أخبار اليوم - سهم محمد العبادي - تصاعدت الخلافات بين نقابة الأطباء وشركات التأمين بشكل غير مسبوق، مما ألقى بظلال قاتمة على قطاع الرعاية الصحية في البلاد.
فقد اتهمت نقابة الأطباء جهات تأمينية بمحاولة إيهام الأطباء بالموافقة على لائحة الأجور الجديدة، مشيرة إلى أن هذه الجهات تسعى لعرقلة جهود تحسين حقوق الأطباء ومستوى الخدمات المقدمة.
النقابة لم تكتفِ بالتصريحات، بل حولت مدير أحد المستشفيات الخاصة إلى مجلس التأديب بعد مخالفته للائحة الأجور، في خطوة تصعيدية تؤكد جديتها في تطبيق القرارات الجديدة.
من جانبها، لم تقف شركات التأمين مكتوفة الأيدي، حيث أعلنت "جمعية التأمينات والاتحاد" عن إلغاء اعتماد بعض الأطباء الذين امتنعوا من تقديم الخدمات للمؤمن عليهم.
واعتبرت الجمعية أن هذا الامتناع يمثل خرقاً واضحاً للاتفاقيات، مؤكدة أن مصالح المؤمن عليهم يجب أن تظل أولوية قصوى. في الوقت نفسه، أعربت "الفاتورة الطبية" عن استيائها من موقف بعض المستشفيات التي أعلنت عدم التزامها بتعليمات النقابة، ما زاد تعقيد المشهد.
القانونيون دخلوا على خط الأزمة، حيث أكد أحد المحامين أن القانون يلزم جميع مقدمي الخدمات الطبية بعدم رفض تقديم العلاج بحجة وجود خلافات مالية.
وأضاف أن المريض يجب ألا يتحمل نتائج هذه النزاعات التي يجب حلها بعيداً عن غرف العلاج وحقوق المرضى.
هذا الموقف القانوني يسلط الضوء على مدى التناقض بين الأطراف المتنازعة، حيث يتذرع كل طرف بأولوية المصلحة العامة، بينما تظل حياة المرضى على المحك.
وفي محاولة لتخفيف حدة التوتر، أعلنت نقابة الأطباء عن مبادرة إنسانية تتضمن علاج المرضى غير القادرين مجاناً.
وأكدت النقابة أن نظام الصندوق التعاوني الذي تسعى لتطبيقه يمثل حلاً شاملاً يحقق التوازن بين حقوق الأطباء وشركات التأمين واحتياجات المواطنين.
ولكن هذه المبادرات لا تبدو كافية لتهدئة مخاوف المواطنين الذين باتوا يشعرون بأنهم الحلقة الأضعف في هذه الأزمة.
من جهته، طالب المواطنون الحكومة بالتدخل الفوري لحل النزاع، مؤكدين أن استمرار هذه الأزمة يهدد حياتهم وصحتهم بشكل مباشر.
تقول أم محمد، وهي ربة منزل تعتمد على التأمين الصحي: "كيف يمكن أن نتحمل هذه الصراعات ونحن بحاجة ماسة إلى العلاج؟ المريض ليس طرفاً في هذا النزاع، يجب أن تتحرك الحكومة فوراً لوضع حد لهذه الفوضى."
أما أحمد، موظف في قطاع خاص، فقد وصف الوضع بأنه كارثي، قائلاً: "هذه الخلافات تعكس استهتاراً بحياة الناس. لا يمكن أن نترك المرضى ينتظرون حلاً وسط صراع المصالح، الحكومة مسؤولة عن فرض حل عادل يحمي حق المواطن في العلاج."
مع استمرار التصعيد بين الأطراف، يبقى المواطن هو الخاسر الأكبر في معركة تتشابك فيها المصالح، دون وجود بوادر لحل جذري قريب. كل طرف يدافع عن موقفه، ولكن الثمن الأكبر يدفعه المرضى الذين ينتظرون العلاج في نظام صحي باتت ملامح الاستقرار فيه غائبة.
ويبقى السؤال، متى ستتحرك الجهات الرسمية لوضع حد لهذه الأزمة التي أصبحت تمثل تهديداً مباشراً لحق المواطن في الحياة؟