أخبار اليوم - اكد خبراء اقتصاديون ان بلاغ الموازنة العامة للعام 2025 الذي صدر عن الحكومة يتصف بالواقعية في تقديراتها وأرقامها، كما أنها راعت الشفافية والوضوح.
ولفت الخبراء ان تقديرات مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2025 ركزت على مجموعة من التوجهات من أبرزها استكمال تنفيذ برنامج الإصلاح المالي والنقدي وتحقيق أهدافه، ومتابعة تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي وخريطة طريق تحديث القطاع العام
وقال الخبير الاقتصادي والمالي زياد الرفاتي ان الموازنة العامة تمثل الخطة المالية للدولة وما ستقوم به لعام جديد وهي تقديرية بناء على فرضيات ومعطيات محددة تقر مطلع كل عام وجزء من التخطيط الاستراتيجي الاقتصادي والاجتماعي والمالي.
واشار بلاغ مشروع قانون الموازمة العامة للسنة المالية 2025 جاء على أساس توقع معدل نمو الناتج المحلي اجمالي 2،5 % وتضخم المقدر بنسبة 2،2%، حيث تم قياس هذا المعدل اعتمادا على نسبة النمو المتوقع تحقيقها عن كامل عام 2024 بواقع 2،4%، ومعدل النمو الجديد يقع ضمن حدود النمو المتوقع من صندوق النقد الدولي لاقتصادات دول منطقة الشرق الأوسط باعتبارنا جزءا منها والبالغ 4%
واضاف ان هذه النسبة تم افتراضها وقد تتحقق أو لا تتحقق في ظل عدم اليقين و التحديات والمخاطر الاقتصادية والتوترات الجيوسياسية وعدم الاستقرار الاقليمي واستمرار الحرب على غزة ولبنان والتصعيد والختق الاقتصادي في الضفة الغربية وتأثر قطاع السياحة الأكثر تضررا.
وذكر انه تم افتراض نمو الصادرات لعام 2025 بنسبة 0،7% وهي طفيفة، وهذا يستدعي تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتصدير بكفاءة وفاعلية وتحفيز الصناعة المحلية بتقليل كلف انتاجها من المواد الأولية والأجور والمصاريف الصناعية لتستطيع تحقيق المرونة بسعر البيع في الأسواق الخارجية والمنافسة للسلع المشابهة من دول أخرى التي بعضها يتبع سياسة الاغراق لتمتعها بالحوافز والاعفاءات والمزايا الانتاجية والتصنيعية والتصديرية وخطوط الائتمان المخصصة لتمويل الصادرات وبشروط وكلف ميسرة وفترات سداد مرنة ومريحة.
ولفت الى ان المستوردات لعام 2025 فقد افترضت نموها بنسبة 4،1% وتفوق بكثير نسبة نمو الصادرات مما سيوسع العجز في الميزان التجاري وميزان المدفوعات والضغط على العملات الأجنبية في تسوية المعاملات التجارية الخارجية.
وهذا يستدعي الحد من الاستيراد غير الضروري طالما البديل المحلي متوفر بالجودة العالية والسعر المناسب وتشجيع المنتج المحلي الذي يوفر فرص العمل والتوسع الاستثماري والرأسمالي واتباع سياسة الاعتماد على الذات وتحقيق الأمن الغذائي والاستراتيجيات الحكومية الموضوعة لها، في ظل التقلبات بالأسعار العالمية بسبب الحروب واختلال سلاسل الامداد والتوريد والتهديدات في الممرات المائية الحيوية العالمية وارتفاع تكاليف الشحن والتأمين وتداعيات التغير المناخي والجفاف والفيضانات على المحاصيل الزراعية من الحبوب والسلع الغذائية الأساسية ورفع الأسعار.
وبين ان زيادة الاعتمادية على خليط الطاقة المتجددة لتقليل فاتورة المستوردات من الطاقة التقليدية والبحث عن أسواق خارجية لتصدير الكهرباء في ضوء الفائض في انتاج الكهرباء وتسريع اجراءات تزويد المدن الصناعية بالغاز الطبيعي لتقليل كلف الطاقة في الانتاج.
