أخبار اليوم - وسط ظروف معيشية صعبة تحول دون توفر وقود التدفئة، وبقية المستلزمات من ملابس وأغطية ومواد غذائية، تستقبل آلاف الأسر الجرشية المعوزة فصل الشتاء، لا سيما أنهم كانوا يعتمدون على ما تقدمه لهم الجمعيات الخيرية والمتبرعين، في إيفاء أهم متطلباتهم، وهو ما لم يحدث هذا العام.
أحد أرباب الأسر المعوزة، يؤكد "أنه لم يقم بتجهيز أي من مستلزمات فصل الشتاء، وقد بدأت درجات الحرارة بالانخفاض وأصبح تشغيل المدفأة ضرورة ملحة، ولا تتوفر أي مواد وقود لغاية الآن، نظرا لاعتماده على التبرعات كونه يتقاضى راتبا من صندوق المعونة الوطنية وبالكاد يغطي الراتب أجرة المنزل وفاتورة الكهرباء، ويعتمد على التبرعات في توفير أهم مستلزمات أسرته من غذاء وشراب وملابس، ووصفها بالمعدومة هذا العام مقارنة بالسنوات السابقة".
وعلى أمل الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، يجوب الخمسيني، وهو معيل لأسرة مكونة من 6 أفراد، وبحوزته تقارير طبية تؤكد عجزه عن العمل، محال جرش التجارية لجمع ما تجود به أنفسهم لتوفير أهم متطلبات أسرته الأساسية، كون هذه هي الطريقة الوحيدة بنظره بعد توقف المساعدات والمعونات التي تقدمها الجمعيات الخيرية ولجان الزكاة، باستثناء توزيع بعضهم بضعة كيلوغرامات من التمور فقط، وقد كان يعتمد عليهم في توفير جزء من مستلزمات فصل الشتاء وأهمها الوقود.
ويضطر الخمسيني الذي فضل عدم ذكر اسمه، إلى القيام بتشغيل بناته في المحال التجارية لتوفر فرص عمل في المحال التجارية فقط لتوفير أهم مستلزمات الشتاء لأسرته.
أما ربة المنزل أم أيمن (وهو اسم مستعار)، فلم تجد طريقة لتوفير أهم المستلزمات الأساسية لأسرتها سوى شرائها بالدين من محل تجاري قريب من منزلها، على أن تلتزم بالسداد خلال الفترة المقبلة، بينما تأمل في الحصول على بعض المساعدات المادية من أقاربها وجيرانها وأصدقائها بحلول شهر رمضان، كون المساعدات والتبرعات التي تقدمها الجمعيات الخيرية في بلدتها ساكب قد توقفت بشكل كلي من بداية العام بعد تراجعها بعد جائحة كورونا.
وأوضحت، أنها ستقوم بالعمل في تنظيف المنازل لتوفير متطلبات أسرتها قبل انخفاض درجات الحرارة أكثر، وأهم هذه المستلزمات الغاز والكاز والملابس الشتوية والحرامات وسداد الديون التي تراكمت عليها، لاسيما أن زوجها مسجون وهي معيلة لأسرة مكونة من 4 أفراد وتترتب عليها تكاليف مالية كبيرة شهريا.
وأضافت أم أيمن، أنها تستقبل فصل الشتاء بدون مواد غذائية أساسية لأسرتها، ومن المحتمل أن تقوم بالعمل في موسم جني الزيتون، وهو جمع ما تبقى في مزارع الزيتون بعد انتهاء المزارعين من قطاف الزيتون، وتجميع أكبر كمية ممكنة من الزيتون وعصرها وتوفير مونة منزلها من زيت الزيتون.
