أخبار اليوم - يرى المنتدى الاقتصادي الأردني أن قرار رفع الحد الأدنى للأجور في المملكة يمثل خطوة ضرورية لتحسين مستوى المعيشة للفئات ذات الدخل المحدود.
واكد المنتدى، في ورقة الموقف الصادرة عنه، على أهمية اتخاذ تدابير متوازنة، مشيرًا إلى أن هذه الزيادة قد تسهم في تعزيز العدالة الاجتماعية وتقليص فجوة الدخل، لكنها قد تشكل ضغطًا إضافيًا على الشركات ذات الموارد المحدودة.
وعلى ضوء ذلك، أوصى المنتدى بتقديم حوافز موجه للشركات الصغيرة والمتوسطة لمساعدتها على التكيف مع قرار رفع الحد الأدنى للأجور، مما يساهم في حماية الوظائف ويحد من أي تأثير سلبي محتمل على معدلات التوظيف.
وأضاف: إن هذه الشركات تعتمد بشكل رئيسي على العمالة ذات الأجور المنخفضة وتشكل جزءًا كبيرًا من الاقتصاد الأردني، حيث توفر فرص عمل لشرائح واسعة من اليد العاملة.
وشدد المنتدى على ضرورة اتباع نهج تدريجي لرفع الحد الأدنى للأجور، بما يتماشى مع معدلات التضخم، لتجنب الضغوط التضخمية على الأسعار في السوق المحلية.
وأوصى أن التدرج في رفع الأجور يسمح بتقييم الأثر الاقتصادي للزيادة بصورة دورية، لضمان ملاءمته للظروف الاقتصادية الراهنة وقدرة أصحاب العمل على تحمل التكاليف المتزايدة.
وفيما يتعلق بتأثير قرار رفع الحد الأدنى للأجور على العمالة المحلية، اشار المنتدى إلى أهمية الحد من استبدال العمالة الأردنية بغير الأردنية، خصوصًا في القطاعات التي تعتمد بشكل أساسي على العمالة غير الماهرة.
وتبعا لذلك، اوصى المنتدى بفرض ضوابط تحفز أصحاب العمل على توظيف العمالة المحلية، إلى جانب تقديم حوافز تساعد على تعزيز مشاركة الأردنيين في سوق العمل، وتحد من الاعتماد على العمالة الأجنبية في هذه القطاعات.
وأوصى المنتدى أن الحد الأدنى للأجور ينبغي أن يغطي شريحة كافية من العاملين ليكون له تأثير ملموس على خفض معدلات الفقر وتحسين توزيع الدخل، مشيرا إلى أن تحديث الحد الأدنى بشكل دوري وفقًا لتغيرات تكلفة المعيشة ومتوسط الأجور يعتبر ضرورة ملحة للحفاظ على فعاليته كأداة لدعم ذوي الدخل المحدود، في ظل الضغوط الاقتصادية المتزايدة.
وبحسب بيانات المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي لعام 2022، بلغت نسبة العاملين الذين يتقاضون أجرًا شهريًا يصل إلى 300 دينار أو أقل حوالي 29.7% من إجمالي العاملين، حيث يشكل الأردنيون 65% من هذه الفئة، بينما يشكل غير الأردنيين النسبة المتبقية.
ويفيد المنتدى بأن نسبة كبيرة من العمالة غير الاردنية تتقاضى أجورًا منخفضة، ما قد يقلل من التأثير الإيجابي لرفع الحد الأدنى على العمالة المحلية، ويزيد من الضغط على سوق العمل، الأمر الذي يستدعي سياسة متوازنة تحقق الاستفادة للعاملين الأردنيين وتحد من المنافسة غير العادلة في سوق العمل.
وفي تعليقه على الورقة، قال رئيس المنتدى الاقتصادي الأردني، مازن الحمود، إن قرار رفع الحد الأدنى للأجور يُعد خطوة في الاتجاه الصحيح لدعم العدالة الاجتماعية وتحسين معيشة الفئات الأكثر ضعفًا، لكن بحاجة إلى سياسة متوازنة تأخذ بعين الاعتبار تأثيرات هذه الزيادة على استقرار سوق العمل ومرونته.
وأكد الحمود، أن المنتدى يقدم توصيات لتحقيق توازن بين تحسين مستوى الدخل وحماية فرص العمل، بما يضمن تحقيق منافع طويلة الأمد لكافة الأطراف.
وأضاف الحمود أن "التدرج في رفع الأجور وربطها بمعدلات التضخم، إلى جانب دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، يمكن أن يوفر بيئة متوازنة للتطبيق ويحمي الاقتصاد من تبعات غير متوقعة".
وأشار إلى أن تقديم حوافز إضافية لأرباب العمل في القطاعات التي تتأثر بشكل مباشر بزيادة الأجور هو أمر ضروري لتخفيف الأعباء التشغيلية على هذه الشركات، خاصة في ظل تزايد التحديات الاقتصادية.
واختتم الحمود بقوله، "إن تعزيز المهارات لدى العاملين، وخاصة فئة العمالة منخفضة الأجور، يشكل جزءًا أساسيًا من أي سياسة لرفع الحد الأدنى للأجور، فالاستثمار في برامج تدريبية تسهم في رفع كفاءة العاملين وتعزز إنتاجيتهم، ما سيمكن الشركات من تحمل تكاليف الأجور المرتفعة ويوفر للعاملين فرصًا أفضل في سوق العمل".
وأكد أن المنتدى يعمل على دعم سياسات اقتصادية تسهم في نمو الاقتصاد الأردني على المدى الطويل، مع الحفاظ على مستويات معيشية ملائمة للعاملين وتحقيق الاستقرار الاجتماعي وتقليل نسب البطالة.
وبدورها، قالت رئيسة قسم الدراسات في المنتدى الاقتصادي الأردني، براء الدميسي، إن المنهجية البحثية التي تم اتباعها للخروج بتوصيات حول الحد الأدنى للأجور استندت إلى بيانات شملت دراسة الظروف الاقتصادية المحلية وتحديد القطاعات الأكثر تأثراً بالسياسات الاقتصادية.
وأضافت الدميسي أن فريق البحث عمل على تحليل بيانات تفصيلية من مختلف المؤسسات الوطنية، بالإضافة إلى الاطلاع على تجارب دولية مشابهة لتحديد المعايير المثلى التي تلائم الوضع الاقتصادي والاجتماعي في الأردن.
وأوضحت الدميسي أن التوصيات تضمنت مراعاة تحقيق التوازن بين تحسين مستويات المعيشة للعاملين من جهة، والحفاظ على استدامة النمو الاقتصادي من جهة أخرى.
كما أكدت أن هذه التوصيات تأتي ضمن رؤية المنتدى لتعزيز السياسات الاقتصادية التي تساهم في توفير فرص عمل كريمة وتحفيز الاستثمارات المحلية، مما يسهم في تحقيق التنمية الشاملة والعدالة الاجتماعية