أخبار اليوم - تشهد الحركة التجارية في محافظة جرش، ركودا وصف بأنه "غير مسبوق"، ما دفع أصحاب العديد من المحال إلى تقليص عدد الأيدي العاملة أو الاستغناء عنها، بالإضافة إلى اللجوء للعروض والتخفيضات في محاول لإنعاش الحركة.
ووفق تجار، "فإن الأسواق الرئيسة والفرعية وأسواق المخيمات في محافظة جرش، تكاد تخلو من المتسوقين مقارنة بالسنوات السابقة التي كان المواطنون يقومون فيها بشراء مستلزمات الشتاء، لا سيما الملابس والمونة ومتطلبات التدفئة"، مشيرين في الوقت ذاته إلى "ذلك الأمر يفاقمه تراجع السياحة الداخلية بنسبة لا تقل عن 90 %".
وأكدوا أيضا، "أنهم استعدوا لفصل الشتاء من خلال شراء البضائع وجميع المستلزمات بالدين والشيكات المؤجلة لحين بيع هذه البضائع، إلا أن حركة البيع لا تغطي 10 % من هذه التكاليف الكبيرة، مما اضطرهم إلى عمل عروض وخصومات وتخفيضات كبيرة في الأسعار لا تقل نسبتها عن 70 % لتحريك عملية البيع والشراء، لكن دون جدوى".
التاجر عامر بني محمد يقول "إنه اضطر إلى الاستغناء عن بعض الأيدي العاملة وعمل عروض وتخفيضات والبيع بالجملة في محاولة لتنشيط الحركة التجارية التي تعاني من ركود غير مسبوق"، عازيا السبب إلى تداعيات الأحداث التي تعصف بالمنطقة والإقليم، وسوء الظروف الاقتصادية للعديد من المواطنين وانشغالهم فقط بتوفير مستلزمات ومتطلبات فصل الشتاء، لا سيما وسائل التدفئة".
وأضاف بني محمد، "أن العديد من المحال التجارية تظل فارغة أو شبه فارغة، وقد قام أصحابها بتحويل مهنهم الأصلية إلى مهن أخرى، في سبيل توفير مصادر رزق مناسبة تغطي نفقاتهم، على الرغم من أن هذه المهن جديدة عليهم وتحتاج إلى رؤوس أموال وتجهيزات تختلف عن عملهم الأساسي".
أما راشد العضيبات، وهو أحد أصحاب المحال التجارية الكبرى في جرش، فيؤكد من جهته، "أن أغلب التجار يعتمدون على هذه الفترة من العام في تغطية جزء كبير من تكاليف العمل، لا سيما أنه مع نهاية العام تترتب عليهم تكاليف الترخيص ودفع الضرائب وتغطية أقساط الضمان الاجتماعي ودفع الفواتير كافة وتسديد أثمان البضائع، إلا أن حركة البيع والشراء غير مبشرة وتكاد تكون شبه معدومة، خصوصا في الأسابيع الأخيرة الماضية".
وقال العضيبات، "إن أولوية المواطنين في الإنفاق تغيرت وتحولت إلى ثقافة تخزين المواد الغذائية وتوفير وسائل التدفئة ودفع الفواتير والرسوم الضرورية، وتجنب شراء الألبسة والأحذية والإكسسوارات وكافة المستلزمات الأخرى، وتوفير جزء من النقود لحالات الطوارئ".
وكغيره من التجار، لجأ التاجر مهند قوقزة إلى عمل خصومات وتخفيضات وعروض كبيرة على أسعار الألبسة والأحذية على الرغم من الخسائر المالية التي ستلحق به، ساعيا بذلك إلى جذب المواطنين وتشجيعهم على الشراء وتوفير سيولة تمكنه من إيفاء التزاماته الشهرية من أجور محال ودفع الفواتير وتكاليف العمل.
وأوضح قوقزة، "أن هذه الحلول هي الوحيدة المتاحة للتجار، خصوصا أن تجار محافظة جرش وتجار مخيمي سوف وجرش يقدر عددهم بحوالى 3 آلاف تاجر، وجميعهم معيلون لأسر ويوفرون فرص عمل لأبناء مناطقهم، وقد تسببت الظروف الاقتصادية والسياسية التي تمر بها المنطقة في وقف عملهم والاستغناء عن المئات من عمالهم، وقام المئات من التجار بتغيير مهنهم والبحث عن مصادر رزق بديلة في ظل حركة الركود التي تزداد سوءا بشكل كبير".