أن الانفاق الرأسمالي ومشاريع رؤية التحديث الاقتصادي ومشاريع الشراكة مع القطاع الخاص هي دعائم النمو الاقتصادي المفترض، ويتطلب توفير المخصصات المالية الكافية لتنفيذها والالتزام بها ومتابعة ومراقبة انفاقها والبحث الجاد في التمويل عن شراكات استراتيجية مع القطاع الخاص لتحقيق الأهداف المرجوة ومستهدفات فرص العمل وخفض معدلات البطالة، وتسريع تنفيذ البرامج والمشاريع التنموية خارج الموازنة العامة المرتبطة بالمنح والمساعدات الخارجية وتقييم الانفاق وفق مؤشرات قابلة للقياس.
وذكر الرفاتي الى ان البلاغ اشار الى اعادة تصنيف نفقات المشاريع الرأسمالية التي يغلب عليها طابع الأنشطة الجارية ضمن النفقات الجارية، وهذا الاجراء يعتبر معالجة لما كان متبعا في سنوات سابقة من الادراج ضمن النفقات الرأسمالية وتضخيمها والاعتماد عليها في احتساب نسبة النمو الاقتصادي.
ولفت الى انه تم رصد مبلغ 100 مليون دينار مخصصات الطوارئ للنفقات الطارئة في موازنة 2024 دينار للتعامل مع المتطلبات المالية في حال حدوث أي تطورات أو مستجدات في حينه، ويفضل تجديد بند التخصيص لعام 2025 وزيادته لمواجهة مخاطر المستقبل و المحتملة بالعام القادم في ظل الظروف الراهنة واتخاذ اجراءات استباقية في الموازنة.
واشار الرفاتي الى ان وفي جانب النفقات العامة فان موازنة 2025 ستبنى على ضبط وترشيد الانفاق العام ورفع كفاءته وانتاجيته، حيث الايرادات المحلية في عامي 2023 و2024 غطت نحو 90% من النفقات الجارية لكليهما، وستبنى أيضا تثبيت أسعار الخبز والغاز والزيادة الطبيعية لرواتب الجهازين المدني والعسكري والتقاعد والاستمرار في تنفيذ السياسات والاصلاحات الهيكلية واحتواء العجز والدين العام، ومن المتوقع أن تستفيد الخزينة العامة من خفض أسعار الفائدة العالمية في عام 2025 والتخفيف من فاتورة الفوائد المدفوعة وانعكاس ذلك على ضبط العجز والمديونية.
والسعي لان تكون الاستدانة الجديدة لاطفاء ديون مستحقة في 2025 وتجنب زيادة رصيد الدين العام قدر الامكان حيث يمكن معالجة الجزء غير المغطى من النفقات الجارية من خلال التخفيض والترشيد فيها للوصول الى نقطة التعادل بين الايرادات المحلية والنفقات الجارية وتمويل النفقات الرأسمالية من خلال جلب الاستثمارات والمنح والشراكة مع القطاع الخاص.
وقال الخبير الاقتصادي حسام عايش ان فرضيات الموازنة جاءت تعبيرا عن توقعات الحكومة للعام القادم والاعوام التالية ومبينة على ماتم تحقيقه عن العام 2024 وتوقعات المنطقة والاقليم في ظل الظروف الاقليمية الراهنة
ولفت عايش الى ان فرضيات النمو الاقتصادي للحكومة لم تكن منسجمة مع توقعات صندوق النقد الدولي حيث صندوق النقد توقع نموا بنسبة 2.9 بالمئة للعام 2024 بينما الحكومة توقعت نموا بنسبة.2.5 بالمئة حيث انها اخدت توقعات البنك الدولي.
