أخبار اليوم - بدا لافتا في موسم الزيتون الحالي، أن العديد من المزارعين في محافظة جرش، باتوا يطالبون المعاصر بالحصول على جفت الزيتون بعد عصره واستخراج الزيت منه، لاستخدامه لأغراض التدفئة، أو بيعه للمعاصر نفسها وفق آلية يتم الاتفاق عليها.
وتستخدم مادة الجفت على نحو واسع في فصل الشتاء للتدفئة، وأصبحت بديلا مناسبا عن وسائل التدفئة الأخرى التي ترتفع تكلفتها بشكل كبير، حيث تقوم المعاصر بتجميع الجفت في الساحات الرئيسية للمعاصر بشكل بدائي ومكشوف، وتنبعث منها روائح كريهة في المعصرة، ثم يتم بيعه للتجار، فيما يبلغ سعر الطن الواحد 50 دينارا على أرض المعصرة، بينما يقوم التجار بتصنيع الجفت عن طريق وضعه في مكبس خاص وتشكيله وضغطه كقالب واحد، ثم تجفيفه بالهواء الطلق وفي أماكن عشوائية.
ويقول مزارعون "إن المعاصر تأخذ الجفت من المزارعين وتقوم باستثماره، ويعد ذلك ذا جدوى اقتصادية كون الكميات التي تستخرج في كل موسم زيتون كبيرة، ومن الأولى أن يحصل كل مزارع زيتون على كمية مناسبة من الجفت لاستخدامه".
وأضافوا "أن مزارعي الزيتون يعتمدون بشكل كلي على موسم الزيتون في تغطية تكاليف صيانة الأراضي الزراعية والاهتمام بها وتغطية تكاليف الأسر الشهرية والسنوية وتوفير ما تحتاجه الأسرة من وسيلة تدفئة مناسبة في فصل الشتاء، والتي لا تقل تكلفتها عن 300 دينار في أفضل الظروف شهريا، وهي تكلفة مرتفعة مقارنة مع وضع العائلات ومستوى المدخولات المتآكلة، حتى تحولت مادة الجفت إلى بديل مناسب وآمن صحيا في التدفئة".
كما أكدوا "أن المعاصر، وبالإضافة إلى أخذ الجفت، تحصل على أجور العصر، وبهذا تكون تكلفة عصر الكيلو الواحد من زيت الزيتون لا تقل عن دينار مع ثمن الجفت، فمن الأولى أن يحصل المزارعون أنفسهم على مادة الجفت، خصوصا أنه أصبح مادة حيوية وفعالة في وسائل التدفئة ويستخدم كذلك كسماد عضوي للأراضي الزراعية، وفي هذه الفترة، ترتفع أسعار الجفت ويختفي من الأسواق لزيادة الطلب عليه، ولا يقل سعر الطن الواحد عن 100 دينار من دون أجور النقل".
ووفق المزارع محمود العياصرة، فإن "مادة الجفت، وهي من مخلفات عصر الزيتون، كانت قبل نحو عشر سنوات توزع على المواطنين والمزارعين مجانا بهدف التخلص منها، وكان المواطنون يقومون بمعالجتها يدويا ثم تجفيفها واستخدامها في التدفئة، إلا أنه مع انتشار استخدام الجفت في التدفئة على نطاق واسع، ولأنها أصبحت تستخدم كمادة وقود أساسية لمدافئ الحطب تحديدا، والتي يقبل المواطنون على استخدامها بشكل واسع جدا، بدأت المعاصر بمنع المواطنين والمزارعين من الاستفادة منها والحصول عليها".
وأضاف "أن المعاصر تقوم بأخذ الجفت وتجميعه في ساحاتها، ثم تقوم بمعالجته داخل المعصرة وبيعه للمواطنين، ولا يقل سعر الطن الواحد عن 100 دينار، وفي وقت الذروة يتراوح سعر الطن ما بين 130 و150 دينارا، أو تقوم المعاصر ببيعه للتجار مباشرة، ومادة الجفت هي حق للمزارع كونها من مخلفات عصر الزيتون أصلا".
ويرى العياصرة "أن المزارعين في أمس الحاجة إلى مادة الجفت، لا سيما صغار المزارعين الذين ينتمون إلى الطبقات ذات الدخل المحدود، فهم بأمس الحاجة لاستخدام مادة الجفت في التدفئة وتوفير أثمان المحروقات التي ترتفع بشكل مطرد، وتوفير أثمان الحطب كذلك، وهم قادرون على إعادة تدويرها واستخدامها بطريقة آمنة لسهولة التعامل مع الجفت".
بدوره، قال الثمانيني علي عبد الحميد "قبل نحو 20 عاما، كانت المعاصر تقوم بتوزيع الجفت على المزارعين والمواطنين، وكان كل من يرغب في الحصول عليه يأخذ الكميات التي يريدها، لا سيما أن المعصرة كانت ترغب في التخلص منه بأي طريقة".
وأضاف "كان المواطنون يقومون بوضع القليل من الماء على الجفت، ثم يعجنونه يدويا، وبعدها يقومون بتشكيله على شكل كرات صغيرة، ثم تجفيفها تحت أشعة الشمس والاحتفاظ بها لفصل الشتاء لاستخدامها في مدافئ الحطب، وكان الجفت بجودة عالية ولا تتصاعد منه أي أبخرة سامة، أما في الوقت الحالي، فتقوم المعاصر باستثماره أو بيعه للتجار الذين يقومون بغشه وخلطه بالأتربة والحصى لزيادة الوزن والكمية، مما يسبب في تعطل المدافئ وفشلها في التدفئة".
