سهم محمد العبادي
حين يُذكر اسم مشهور حديثة الجازي، يُستحضَر صدى بطولاتٍ تُعانق الشموخ، وأسطورة كرامةٍ صنعتها عزيمة هذا النشمي الأردني، الذي لم يكن مجرد رجلٍ من رجال التاريخ، بل صانعًا له، قائداً بخصال أصيلة تتجسد فيها الفروسية والشجاعة والإيثار.
لم يكن مشهور ممن يترك التاريخ يكتب عنه، بل كان ممن يكتبون التاريخ بأحرفٍ من مجدٍ وعزيمة، في معركة الكرامة الخالدة، حيث كسر أسطورة الجيش الذي لا يُقهَر، أثبت للعالم أن عزيمة الأردنيين قادرة على تحويل الهزائم إلى انتصاراتٍ، وأن الكرامة ليست مجرد كلمة، بل مجدٌ يُصنع على يد بطلٍ لا يهاب.
منذ نعومة أظفاره، تربى مشهور على النخوة والقيم الأصيلة، فكان ابنًا للأردن العظيم، فارسًا و"نشمياً" بأبهى صور العزة والعزيمة، شاباً يحمل في قلبه حب الوطن، فيسعى بعزمٍ لا ينكسر.
قاتل بشموخٍ منذ أيامه الأولى في الميدان، فبرز في معركة كفار عتصيون عام 1948، حيث أصيب ولم يتراجع، مجسداً روح النشامى في أبهى معانيها، ومن عائلة سطرت في تاريخها أمجادًا من العطاء والشهامة، فهو حفيد الشيخ حمد الجازي، أبو البرلمانيين العرب، الذي غرس في أبنائه روح الشجاعة والأصالة.
معركة الكرامة كانت لحظةً فاصلة في تاريخ الأمة، وقائدها مشهور الجازي لم يكن حينها مجرد ضابط يقود رجاله، بل كان صانعاً للكرامة، يعيد للأمة هيبتها المفقودة، لقد أبى إلا أن يكون رمزًا لعزة الأمة، شامخًا أمام العدو، مقاتلاً ببأسٍ لم يكن ينتظر من التاريخ أن يذكره، بل صنعه بنفسه وبكل ما امتلك من شجاعة وإقدام.
تمر ذكرى رحيل هذا البطل اليوم، ولا تزال نساء القرى يتغنين باسمه في الأعراس، وهن يرددن:
"تسلم يا مشهور ترفع الراس بالزود لين صارت الهيه
ترس ليهم بالكرامة متراس كله لعيون الأردنية"
كان مشهور الجازي نموذجًا حقيقيًا للفارس الذي لا تردعه الرياح، ولا ينكسر أمام الشدائد، بل يزداد ثباتًا كالجبل، وتغنى به رفاق السلاح قائلين: "زلمتنا اللي ما تهزّه ريح"، مستذكرين شجاعته في كل شبر قاتل عليه.
وكما قال الأردنيون عنه، كان "النشمي اللي رفع الرأس"، وستبقى ذكراه خالدة في قلوب أبناء الوطن، رمزًا للكرامة والشهامة والنخوة الأردنية الأصيلة.
رحم الله مشهور حديثة الجازي، سيبقى بطلاً لا يُنسى، وأسطورة أردنية عربية أصيلة. كلما بحثت الأمة عن الكرامة، وجدت اسمه منقوشًا على صفحات المجد، صانعاً للتاريخ وملهماً لكل من يسير على درب الشموخ والبطولة