أخبار اليوم - من وسط أزقة مخيم النصيرات المكتظة بالمعاناة، تعيش السيدة الثلاثينية منال محمد واقعًا مريرًا يزيد يومًا تلو الآخر مع خمسة من أبنائها، ثلاثة منهم من ذوي الإعاقة، يجدون أنفسهم أمام عقبات جسيمة في حصار وحرب لا ترحم.
استهلت حديثها عن معاناة أهالي قطاع غزة التي لا تزال مستمرة في ظل وجود المُهدد الرئيسي لحياتهم وهو الحرب حيث القصف "الإسرائيلي" الذى لا يتوقف، والنزوح المتكرر للعائلات من مكان إلى آخر بحثًا عن الأمن والأمان.
فمنذ شهر أكتوبر الماضي، بدأت حالة انعدام جميع الخدمات الحياتية ومستلزماتها، مما أدى إلى حدوث مجاعة حقيقية بين الناس، بسبب منع الاحتلال دخول المساعدات، مشيرة إلى هذا يعاني منه كل فرد يعيش في هذه المدينة المنكوبة.
وتتساءل محمد وهي تنظر إلى أطفالها المرضى، هل لك أن تتخيل تأثير القصف والجوع على تلك الفئة الضعيفة التي تحتاج إلى رعاية صحية وغذائية بشكل مستمر؟
فأكبر أبنائها يبلغ من العمر 20 عاما، ويعاني من مشكلة وراثية تسببت له بتأخر في النمو الجسدي والعقلي، بالإضافة إلى انحناء في العمود الفقري منذ الصغر، فأقعدته أسير كرسي متحرك، وشقيقه الأصغر منه فهو أيضًا يعاني من تأخر في النمو العقلي، والنطق، بينما شقيقتها التي بلغت ١٢ عاماً تشكو من تأخر في النمو العقلي تعاني من ثقب في القلب منذ الولادة.
وتصمت قليلاً ثم تكمل حديثها: "وما يزيد الطين بله أن زوجي بات يشكو من آلام في الظهر والرقبة والركبة فلا يستطيع العمل في بعض الأحيان، وجاءت الحرب لتزيد من وضعنا الاقتصادي سوءًا فأصبح عاطلًا عن العمل".
وتوضح محمد، أن الحرب ألقت بظلالها بشكل كبير على صحة أبنائها النفسية والجسدية، فباتوا ملتصقين بها بصورة كبيرة، وتسببت بتراجع حالتهم الصحية في ظل عدم المتابعة الدورية ونقص الأدوية والعلاجات اللازمة لهم خاصة بعد قصف الاحتلال للمراكز الصحية والتأهيلية.
وتشير إلى أن قبل الحرب كان لأبنائها حياتهم التي يقضون فيها بعض الوقت، أما الآن باتوا يجلسون في البيت على مدار الساعة دون أن يقوموا بأي نشاط، حيث كانوا يذهبون إلى المراكز الصحية والتأهيلية، لكن بسبب الحرب أغلقت هذه المراكز أبوابها، ونزح منها المتخصصون.
وتتابع محمد حديثها: "كما كنت أذهب بابنتي للمستشفى للمتابعة الدورية لأجل مشكلة ثقب القلب، ولكن منذ بدء الحرب لم اتمكن من الذهاب، كما أن الاحتلال قصف المستشفى ودمّر الطرق ليزداد الأمر صعوبة".
وتكمل: "وهناك نقص شديد في كل شيء، خاصة الأدوية الخاصة بأبنائى الثلاثة، بجانب نقص الخضروات والفواكه والمستلزمات البسيطة، لم تبق سوى المعلبات غير الصحية التي تصل إلينا من خلال المساعدات".
وعلى الرغم من تصنيف الاحتلال لمنطقة النصيرات بأنها نقطة حمراء، وإشارات الإخلاء المتكرر، ونزوح أهالي المخيم عدة مرات إلا أنها لم تخرج من منزلها منذ بداية الحرب بسبب وضع أبنائها الصحي، واختارت البقاء رغم عنف القصف، فهي تعلم أن خيام النزوح لن تكون بيئة لأطفالها الذين يتطلعون إلى تغطية صحية خاصة.