د. عبدالكريم اليماني
لقد بات موضوع الطلبة الأردنيين الذين اختاروا الدراسة في المدارس والجامعات التركية قضية تتطلب وقفة جادة من جميع الأطراف المعنية. هذه ليست مجرد مسألة تعليمية، بل هي مسألة مستقبل وحياة ومجتمع. فالعديد من الطلبة الأردنيين وأولياء أمورهم أصبحوا ضحايا ما يمكن أن يُسمى بـ"تجار العلم" الذين يسهلون الطريق إلى شهادات تُباع وتُشترى بلا أساس علمي راسخ.
يتوافد أولياء الأمور على مكاتب خدمات طلابية تُظهر نفسها بمظهر المنقذ الذي يفتح أبواب الجامعات التركية، وتعدهم بقبولات في كليات الطب والهندسة وكأنها غاية سهلة المنال. ما لا يدركه البعض أن كل رغبة تحمل معها تكلفة متزايدة، فكلما كانت الكلية أكثر طموحاً، ارتفعت الرسوم وكأن التعليم بضاعة في سوق المزادات، يُتاجر به دون مراعاة لمؤهلات الطالب أو قدراته الفعلية.
وهنا، يجب أن نتساءل: هل يعلم ولي الأمر خطورة إرسال ابنه إلى جامعات بطرق غير موثوقة؟ كيف يمكن لطبيب أن يعالج المرضى وهو لم يحصل على شهادة ثانوية عامة صحيحة؟ كيف يمكن لمهندس أن يشرف على بناء منشآت دون أساس علمي ثابت؟ تلك هي المعضلة الأخلاقية والمهنية التي يجب أن تُناقَش.
إن وزارة التربية والتعليم، وزارة التعليم العالي، والمستشار الثقافي الأردني في تركيا مسؤولون عن متابعة الطلبة الأردنيين، والتأكد من أنهم حصلوا على معدلاتهم بجدارة. إن الأموال التي تُدفع لتجار الشهادات في تركيا كان من الممكن استثمارها في بناء رياض الأطفال والمدارس والمراكز الثقافية في الأردن، لتعطي ثماراً اجتماعية وتعليمية أفضل بمئات المرات.
إنني أدعو الجهات الرسمية والأهلية، وأدعو أولياء الأمور إلى إعادة النظر والتفكير العميق قبل اتخاذ هذا الطريق الوعر الذي لا يُسفر إلا عن شهادات تُثقل كاهل المجتمع والدولة، وشبابٍ في مهن حساسة دون تأهيل حقيقي.