أخبار اليوم - يأتي فصل الشتاء المنتظر للكثيرين؛ ولكن وسط هذه الأجواء، هناك من يعاني، مثل المرضى وكبار السن الذين يواجهون صعوبات بسبب نقص التروية الدموية، خصوصا مع تغيرات الطقس، وانخفاض درجات الحرارة.
ويعد نقص التروية الدموية من أبرز المشكلات الصحية التي تؤثر على هؤلاء، حيث يزداد خطر تفاقم الأعراض لديهم في هذا الفصل، مما يجعلهم بحاجة إلى رعاية خاصة واهتمام إضافي لضمان سلامتهم وراحتهم.
وعلى أبواب فصل الشتاء تتفاقم معاناة كبار السن، تحديدا في الأطراف، حيث يصبح البرد عدوا يضاعف من صعوبة حياتهم اليومية، ويزداد لمن لديهم أمراض مزمنة.
يوضح اختصاصي الطب العام الدكتور مخلص مزاهرة أن مشكلة نقص التروية الدموية في الأطراف تمثل تحديا صحيا واجتماعيا لكبار السن، حيث يتسبب ضعف تدفق الدم في جعل برودة الأطراف وألمها جزءا مؤلماً من حياتهم اليومية، مما يحد من ممارسة الأنشطة اليومية البسيطة.
وينبه الدكتور مزاهرة إلى أهمية توفير العناية الخاصة لكبار السن، من خلال اتباع طرق تدفئة مناسبة وتقديم النصائح الطبية اللازمة للتخفيف من حدة الألم، فدعم كبار السن في هذه الظروف يعزز من سلامتهم.
ويوضح أن كبار السن المصابين بنقص التروية يواجهون صعوبات متعددة، أبرزها شعور دائم بالبرودة في أطرافهم، مثل اليدين والقدمين، ويترافق ذلك مع ألم مستمر قد يتطور إلى مرحلة الالتهاب نتيجة ضعف الدورة الدموية.
يصف بعضهم هذا البرد بأنه يخترق عظامهم، وأن الألم يصبح صعب التحمل، حتى أنهم يفقدون أحيانا القدرة على الإحساس بأطرافهم بشكل طبيعي، مما يؤثر على حياتهم اليومية ويحد من قدرتهم على الحركة.
يشير مزاهرة إلى أن نقص التروية في الأطراف يزيد من الشعور بالبرد، حيث تكون الأوعية الدموية غير قادرة على إيصال الدم بكفاءة إلى الأنسجة، مما يجعل الأطراف أقل قدرة على الاحتفاظ بالحرارة. ويضيف أن كبار السن يصبحون أكثر عرضة للإصابة بالجروح أو التقرحات نتيجة ضعف تدفق الدم إلى الجلد والعضلات.
ويتساءل الكثيرون عن كيفية التعامل مع هذه الحالة في فصل الشتاء. تقول خلود عبد الله: "والدتي تبلغ من العمر 65 عاما، وهي مصابة بمرض السكري. ولأنها تشعر بالبرد كثيرا في الشتاء، كانت تضع قدميها بالقرب من المدفأة، حتى اكتشفنا أنها تعاني من حروق من الدرجة الثانية تحت جواربها، من دون أن تشعر بأي ألم. والسبب في ذلك هو نقص التروية كما أوضح الطبيب".
في ذات الوقت، يؤكد رجائي عبدالرحمن أن والده الكبير في السن لا تنضبط لديه مستويات السكر، ومع قلة الحركة ومكوثه لساعات طويلة على الأريكة دون تحرك، زاد نقص التروية لديه، حيث تظهر فقاعات صغيرة على أصابع قدميه ويتغير لون الجلد، خصوصا في الأجواء الباردة. ويحاولون وإخوته جاهدين أن يبقى في مكان دافئ مع إجراء مساجات خفيفة تساعد في تدفق الدم، إلى جانب إقناعه بالحركة الدائمة. وهو الأمر الذي يتجدد في كل عام في فصل الشتاء.
يوضح مزاهرة، بأن التعامل مع نقص التروية في فصل الشتاء يتطلب اتخاذ إجراءات وقائية حذرة. ويمكن اتباع عدة خطوات لتخفيف معاناة كبار السن، مثل الحفاظ على دفء الأطراف، حيث من المهم الحرص على ارتداء ملابس دافئة، بالإضافة إلى القفازات والجوارب السميكة التي تساهم في حماية الأطراف من البرد. كما يمكن استخدام الملابس الصوفية أو القطنية الطبيعية التي تساعد في الحفاظ على الحرارة. وينصح أيضا بممارسة بعض التمارين الرياضية الخفيفة التي تساهم في تحسين الدورة الدموية. ويمكن للنشاطات البسيطة مثل المشي أو التمارين الخفيفة داخل المنزل أن تساهم في تعزيز تدفق الدم.
وينصح في حالة والدة خلود باستخدام الوسائل الحديثة للتدفئة، مثل اللجوء إلى الوسائد الحرارية أو حمامات الماء الدافئ لتدفئة الأطراف. ومع ذلك، يجب أن يتم ذلك تحت إشراف طبي لضمان تجنب أي حروق أو إصابات غير متوقعة.
وينصح دائما بالمتابعة الدورية مع الطبيب، إذ من الضروري مراقبة الحالة الصحية بانتظام، خاصة في فصل الشتاء. يمكن للطبيب تقديم استشارات مخصصة للحالة، بالإضافة إلى وصف أدوية تحسن الدورة الدموية وتقلل من آثار نقص التروية.
ويؤكد مزاهرة أن الغذاء السليم هو نصف العلاج، إذ يجب على كبار السن الحرص على تناول أطعمة تعزز صحة الأوعية الدموية، مثل الأطعمة الغنية بأوميجا 3 والخضراوات الورقية التي تحتوي على مضادات الأكسدة، والتي تساهم في حماية الأوعية الدموية من التلف.
من جانبه يؤكد اختصاصي علم الاجتماع الدكتور حسين خزاعي، أن كبار السن ومرضى نقص التروية يحتاجون إلى رعاية مجتمعية وأسرية خاصة، إذ لا يمكن التغافل عن أهمية الدعم المجتمعي والأسري لهم. إذ يجب على أفراد الأسرة متابعة أحوالهم ومساعدتهم في توفير الظروف الملائمة لحمايتهم من برد الشتاء. كما يؤكد على أهمية تنظيم حملات توعوية للمجتمع حول كيفية العناية بهذه الفئة في الأجواء الباردة، وتقديم الدعم اللازم لهم.
ويشير إلى أن فصل الشتاء يمثل تحديا حقيقيا لكبار السن المصابين بنقص التروية في أطرافهم، خاصة مع تقدم العمر الذي يزيد من حدة الأعراض. ويظل السبيل الأفضل لحمايتهم هو الجمع بين الرعاية الصحية والنفسية، بالإضافة إلى تقديم الدعم الأسري والمجتمعي الذي يوفر لهم البيئة المناسبة؛ ليقضوا فصل الشتاء من دون مضاعفات صحية.