مخيمات النازحين تفترش ساحات وشوارع مدينة غزة

mainThumb
مخيمات النازحين تفترش ساحات وشوارع مدينة غزة

14-12-2024 12:05 PM

printIcon

أخبار اليوم - مع إمعان جيش الاحتلال الإسرائيلي بالإبادة والتطهير العرقي بمحافظة شمال قطاع غزة، تتواصل موجات النزوح نحو مدينة غزة حيث يعيش النازحون أوضاعا إنسانية قاسية داخل مخيمات إيواء مؤقتة.

وشهدت مدينة غزة انتشار مخيمات جديدة في ساحات عامة ونوادٍ وملاعب لاستقبال النازحين من شمال القطاع، تضم مئات العائلات التي اضطرت إلى النزوح تحت تهديد القصف والموت.

وفي هذه المخيمات البدائية، يعاني السكان من نقص حاد في إمدادات الطعام والمياه، إضافة إلى الأجواء المناخية شديدة البرودة التي تزيد من معاناتهم.

ورغم المبادرات الشعبية والخيرية التي تحاول توفير بعض الاحتياجات الأساسية، إلا أن الإمكانيات المحدودة لا تكفي لسد احتياجات يومية.

وقبل بدء العمليات العسكرية في 5 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كان يعيش في محافظة شمال القطاع نحو 200 ألف فلسطيني، إلا أن التهجير القسري أدى إلى نزوح نحو 130 ألف شخص، بحسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

وتوجه النازحون إلى مدينة غزة، خاصة مناطق الغرب والوسط، بعد رفضهم الانتقال إلى جنوب القطاع كما طلب جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وفي ظل سياسية الحصار المطبق على المحافظة، منع جيش الاحتلال الإسرائيلي دخول أكثر من 8 آلاف شاحنة مساعدات وبضائع من الدخول، بحسب بيان للمكتب الإعلامي الحكومي.

وقال مسؤولون أمميون إن الجيش يرفض بشكل متكرر طلبات السماح بإدخال مساعدات للمحافظة التي أعلنتها حكومة غزة في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، “منطقة منكوبة”.

مخيمات جديدة
وعلى مدار أيام حرب الإبادة الجماعية التي سبقت العملية العسكرية في محافظة الشمال قبل نحو شهرين، لم يعتد أهالي مدينة غزة على رؤية تجمعات المخيمات هذه.

فكان كل من ينزح أو يتم تدمير بيته يلجؤون إلى منازل أقاربهم وأصدقائهم أو مراكز النزوح في المدارس والمراكز الصحية، لكن مع ازدياد أعداد نازحي الشمال بشكل كبير لم يعد هناك متسعا في المنازل أو المراكز.

فاضطر النازحون للإقامة داخل هذه الخيام التي لا تحميهم من غارات إسرائيلية قريبة، ولا تقيهم برد الشتاء.

وفي 5 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي اجتاح جيش الاحتلال الإسرائيلي شمال قطاع غزة، ويقول الفلسطينيون إن إسرائيل ترغب في احتلال المنطقة وتحويلها إلى منطقة عازلة بعد تهجيرهم منها تحت وطأة قصف دموي ومنع إدخال الغذاء والماء والأدوية.

وإثر تلك العملية، اضطر عشرات الآلاف من فلسطينيي شمال القطاع إلى النزوح قسرا تجاه مدينة غزة، حيث أقام معظمهم في خيام ومراكز إيواء.

أوضاع صعبة
وفي مخيم جديد أقيم وسط مخيم الشاطئ غرب غزة، نزحت عائلة رشدي غبن من بلدة بيت لاهيا قبل شهر.

يقول إن عائلته تتكون من 13 فردا ولا يوجد لهم معارف أو أقارب في مدينة غزة فاضطر للبحث عن خيمة بعد المبيت ليومين في الشارع.

ويضيف واصفا الحياة في المخيمات: “الوضع في الخيام صعب جدا خاصة في أوقات الليل التي يشتد خلالها البرد لكن يبقى أهون من الشارع والعراء”.

ويتابع غبن “كثير من النازحين من بلدة بيت لاهيا لجأوا إلى الخيام لأنه لا يوجد لهم بديل ومكثوا فيها على أمل الرجوع القريب إلى منازلهم وممتلكاتهم”.

ويشير إلى أنهم لم يرغبوا في “مغادرة بيت لاهيا لولا أن الجيش الإسرائيلي أخرج الجميع منها بالقوة”.

ويختم قائلا: “رضينا في حياة الجوع والعطش داخل منازلنا في بلدتنا حتى لا نخرج منها للخيام، لكن للأسف في النهاية اضطررنا للخروج للحفاظ على أرواحنا”.

غياب البدائل
مخيم آخر أقيم في حي النصر غربي مدينة غزة، تعيش فيه عشرات العائلات النازحة من شمال قطاع غزة.

