمواجهة تقلبات الطقس، مشيرا إلى أن الذين استطاعوا زراعة أراضيهم سيجدون أنفسهم بين أمرين أحلاهما مر، إما أن يتوقفوا عن رعاية محاصيلهم للحد من الخسائر أو الاستمرار بالإنفاق من جيبه على أمل أن تتحسن الأسعار.
من جانبه، يؤكد مدير سوق العارضة المركزي المهندس أحمد الختالين أن واردات السوق اليومية تراجعت بنسبة كبيرة فاقت 25 % مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي, في المقابل فإن أسعار البيع تشهد انخفاضا حادا لجميع الأصناف، وهو أمر لم نعهده سابقا.
ويضيف إن غالبية المنتوجات الزراعية تباع بأقل من كلف الإنتاج، ما يتسبب بخسائر للمزارعين، خاصة وأن كلف القطاف والنقل ورعاية المحاصيل هي ذاتها، سواء كان الإنتاج جيدا أو متدنيا، أملا بأن تسهم الأحوال الجوية المتوقعة بتحسن أوضاع القطاع؛ لأن هطول الأمطار ستكون له آثار إيجابية على الإنتاج والأسعار، وقد يسهم ذلك في زيادة الطلب على المنتوجات داخليا وخارجيا.
وبحسب إحصائيات السوق، بلغت واردات السوق 250 طنا ليوم أمس مقارنة بحوالي 450 طنا للفترة نفسها من العام الماضي، كما بينت أن سعر بيع الخيار تراوح ما بين 1.5 – 2.5 دينار للصندوق، والكوسا بمعدل 1.5 دينار والباذنجان دينار واحد، والفلفل الحار 1.5 دينار، في حين تراوح سعر بيع الفلفل الحلو ما بين 2 – 3 دنانير للصندوق.
الغد