في المقابل، ما يزال رؤساء الجمعيات الخيرية والتعاونية في محافظة جرش ينتظرون المساعدات العينية والنقدية بفارغ الصبر قبيل دخول فصل الشتاء، تمهيدا لتوزيعها على آلاف الأسر المعوزة التي تنتظرها من عام لعام، وتعتمد عليها في سبيل توفير جزء من احتياجات الأسر اليومية وأهم هذه الاحتياجات الوقود والغاز والملابس والحرامات، بينما تبرز حاجة العديد من أهالي مخيم جرش ومخيم سوف إلى مشمعات بلاستيكية كبيرة لحماية الأسقف من سقوط مياه الأمطار داخل منازلهم التي ما تزال أسقفها من ألواح الزينكو.
وتشكو الجمعيات من تراجع كبير في المصادر التمويلية ومصادر التبرعات، إلى جانب زيادة كبيرة في عدد الأسر المتقدمة بطلبات للحصول على معونات ومساعدات بمختلف أنواعها من الجمعيات، لتوقف مصادر دخل الآلاف من الأسر، خصوصا في مخيمي جرش وسوف، بسبب سوء الظروف المعيشية، وتراجع مصادر الدخل، وتوقف فرص العمل.
ويؤكد رؤساء جمعيات، أنهم بأمس الحاجة حاليا لمساعدات قبل حلول شهر رمضان المبارك، نظرا لحاجة العوائل العفيفة إلى مساعدات بمختلف أنواعها في الشهر الفضيل، وقد أرهقتهم تكاليف وأثمان المحروقات في فصل الشتاء القاسي، مشيرين في الوقت ذاته، إلى أن عدد الأسر المسجلة في الجمعيات ولجان الزكاة والجهات التي توزع المساعدات العينية والنقدية، ارتفع بسبب سوء أوضاع المواطنين الاقتصادية وبحثهم عن المساعدات لتغطية نفقات أسرهم.
وقالوا، إن عدد الأسر المسجلة لا يقل عن 3000 أسرة، فضلا عن عدد مماثل في مخيم جرش لأسر تحتاج إلى مساعدة، حيث تم تشكيل عدة لجان لإحصاء عددهم وتبين أنهم يشكلون نسبة لا تقل عن
50 %، فضلا عن الكشوفات الأساسية التي تعتمد عليها الجمعيات والجهات المتبرعة في توزيع المساعدات والتبرعات.
ووفق رئيس اتحاد الجمعيات الخيرية في جرش زيد زبون، فإن عدد الأسر المسجلة في 144 جمعية خيرية في جرش لا يقل عن 3000 أسرة، فضلا عن 500 أسرة مسجلة في اتحاد الجمعيات الخيرية في جرش، وآلاف الأسر المسجلة في مخيم جرش ومخيم سوف، وذلك بالتزامن مع تراجع نسبة التبرعات والدعم المادي والنقدي المقدم لهذه الجمعيات، لاسيما أنها ما تزال تنتظر التبرعات بداية فصل الشتاء كون الأسر بحاجة إليها لقلة مصادر الدخل وزيادة احتياجات الأسر في فصل الشتاء.
ويرى زبون، أن دور الجمعيات الخيرية يبدأ في هذه الفترة، ويتضاعف خلال شهر رمضان الذي يعد من أهم المواسم التي تحتاج فيها الأسر المعوزة للمساعدات العينية والنقدية، بالإضافة إلى موسم الأعياد.
وبين الزبون، أن الآلاف من الأسر المعوزة في جرش تعتمد على الجمعيات الخيرية في تغطية نفقاتهم، لاسيما أن ظروفهم الاقتصادية في مستويات متدنية جدا، إلا أن الجمعيات الخيرية والتعاونية لا يتم تزويدها بأي تبرعات باستثناء تبرعات من أهل الخير وكميات بسيطة من المساعدات لا تغطي حاجة 5 % من الأسر المعوزة والتي تنتظر دورها.
وأكد، ضرورة أن تتوجه الحكومة لدعم الجمعيات الخيرية، لاسيما أنها ملاذ لآلاف الأسر المحتاجة التي لا يشملها أي برنامج مساعدة من المساعدات التي تقدمها الجهات الحكومية بشكل منتظم للتخفيف على المواطنين.