يقول يحيى زقوت وهو من بين الذين يسكنون المخيم برفقة عائلته: “اليوم لا مكان يؤوي النازحين سوى المخيمات في مدينة غزة لأن البيوت والمدارس لم يعد فيها متسعا”.

ويتابع: “كل شوارع مدينة غزة وساحاتها العامة تحولت لمخيمات تؤوي نازحين… فلا يوجد بديل للناس”.

ووصف حياة الخيام بـ”الصعبة والمرة والممتلئة بالقهر طوال الليل والنهار”.

ولفت زقوت إلى أنهم “رفضوا الخروج من شمال قطاع غزة والنزوح جنوباً بداية الحرب لتجنب حياة الخيام والتشرد”.

وقال “بعد الصمود لأكثر من 14 شهراً أجبرنا الاحتلال على هذه الحياة المليئة بالذل والإهانة والتي لا يوجد فيها أدنى مقومات الحياة الإنسانية”.

ويحكي زقوت “كل ساكن في الخيام يعاني قهرا وألما داخليا لا يمكن وصفه لأن كل تفاصيل الحياة متعبة خاصة مع البرد الشديد في ساعات الليل الذي بات يأكل أجسادنا”.

وأضاف: “نتمنى في أقرب وقت أن ينتهي اجتياح شمال القطاع وتتوقف الغارات والاستهدافات الإسرائيلية ونعود إلى بلداتنا وأحيائنا بسلام”.

أوضاع مأساوية
وتروي الشابة ريم، الفلسطينية والنازحة من شمال غزة، معاناتها، حيث هجرت برفقة أسرتها قسرا تحت القصف الإسرائيلي المكثف والحصار الذي فرضه قوات الاحتلال الإسرائيلية.

وقالت إن رحلة النزوح كانت محفوفة بالمخاطر، خاصة بالنسبة لكبار السن والأطفال الذين عانوا من الجوع والجفاف والعطش.

وأضافت، وصولها لغرب مدينة غزة كان بعد مواجهة أجواء طقس قاسية حيث كان تساقط للأمطار ورياح شديدة.

وأوضحت: “لجأنا إلى مدينة غزة دون أي مأوى يحمي عائلاتنا، نعاني من نقص الملابس والطعام، ونعيش في ظروف قاسية للغاية، ولا أحد يلتفت إلينا بعين العطف أو الرحمة”.

ورغم المعاناة، أعربت الشابة الفلسطينية عن أملها قائلة: “أتمنى أن تنتهي الحرب قريبا وأن أعود إلى منزلي في بلدة بيت لاهيا”.

نزوح شاق وقاسٍ مع طفل معاق
أما محمد أبو عايش، فلسطيني نازح آخر، فقد تحدث عن مأساته قائلا: “نزحنا من شمال غزة بعد أن قصفت قوات الاحتلال إحدى المدارس التي كنا نحتمي بها لمدة 20 يوما”.

وأضاف: “أسفر القصف عن إصابة أكثر من 40 شخصا، بينهم أطفال ونساء”.

وتابع: “اضطررنا إلى الفرار عندما وقع القصف، وتوجهنا إلى غرب مدينة غزة، كنت أعاني أثناء النزوح بسبب عدم وجود وسيلة نقل، واضطررت إلى حمل طفلي المعاق طوال الطريق وسط ظروف قاسية واستهدافات مستمرة”.

وأشار إلى أن الوضع في مخيمات النزوح مأساوي حيث تفتقر لأدنى مقومات الحياة من ماء وطعام وفراش.

بين القصف والنزوح
من جانبها، تحدثت عبير الرضيع، وهي نازحة من بيت لاهيا، عن تجربتها قائلة: “نزحنا تحت القصف والدمار، عشنا أصعب أيام حياتنا، القصف كان من كل جانب، ودُمرت منازلنا بالكامل”.

وتضيف: “لجأنا في البداية إلى المدارس، لكن القوات الإسرائيلية حاصرتنا بالطائرات، ما اضطرنا للنزوح مع الآلاف من السكان”.

وتشير الرضيع إلى تدهور أوضاعها قائلة: “لم نتمكن من حمل سوى القليل من الأغراض معنا، الآن، نعاني من أمراض مختلفة بسبب الظروف السيئة”.

وتابعت: “لا توجد هنا خيام، ولا طعام، ولا ماء صالح للشرب، ولا حتى فراش للنوم، طفلي تعرض لهجوم من كلب، والحشرات منتشرة في كل مكان”.

ولم يسمح الجيش الإسرائيلي للنازحين بحمل أمتعتهم أثناء النزوح، ما جعل حياتهم داخل الخيام ومراكز الإيواء غاية بالصعوبة، وتفتقر إلى أبسط مقومات العيش الإنساني.

وحسب المكتب الإعلامي الحكومي، بلغ عدد النازحين داخل القطاع منذ بدء الإبادة الجماعية الإسرائيلية مليوني شخص من أصل 2.3 مليون إجمالي الفلسطينيين فيه.

وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من151 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة مذكرتي اعتقال أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.