بقلم: الصحفي سهم محمد العبادي
في مشهد استثنائي داخل برلمان نيوزيلندا، قام بعض النواب بتقليد رقصة "الهاكا" الشهيرة، تلك الرقصة الماورية التي تحمل رمزية القوة والتحدي، احتجاجاً على قوانين اعتبروها انتقاصاً لحقوق السكان الأصليين.
وبينما اهتزت قاعة البرلمان على وقع أقدامهم، كانت الرسالة واضحة، حين تعجز الكلمات، تتحدث الأجساد بلغة أبلغ وأقوى.
هذا المشهد الذي أثار إعجاب العالم فتح الباب لتأملات أكثر محلية، هل يمكن أن نرى رقصة "الدحية" يوماً تحت قبة البرلمان الأردني؟
تصوروا المشهد معي، جلسة نيابية عاصفة، نقاش محموم حول قانون يثقل كاهل المواطن أو استجواب يُشتمّ منه رائحة صفقات غير مكتملة، فجأة، يقف أحد النواب، يزيل شماغه بحركة درامية، ويبدأ بترديد أولى أبيات الدحية
"يا قانون ما أظلمك... ويا شعب ما أوفاك!"
يلتف حوله زملاؤه في دائرة متماسكة، يصفقون بحماسة وكأنهم في عرس ، وتتحول القاعة إلى حلقة تراثية تبعث الحياة في الجلسة.
الجمهور الأردني المتابع عبر الشاشات سيتابع بدهشة وابتسامة مشوبة بالذهول، وربما حتى رئيس المجلس سيقف في النهاية لينهي المشهد بعبارة "الدحية اكتملت... ونرفع الجلسة!".
إن "الدحية" ليست مجرد أداء تراثي تقليدي، بل هي تعبير عن الحماسة، النخوة، والتمرد إذا لزم الأمر، تماماً كما استخدم النواب النيوزيلنديون الهاكا لإرسال رسالة عميقة عن رفض الظلم، يمكن للدحية أن تصبح في الأردن أداة رمزية للتعبير عن مواقف سياسية أو حتى الاحتجاج على قوانين لا تخدم الشعب.
وإذا نظرنا إلى الحال، فإن الجلسات النيابية أحياناً تبدو أشبه بمسرحيات ارتجالية، فما الذي يمنع من تحويلها إلى مهرجانات تراثية أيضاً؟
الأمر ليس مجرد خيال فكاهي، بل فكرة تحمل في طياتها رسائل عميقة، رقصة الدحية ليست مجرد حركات، بل هي طريقة لإظهار الوحدة والصوت الجماعي.
تخيلوا مدى قرب النواب من الشعب إذا استخدموا أدوات تراثية مألوفة للجميع للتعبير عن مطالبهم أو حتى لإظهار تضامنهم مع القضايا الوطنية.
ما حدث في نيوزيلندا ليس مجرد استعراض، بل درس في كيفية توظيف الثقافة والتراث للتعبير عن مواقف سياسية.
وهنا في الأردن، لدينا إرث غني بالرموز والأهازيج التي يمكن أن تضيف طابعاً حياً ومؤثراً على المشهد السياسي، من الدحية إلى المهاهاة، وحتى أغاني الأعراس الشعبية، كل ذلك يمكن أن يُستخدم بأسلوب يعبر عن هموم الناس بعيداً عن الخطابات المكررة.
قد يبدو الأمر غريباً أو غير تقليدي، لكنه قد يكون أقرب إلى واقعنا مما نتخيل، ربما في جلسة نيابية قادمة، حين يشعر النواب أن كلماتهم لا تُسمع، سيقررون الانتقال إلى مستوى جديد من الاحتجاج، وربما سيهتفون معاً بصوت واحد:
"حي الله نواب الشعب!"
وعندما يأتي ذلك اليوم، لن تكون جلسات البرلمان مملة أو عبئاً على المتابعين، بل ستصبح حدثاً ينتظره الجميع بفارغ الصبر، حيث تتحول القبة إلى ساحة تراثية، والسياسة إلى مشهد فني يمزج بين الاحتجاج والنخوة الوطنية.
*هذا مقال من الخيال ومن يرى أي تطابق مع الواقع يردد وراي... البقااااااااا