واشار عايش الى ان الحكومة توقعت نسبة التضخم فوق ال 2 بالمئة وهذا ربما يكون له علاقة تحسن الانفاق حيث ان هناك تغيرا بسلوك المستهلكين لكن لايوجد ضمانات وان الامور ستسير بهذا الاتجاه حيث ان هذا التغير له علاقة بمعدلات الدخل من الناتج المحلي الاجمالي ومن الواضح أن نسبة 2.5 بالمئة اي بزيادة واحد بالعشرة في المئة عن النمو المتوقع لن تحدث فرقا في معدلات دخل المواطنين
وبين ان الفرضيات المتعلقة في التبادل التجاري تتحدث الحكومة عن 7 المئة نمو في الصادرات العام القادم وهنا كان يفترض تحديد للمصطلحات هل هي صادرات وطنية ام الصادرات الكلية ام اعادة تصدير ولعل هذه التوقعات لنمو الصادرات مرده بقاء حالة عدم اليقين سائدة في الاقليم ام نشاط التبادل التجاري وتأثير ذلك على الصادرات الوطنية
واشار عايش الى انه في جميع الأحوال قيمة الفرضيات الحكومية فيما ستؤدي اليه من نتائج على مستوى تخفيض عجز الموازنة وعلى مستوى تخفيض العجز في ميزان المدفوعات وتقليل اللجوء إلى المديونية وتخفيضها كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي وعلى مستوى العائد المتوقع للمواطنين من الأداء الاقتصادي.
وقال الخبير الاقتصادي والمالي وجدي مخامرة انه بالإشارة إلى موضوع بلاغ الموازنة العامة للعام ٢٠٢٥ الذي صدر عن الحكومة موخراً فإننا يمكن وصف التوقعات الاقتصادية التي تناولها هذا البلاغ بأنها واقعية في تقديراتها وأرقامها. كما أنها راعت الشفافية والوضوح بعيدا عن أي مبالغات تقديرية ورقمية، فضلا على انها عكست توقعات منظومة التحديث الاقتصادي العابرة للحكومات. كما ان بلاغ الموازنة عكس امكانية تحسن طفيف في مؤشرات الأداء الاقتصادي خلال العام ٢٠٢٥ و ٢٠٢٦.
ولفت مخامرة إلى ان هذه التوقعات جاءت منطقية وحذرة وتعكس الواقع في ظل الأوضاع المتوترة التي تشهدها المنطقة في ظل حالة التوتر الجيوسياسي والحرب على غزة ولبنان، إضافة إلى انها جاءت منسجمة ومتقاربة مع توقعات وتقديرات المؤسسات الدولية، لا سيما صندوق النقد والبنك الدولي.
واضاف كما أن توقعات مؤشرات الاقتصاد الوطني التي حملها بلاغ الموازنة العامة للسنة المالية القادمة ٢٠٢٥ تم قياس فرضياتها اعتمادا على معدل النمو المتواضع الذي بنيت عليه موازنة العام الحالي ٢٠٢٤، وهو أقل مما تم ذكره في رؤية التحديث الاقتصادي التي توقعت نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة ٥% في العام القادم.
وأوضح مخامرة أن هذه المؤشرات تعني أن نمو الناتج المحلي لن يكون له القدرة على خفض نسبة الدين العام، الذي يتجاوز ١١٤% من الناتج المحلي الإجمالي، والذي يُتوقع أن يزيد عن تلك النسبة في العام ٢٠٢٥.
وتوقع مخامرة أنه في حال استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ولبنان والذي له تأثير واضح على واقع الاقتصاد الأردني، فمن المحتمل أن تطرأ بعض المراجعات لهذه التوقعات، وإصدار موازنة طوارئ لكن التوجه لهذا الإجراء ما يزال مبكرا.
ولفت الى ان تقديرات مشروع قانون الموازنة العامة للعام ٢٠٢٥ قد تكون ركزت على مجموعة من التوجهات من أبرزها استكمال تنفيذ برنامج الإصلاح المالي والنقدي وتحقيق أهدافه، ومتابعة تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي وخريطة طريق تحديث القطاع العام علاوة على الاستمرار في تنفيذ إجراءات مكافحة التهرب والتجنب الضريبي والجمركي ورفع الموازنة الأمنية والإبقاء على دعم بعض السلع الأساسية،إضافة إلى التأكيد على عدم فرض أي ضرائب جديدة.
وبين ان تواضع نسبة النمو المتوقع للعام ٢٠٢٥ يتطلب من الحكومة العمل بصورة أكبر لزيادة تلك المعدلات وزيادة تدفقات الاستثمار والمشاريع الرأسمالية وفتح الآفاق أمام القطاع الخاص.
الرأي