وبحسب التاجر في مخيم سوف محمود العجوري، "فإن التجار تحولوا من منتجين إلى أسر معوزين غير قادرين على تسديد الالتزامات الشهرية المتراكمة عليهم وعاجزين كذلك عن تشغيل أيد عاملة أو تسديد الالتزامات المالية المتراكمة عليهم لتجار الجملة وأثمان البضائع، لا سيما تجار الألبسة والأحذية والإكسسوارات وتجار الأدوات الكهربائية والأجهزة الإلكترونية".
وأضاف العجوري، "أن سوء أوضاع التجار منعتهم من تجديد ترخيص محالهم أو توفير فرص عمل جديدة أو تجديد بضائعهم، ونحن في بداية فصل الشتاء وضرورة تجديد البضائع الموجودة حاليا لتتناسب مع حالة الطقس خلال الأشهر المقبلة".
إلى ذلك، قالت العاملة منى الصوالحة، وهي من سكان مخيم جرش، إنها "كانت تعمل في المحال التجارية في سوق جرش بأقل أجر، إلا أن حالة الركود دفعت صاحب العمل إلى الاستغناء عن خدماتها بدون أي حقوق عمالية"، مشيرة إلى "أنها وغيرها يعتمدون على المحال التجارية في عملهم كون أبناء مخيم جرش لا تتوفر لهم أي مهن بديلة وجميع الوظائف مغلقة عليهم".
وأوضحت الصوالحة، أنها "حاليا في أمس الحاجة للعمل كوننا مقبلين على فصل الشتاء والعائلة بأمس الحاجة لمستلزمات الشتاء من ملابس ووقود ومواد تموينية ومواد تعزل الأسقف عن مياه الأمطار التي تداهم المنزل كل عام".
أما العامل محمود المصري، فأكد "أنه اضطر لترك العمل في أحد المحال التجارية في سوق جرش نظرا لعجز التاجر عن دفع أجرة العمل وتراكم الديون عليهم"، موضحا، أنه "مضطر حاليا للعمل في المزارع والحقول بأجور منخفضة لتوفير مستلزمات الشتاء".
ولا يختلف الأمر بالنسبة للشاب أسامة غالب الذي يقول إنه عمل طيلة العامين الماضيين في أحد محال الألبسة قبل أن يتم الاستغناء عنه قبل نحو 3 أشهر، مشيرا إلى أنه يعمل حاليا في إحدى ورش البناء على نظام المياومة لتأمين مصروفه اليومي على الأقل، وفق تعبيره.
وأضاف غالب، أن حاله حال الكثير من الشبان الذي يواجهون حالة مستمرة من عدم الاستقرار الوظيفي بسبب اضطرار أصحاب المحال والمنشآت إلى تسريحهم، وهو الأمر الذي ازداد مع ما شهدته الحركة السياحية في المحافظة من تراجع منذ بدء العدوان الصهيوني على قطاع غزة.
وتطرق إلى "أن الغالبية العظمى من عمال المحال التجارية يعملون بلا تأمين صحي أو ضمان اجتماعي بسبب حاجتهم لمصدر دخل ثابت، ومع ذلك لم يشفع لهم الأمر بالاستمرار، حيث يجدون أنفسهم فجأة خارج سوق العمل ليبدأوا بالتالي رحلة بحث جديدة عن مصادر دخل".
بدوره، قال رئيس الغرفة التجارية في جرش الدكتور علي العتوم، إن "الأسواق تكاد تكون خالية حاليا من المتسوقين، لا سيما ونحن في بداية فصل الشتاء وقد استعد التجار لتوفير احتياجات المواطنين كافة من مستلزمات الشتاء".
وأضاف، "أن التجار يعانون من أزمة مالية حاليا بسبب حالة الركود وقد بذلوا جهودا مضنية في تنشيط حركة التسوق لكن دون جدوى، وهذا واضح من خلال الإقبال على الترخيص، فمن بين 5 آلاف تاجر لم يرخص لغاية الآن سوى 1500 تاجر، وهذا عدد متواضع مقارنة مع عدد التجار، وهو مؤشر كبير على سوء أوضاع التجار هذه الفترة".
وأوضح العتوم، "أن المواطنين يعتمدون على موسم الزيتون في شراء مختلف احتياجاتهم، إلا أن هذا الموسم جاء بعكس توقعاتهم، وكميات إنتاج الزيتون قليلة مقارنة بالسنوات السابقة، مما أثر على تجهيزات الشتاء، فضلا عن الظروف الاقتصادية وتغيير الأولويات والاحتياجات".
الغد