أخبار اليوم - رغم الإجراءات التي اتخذها مزارعو الموز في لواء الغور الشمالي لحماية أشجارهم، إلا أن نهاية تلك الأشجار كانت إلى الاقتلاع، بعد ذبولها، جراء تعرض قطاف الموز إلى الإصابة بمرض "الفيوزاريوم" الفطري، ما ألحق خسائر فادحة بالمزارعين في اللواء، والذين يؤكدون أن الوقت الحالي يعد موسما جيدا للموز الذي يفترض أن يدر عليهم أرباحا تغطي تكاليف العملية الزراعية.
ويؤكد مزارعون، أن الإصابة بالمرض وصلت في بعض المزارع إلى نحو 50 %، وتفاوتت من مزرعة إلى أخرى، مشيرين إلى أن انتشار المرض وعدم وجود علاج ناجع له وضع المزارعين في حالة من القلق والحيرة، في ظل الأوضاع الزراعية الصعبة التي فرضتها الظروف السياسية والاقتصادية، ناهيك عن مشاكل القطاع الزراعي، حيث تسببت تلك الظروف بتراكم الالتزامات المالية عليهم.
ويطالب رئيس جمعية وادي الريان الزراعية، مثقال الزيناتي، مديرية زراعة وادي الأردن، بالعمل على تفعيل دور الإرشاد الزراعي في المديريات الزراعية، والنزول إلى الميدان والتعامل مباشرة مع المزارعين، بدلا من "إعطاء تعليمات زراعية عن بعد، أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي".
وأضاف الزيناتي أن "الفيوزاريوم يعد مرضا فطريا يستوطن التربة ويصيب جذور نباتات الموز، فتظهر أعراض المرض في صورة اصفرار على الأوراق الخارجية يمتد من الأطراف إلى وسط الورقة، مؤديا إلى ذبولها وتكسر أعناقها، فتتدلى حوافها ثم تموت هذه الأوراق وتتحول إلى اللون البني، ما يؤدي إلى إضعاف النباتات المصابة ويؤثر بشكل كبير على عملية إنتاج الثمار".
وأكد الزيناتي، أن جميع أشجار الموز تعرضت إلى الذبول وتمت إزالة الأشجار بشكل كامل بعد أن فشلت جميع المحاولات في العلاج، موضحا أن إعادة زراعتها بعد إصابة الأشجار بالمرض تحتاج إلى حوالي سنتين من الزمن.
ووفق المزارع خالد التلاوي من منطقة الشونة الشمالية، فإن ارتفاع درجات الحرارة التي بلغت ذروتها في المنطقة نحو 44 درجة مئوية خلال الأشهر الماضية فاقمت من حجم الإصابة بالمرض، ما تسبب بخسائر كبيرة للمزارعين، موضحا، أن الأوضاع المناخية السائدة أسهمت في استفحال المرض في بعض الحقول، ما دفع المزارعين إلى ترك المزروعات وأحيانا إحراقها وإعادة حراثتها بانتظار الموسم الجديد.
وأضاف التلاوي، "يلجأ عشرات المزارعين في لواء الغور الشمالي إلى زراعة الموز، كونه من الزراعات الاقتصادية التي تدر دخلا ماليا جيدا للمزارعين، بعكس الخضراوات التي تكلف المزارعين آلاف الدنانير"، مؤكدا أن "أوضاع المزارعين في الوقت الحالي بالغة الصعوبة جراء الكوارث الطبيعية والحرائق الإسرائيلية، ناهيك عن الأمراض الفطرية التي تزيد هموم المزارعين، خصوصا الصغار منهم".
أما المزارع علي القويسم، فقال، إن خسارته في حقل مساحته 69 دونما تقدر بآلاف الدنانير، وبأنه رغم كل المحاولات اليائسة لمعالجة الوضع، سواء بالمواد الكيميائية أو العضوية، إلا أن نسبة الإصابة فاقت 60 %، موضحا، أنه رغم اتباع الإرشادات للتقليل من الإصابة، إلا أنها ما تزال تتفاقم مع ارتفاع درجات الحرارة ونسبة الرطوبة، ومطالبا في الوقت ذاته، سلطة وادي الأردن بالوقوف مع المزارعين من خلال زيادة ساعات الري وإيصال المياه.
ويؤكد المزارع صابر الرياحنة، أن "المرض استفحل في جميع مزارع المنطقة وبشكل متفاوت، خصوصا أن الأجزاء المصابة من الحقل لا يمكن تعويضها نهائيا مع عدم وجود علاجات ناجعة لمكافحة المرض، كما أن تكلفة العلاج مكلفة للغاية"، مطالبا بتكثيف الجهود مع المزارعين للتخلص من المرض وتعويضهم كي يتمكن المزارع من الاستمرار بالعمل الزراعي.
وبحسب مصدر من مديرية الزراعة، فإن مرض "الفيوزاريوم" مرض فطري وينشط في ظل ظروف مناسبة كارتفاع الرطوبة والحرارة وضعف النبات، ويستفحل في الأرض مع زراعة العائل الخاص به وهو الموز، موضحا أن المرض يصيب جذور نباتات الموز عن طريق الجروح الحادثة نتيجة عمليات الخدمة كالتقليم أو الخلع أو إزالة الأعشاب وغيرها.
وأكد المصدر، عدم وجود علاج لهذا المرض، إذ أن جميع الأدوية التي يتم استخدامها حاليا هي لتخفيف حدة الإصابة فقط، في حين تبقى الإجراءات الوقائية هي الحل الأمثل لمعالجة المشكلة، داعيا المزارعين إلى العمل على تعقيم الأرض بالطرق السليمة كالتشميس أو التبخير بالماء، لا سيما أن طرق التعقيم الكيميائية غير مسموحة لضررها الكبير على الإنسان والبيئة، إضافة إلى إراحة الأرض بعدم زراعتها لمدة عام على الأقل، واستبدال زراعتها بمحاصيل أخرى لتقليل الإصابة.
وأشار إلى أن ارتفاع درجات الحرارة له دور كبير في نشاط المرض، خصوصا أن هذا الارتفاع غالبا ما يؤثر على الأوراق الغضة ويؤدي إلى حرقها، وبالتالي إضعاف النبات، لافتا كذلك إلى أن العمليات الزراعية السليمة كالتسميد والري والاهتمام بالنبات لها دور كبير في التخفيف من حدة الإصابة، لأن الشتلات الضعيفة والمنهكة تكون عرضة بشكل أكبر للإصابة بالمرض.
وأضاف المصدر، أن حلول المكافحة الوقائية هي الأنجع لمكافحة هذا المرض، من خلال تعقيم التربة قبل زراعتها وتهوية النبات وتعقيم الأدوات المستخدمة في الزراعة، وعدم زراعة فسائل من تربة مصابة، مشددا على ضرورة التقيد بالدورة الزراعية والعودة لزراعة الصنف البلدي كونه صنفا مقاوما يقلل بنسبة كبيرة الإصابة بالمرض.
كما شدد على أن الإرشاد الزراعي يتواصل مع المزارعين في الميدان ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
الغد