بدورها، قالت رئيس إحدى الجمعيات الخيرية في بلدة ساكب أم أشرف العياصرة، إن عدد المراجعين لمبنى الجمعية للحصول على مساعدة بالعشرات يوميا، فضلا عن المئات من الأسر المعوزة المسجلة أصلا في الجمعية وتعتمد على المساعدات والتبرعات في تغطية نفقاتهم، فضلا عن تسجيل أكثر من 2000 أسرة بحاجة أصلا لمساعدات في مختلف مناطق وقرى محافظة جرش، وعدم توفر أي مساعدات لتوزيعها بسبب الانتكاسات الاقتصادية التي تعاني منها مختلف القطاعات.
وأضافت العياصرة، أن عدد المساعدات المتوفرة في الجمعية لا تغطي حاجة 5 % من الأسر المحتاجة لعدم وجود أي تبرعات أو مساعدات كما كان قبل الجائحة، التي كانت فيها توزيع المساعدات والطرود ومختلف السلع الغذائية بشكل يومي، وكان يشمل شريحة كبيرة من الأسر في بلدة سوف والقرى المجاورة.
إلى ذلك، تعتمد آلاف الأسر في مخيم جرش على المساعدات والمعونات التي توزعها الجهات التطوعية في المخيم، ومنها تكية أم علي ووكالة الغوث وجمعيات ومواطنون متبرعون من مختلف الجهات، لاسيما أن مصادر رزقهم قد تقطعت، وفق رئيس لجنة خدمات مخيم جرش، خضر العبسي.
وأكد العبسي، أن التبرعات التي يتم جمعها بصعوبة هذه الفترة يتم توزيعها على الأسر الأشد فقرا والأسر التي فيها كبار السن ومرضى يحتاجون العلاج وأطفال دون سن 18 عاما.
وأوضح، أن كمية المساعدات التي تصل المخيم متواضعة مقارنة مع عدد الأسر المحتاجة والأوضاع الاقتصادية التي تمر بها المنطقة، بسبب سوء الظروف الاقتصادية وتوقف مصادر دخل الأسر بسبب الأحداث السياسية التي تمر بها المنطقة وأثرها على العديد من القطاعات، لا سيما السياحية.
من جانبها قالت هبة زريقات، رئيسة إحدى الجمعيات الخيرية في جرش، إن كمية التبرعات والمساعدات هذا العام قليلة مقارنة مع سوء الظروف الاقتصادية والظروف السياسية التي تمر بها المنطقة، التي يعاني منها المواطنون، وزيادة عدد الأسر المسجلة في الجمعيات للحصول على المساعدات بنسبة لا تقل عن 45 %.
وأكدت زريقات، أن المشاريع الإنتاجية التي تديرها السيدات في الجمعيات الخيرية بالكاد تغطي نفقات الجمعية من أجور وضرائب وفواتير وأجور العمالة وأثمان المواد الخام، ولا يمكن الاعتماد عليها في توزيع المساعدات والتبرعات إلا في الحالات الطارئة.
وأوضحت زريقات، أن العبء كبير على الجمعيات الخيرية ولجان الزكاة والجهات التي تقدم التبرعات، خصوصا أن الآلاف من الأسر التي لم تستفيد من برامج التمكين وتقطعت بهم السبل لا يوجد لهم أي ملجأ سوى الجمعيات الخيرية، وانتظار المساعدات العينية والنقدية لتغطية حاجتهم في شهر رمضان، ومن هذه الأسر المعوزة من يعتمد على التسول في تغطية نفقاتهم.
إلى ذلك، قال مصدر مطلع في تنمية جرش، إن وزارة التنمية تقوم بتوزيع المساعدات على الجمعيات الخيرية بشكل منتظم ودوري وحسب ما يتم تزويدها به من الجهات الداعمة، ولا توجد كميات ومواعيد محددة لتوزيعها، خصوصا في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها المملكة، وزيادة عدد الأسر المحتاجة وقلة التبرعات والمساعدات المتوفرة.
الغد