ويعتقد عبد الحميد "أن المزارعين من حقهم الحصول على مادة الجفت، وتقدر الكمية التي يجب أن يحصل عليها بالنسبة إلى كمية الزيتون التي تم عصرها، وهو يتصرف في الجفت ويقوم باستثماره بالطريقة التي يراها مناسبة، أو يقوم بتقدير الكمية وبيعها للمعصرة أو التجار بشكل مباشر، لا سيما أن وضع المزارع في تراجع مستمر، وهو بحاجة إلى أبسط الأشياء لتغطية جزء من تكاليف العمل في هذا القطاع".
إلى ذلك، قال محمد القيام، وهو أحد أصحاب المعاصر في جرش "إن تصنيع مادة الجفت غير مجد للمعاصر لقلة الكميات وتكاليف التصنيع الباهظة"، مما يضطره إلى بيعه للتجار بأسعار زهيدة ومتواضعة، لا سيما أن القدرة المالية للمعاصر منخفضة، وتصنيع الجفت مكلف ولا يتعدى سعر الطن الواحد 80 دينارا، بينما تزيد تكاليف التصنيع على 100 دينار للطن الواحد".
وأضاف القيام "أصحاب المعاصر يقومون بالتخلص من مادة الجفت فور توفر تجار أو متعهدين للحد من الروائح والأضرار البيئية التي يتركها في المعاصر والمناطق المجاورة".
وبحسب المواطن مؤمن حمدان، فإنه قام قبل نحو 5 سنوات باستبدال كامل وسائل التدفئة بالمكيفات، إلا أن استخدامها أثبت ضعفه وعدم قدرته على تدفئة المنزل في حال انخفاض درجات الحرارة بشكل كبير، بينما واجهته كذلك العديد من التحديات، أهمها الانقطاعات المتكررة في التيار الكهربائي، والارتفاع الكبير في قيمة فواتير الكهرباء.
وبين حمدان، في حديثه لـ"الغد" في تقرير سابق، أنه وبسبب ذلك، اضطر بالإضافة لاستخدام المكيفات إلى استخدام مدافئ الكاز في أوقات ذروة البرد، لا سيما مع دخول المساء، مما رفع تكاليف التدفئة لتتجاوز 200 دينار شهريا، ليعود مجددا إلى مدافئ الحطب التي يمكن أن تستبدل بالجفت والأثاث المستعمل والملابس القديمة، ويمكن جمع الحطب من الأراضي والمزارع الخاصة التي تحتاج إلى تنظيف.
وأضاف "أن تكاليف وسائل التدفئة مرتفعة جدا مقارنة مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المواطنون وعجزهم عن شراء مواد الوقود ذات التكلفة المرتفعة، مما يدفعهم إلى استبدال أشكال وسائل التدفئة كافة إلى استخدام مادة الحطب والجفت المتوفرة في المعاصر"، مشيرا إلى "أن سعر الطن الواحد لا يتجاوز 80 دينارا وسعر طن الحطب الواحد يتراوح بين 100 و150 دينارا، حسب نوع الحطب المستخدم، فيما يحتاج كل منزل إلى ما يقارب 3 أطنان من الحطب والجفت خلال فصل الشتاء، خصوصا أن درجات الحرارة منخفضة جدا في محافظة جرش، ولا يمكن الاستغناء عن وسائل التدفئة على مدار الساعة".
من جانبه، أكد مصدر مسؤول في زراعة جرش "أن مخلفات عصر الزيتون نوعان: المخلفات السائلة وهي مادة الزيبار، ويتم التخلص منها عن طريق حفر مصمتة، وكذلك المخلفات الصلبة وهي مادة الجفت، ويتم تجميعها في ساحات المعاصر"، مضيفا أنه يجب أن يتم التخلص منها بطريقة آمنة بيئيا ولا تلحق أي ضرر بالبيئة، وتمهل كل معصرة بعد الإغلاق 6 أسابيع لغاية جمع الجفت والتخلص منه أو استثماره، وبعد هذه المدة يجب أن تكون المعاصر نظيفة تماما من مادة الجفت أو الزيبار.
وأكد "أن كل معصرة تقوم بترك مخلفات العصر بطرق عشوائية وغير منظمة تتحمل المسؤولية ويتم مخالفتها"، مبينا في الوقت ذاته، أن استخدام الجفت لأغراض التدفئة يحد من الاعتداء على الأشجار الحرجية لاستخدامها في أعمال التدفئة المنزلية.
يذكر أن المساحة الكلية لأشجار الزيتون في المحافظة تبلغ 130 ألف دونم، تبلغ نسبة المثمر منها 110 آلاف دونم، وتتوزع بين مختلف المناطق في المحافظة.
وتبلغ المساحة المزروعة بالزيتون في الأردن حوالي 1.280 مليون دونم، تعادل 72 % من المساحة المزروعة بالأشجار المثمرة وحوالي 34 % من كامل المساحة المزروعة في الأردن.
ويقدر عدد أشجار الزيتون المزروعة بحوالي 17 مليون شجرة تنتشر في معظم مناطق محافظات المملكة بدءا من المناطق المرتفعة وحتى مناطق وادي الأردن.
الغد